اعترف الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة بتصنيف مصر عالميا ضمن أكبر الدول في تجارة الأعضاء البشرية، وهو اعتراف يأتي متزامنا مع اتجاه البرلمان لإقرار مشروع قانون يجيز نقل وزراعة الأعضاء بين المصريين، فيما يخشى أن يؤدي ذلك إلى فتح الباب على مصراعيه أمام تجارة الأعضاء. وطالب الجبلي الذي كان يتحدث أمام لجنة الصحة بمجلس الشورى أمس بالنص على عقوبات مشددة في مشروع القانون بحق المتورطين في عمليات من هذا النوع، مضيفًا: "لابد أن نتشدد في مواد القانون لمنع تجارة الأعضاء البشرية"، وتابع: أنا غير مسئول عن قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية يصدر بدون مواد متشددة. ورفض الجبلي اتباع الإجراءات التي يتم تطبيقها بالولاياتالمتحدة في عمليات زرع الأعضاء، وقال متوجها للنواب: "لا داعي أن نعقد مقارنة بيننا وبين الولاياتالمتحدة.. الدنيا مختلفة ومفاهيم الأمريكان غير مفاهمنا ونحن لم نصل إلى المستوى الأمريكي من ناحية الأداء والرقابة واتخاذ الإجراءات الصارمة مع الأطباء الذين يخالفون أصول المهنة". وكان اجتماع لجنة الصحة ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشورى شهد خلافات شديدة بين النواب حول التعديلات المقترحة على مشروع قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية التي بلغت 154 تعديلا مقدمة من 28 نائبا، وحذر الدكتور صالح الشيمي رئيس لجنة الصحة من استمرار الخلافات وطالب بسرعة إقراره، قائلاً إن "مشروع القانون سوف يتم مناقشته غدا وبعد غد وإن المطلوب الانتهاء من القانون وإعداد المشروع في صورته النهائية خلال هذا الاجتماع". بدورها، أثارت الدكتور مشيرة خطاب وزيرة الدولة للسكان انتقادات النواب بعد أن فوجئوا بتقدمها بعدد من التعديلات على المشروع، وأكدوا أنه طبقا للائحة الداخلية للمجلس فإن هذا الحق للنواب فقط أو الوزير المختص، وقالوا إنه كان يجب أن ترسل تعديلاتها لوزير الصحة على أن يقوم هو بعرضها باسم الحكومة. قاد النواب المعترضين النائب ناجي الشهابي، وأيده النائب اللواء نبيل لوقا بباوي الذي أكد أنه ليس من حق الوزير التقدم بإجراء تعديلات على المشروع وإرسالها إلى المجلس، وقال "مش معقول كل وزير جالس في مكتبه المكيف ويرسل تعديلات إلى المجلس". كما شهد الاجتماع رفض النواب التعديلات المقدمة من الوزيرة يؤيدهم وزير الصحة والتي تطالب فيها بمنع نقل الأعضاء من الأطفال عديمي الأهلية أو من ينوب عنهم أو من يمثلهم قانونا حماية للأطفال من المتاجرة. إلى ذلك، طرح عدد من النواب اقتراحات بأن يكون الإنجاب بين الزوجين هو شرط الجدية في الزواج، لكن النائبة ليلى الخواجة اعترضت على ذلك رافضة أن يكون الإنجاب شرط الجدية، وقالت إن هناك دراسات وإحصائيات عديدة تشير إلى زواج العرب كبار السن من مصريات من اجل الإنجاب وبعد ذلك يقوم بتطليقها وإعادتها إلى مصر. ورفض النواب اقتراحا آخر مقدما من النائب الدكتور المستشار عادل قورة بالأخذ بالقانون الفرنسي في نقل الأعضاء من الأطفال، ودعا النائبان المستشاران رجاء العربي وعبد الرحيم نافع وعدد آخر من النواب منهم الدكتور محمد عوض تاج الدين وزير الصحة السابق إلى تطبيق القانون السويسري في تلك الحالة والذي يقضي بضرورة موافقة ورضا الطفل. من ناحيته، حذر وزير الصحة من خطورة نقل الخلايا الجذعية من الأطفال حتى لا يتحول الأطفال إلى قطع غيار لأطفال آخرين، مدللا بما حدث في إحدى الدول من إنجاب أسرة لطفل مصاب بمرض اللوكيميا وعند إجراء جراحة له ثبت عدم وجود خلاية جذعية مطابقة لنفس الخلايا الموجودة لديه لدى والده وأمه، فقام أحد الأطباء بأخذ عينه من خلية الطفل ومن والديه وتم الحمل بعد 9 شهور لطفل جديد ثم أخذ خلية جذعية منه لشقيقه. فيما رفضت اللجنة تعديلات مقدما من النائب محمد الحلوجي بإعطاء حق للإنسان ناقص الأهلية بالتبرع في أعضائه البشرية، وتساءل: المستشاران عبد الرحيم نافع وكيل المجلس ورجاء العربي رئيس اللجنة التشريعية كيف لا نقبل تصرف ناقص الأهلية في أمواله ونوافق على تصرفه في أعضائه البشرية. وأكد صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى أثناء رئاسته للجنة الصحة على احترام حقوق الإنسان ورفض نقل الأعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام إلا بموافقتهم، مشيرًا إلى أن مصر لن تتحول إلى سوق لتجارة الأعضاء البشرية، مؤكداً أن التعديلات التي أدخلها مجلس الشورى على قانون نقل وزراعة الأعضاء تعطى مزيداً من القوة لمواده. وقال الشريف إنه لا يمكن أن نحرم الأطفال من حق الحياة بمنع نقل الأعضاء فيما بين الأشقاء منهم بصفة عامة لذلك لابد من النص على استثناء يجيز إنقاذ حياة الأطفال. وأكد الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة أن الغرض من القانون التنظيم بين المصريين والأولوية منه هو حماية المصريين، أما ما يخص غير المصريين الموجودين في مصر سوف يتم تنظيم هذه العلاقة من خلال القانون واللائحة التنفيذية حتى لا تكون مصر سوقًا دوليًا لتجارة الأعضاء. وردا على تخوف بعض الأعضاء من استغلال بعض الأجانب لعملية السياحة العلاجية، قال الجبلي إن السياحة العلاجية لا تقوم على نقل وزراعة الأعضاء، ولكن على علاج الإنسان السليم الذي يعانى من أمراض مزمنة أو أمراض الشيخوخة. وطالب الأعضاء بالتشدد في استخدام القانون مع النظر في نفس الوقت بعين الرحمة للحالات الإنسانية الفقيرة مطالبين بضرورة مواجهة سماسرة تجار الأعضاء الذين يعملون في الظلام.