شن المجلس القومي للمرأة في مصر هجومًا عنيفًا على زواج المصريين من الأخوات السوريات اللاتي لجأن إلى مصر، بسبب جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام الحاكم في سوريا لإبادة المسلمين السنّة في سوريا. نشرت وسائل الإعلام أن ذلك المجلس طالب بعدم الزواج بالسوريات بزعم أن المصرين يتزوجون بتلك الفتيات السوريات، مقابل مبالغ مالية محدودة، يستغلون الظروف السيئة التي تمر بها سوريا، وذلك من خلال مكاتب الزواج أو الجمعيات الشرعية التابعة للمساجد، وأن هذا النوع من الزواج مبني على استغلال الظروف السيئة للزوجات، مما دفع المجلس القومي للمرأة لمناشدة الرئيس مرسي، بالتدخل الفوري لوقف ذلك الزواج. وقد أرسل المجلس القومي للمرأة خطابين إلى اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، والمستشار أحمد مكي، وزير العدل، للمطالبة ب«مساندة الوزارتين لوقف ظاهرة زواج المصريين من اللاجئات السوريات، وعدم استغلال ظروفهن المعيشية السيئة». وأشار المجلس في بيان له، إلى أنه طالع ما نشرته المواقع الإلكترونية بشأن المذكرة التي تقدم بها الاتحاد العالمي للمرأة المصرية بأوروبا إلى الدكتور محمد مرسي، رئيس الجمهورية، وطالب خلالها بالتدخل الفوري لوقف زواج السوريات الموجودات كضيوف بمصر من الشباب المصري مقابل 500 جنيه للزوجة، وانتشار ذلك بمدن 6 أكتوبر، والقاهرة الجديدة، والعاشر من رمضان، ومحافظات الإسكندرية، والدقهلية، والغربية، وقنا. وأوضح المجلس أن عدد هذه الزيجات بلغ 12 ألف حالة زواج خلال عام واحد، مؤكدًا أنه سبق أن أعلن عن رفضه وإدانته الشديدين ظاهرة زواج اللاجئات السوريات من المصريين منذ أن نزحت العائلات السورية إلى مصر كلاجئين. وأكد أن ذلك السلوك يمثل "اتجارًا بالبشر"، ويعد اعتداءً على قيم وحقوق الإنسان وتعارضًا مع المواثيق الدولية. وقد سمعتُ إحدى السيدات العضوات بالمجلس في برنامج تليفزيوني تصف هذا الزواج بأنه "زواج متعة"، وانتقدت الشباب الذي ترك العوانس المصريات وتزوج بالأجنبيات السوريات، وشاركها في البرنامج أستاذ قانون دولي راح يعدد المعاهدات الدولية التي أبرمتها الدول الأوربية فيما بينها لمنع الزواج في حالات النزوح القصري، بسبب الحروب، واستخدم في حديثه كلمات مثل" البغاء"،"تجارة البشر"، "تجارة الأجساد" وهكذا .. هذه هي الهدية التي قدمها المجلس القومي للمرأة للأخوات السوريات المسلمات اللاتي لا يعتبرن من الأجانب في دولة إسلامية. لم نسمع من المجلس أي بيان يدين ما يجرى للمرأة في سوريا، وميانمار وغزة وربما كانت سياسة المجلس "مالناش دعوة ..خلّينا فى حالنا جوه مصر".. فإذا كان ذلك، لم نسمع من المجلس استنكارًا لزواج المصريين من إسرائيليات أو يهوديات ..!! فيا مجلس : هل تعرف قصة سيدات مصريات اعتنقن الإسلام فراحوا وراء الشمس؟ أذكر منهن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة وغيرهما؟ هل تعرف يا مجلس ماذا جرى لهن؟ طبعًا لا.. هؤلاء لسن في اهتماماتك، لأنهن مسلمات ولسن في اهتمامات دول أوروبا وأمريكا، وهي الممول الأول لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني المعني بهذه الأمور، بل وربما كانت التوجيهات تقضي بعدم إثارة هذا الموضوع. لماذا إقحام السيد رئيس الجمهورية في موضوع الزواج من سوريات؟ إنهن يعلمن أنه لا يستطيع قانونًا أن يوقف عقد هذه الزيجات سواء كانت رسمية أو عرفية !! أقول لكم لماذا؟ لكي يهاجمون الرئيس بعد ذلك ويطالبون بإقالة الحكومة وعزل وزير الداخلية ...فهمتم؟ إن القول الفصل في هذا الموضوع ليس للمجلس القومي للمرأة ولا لفقهاء القانون الدولي الذين يضعون ذلك القانون في مرتبة أعلى من الشريعة الإسلامية ..!! إن المختص هو الأزهر الشريف ..هيئة كبار العلماء .. الأزهر هو المختص بالمسائل الشرعية بمقتضى المادة الرابعة من دستور 2012. ومع هذا لم يأت ذكر الأزهر في كلام هؤلاء.. إن الزواج في أحكام الشريعة الإسلامية، سُنَّة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهي عامة مطردة، لا يشذ عنها عالم الإنسان أو عالم الحيوان أو عالم النبات، فقد قال الله عز وجل: )وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [الذاريات:49]، وقال أيضًا: )سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) [يس: 36]، وقال سبحانه وتعالى:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً) [النساء: 1]، وقال : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [الحجرات: 13] . وقد رغب الإسلام في الزواج بصور متعددة في كتاب الله - عز وجل - وفي الأحاديث النبوية الشريفة. واختلاف الدار (الدولة أو الجنسية( ليس مانعًا من زواج المصريين، ولكن اختلاف الدين بين الطرف المسلم والطرف غير المسلم له ضوابط يتعين على المسلم الالتزام بها، ويختلف حكم زواج المسلم بغير المسلمة عن زواج المسلمة بغير المسلم، وزواج المصريين غير المسلمين له - أيضًا - أحكام يتعين الالتزام بها، وخلاصة ذلك أن المسلم لا يجوز له أن يتزوج إلا من مسلمة أو كتابية، والمسلمة لا تتزوج إلا من مسلم، والتفاصيل في كتب الفقه. أمّا وصف زواج المصريين من الأخوات السوريات بأنه زواج متعة أو دعارة أو بغاء أو تجارة بشر أو رقيق أبيض أو تجارة أجساد ..إلخ فهو وصف غير أخلاقي ولا يتفق مع الشرع . إن الشريعة الإسلامية تعلو ولا يُعلي عليها ..وكلمة الله هي العليا.. أما من يجعلون من المعاهدات والقوانين الغربية فوق الشريعة تحت شعارات برّاقة مثل حقوق المرأة وحقوق الإنسان، فقد قال تعالى : (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ). الزمر 45 وإلى هؤلاء الذين (هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ) نقول : إن الشريعة الإسلامية تعلو ولا يُعلى عليها ..وكلمة الله هي العليا..والله عزيز حكيم. [email protected]