وافق مجلس الشعب مساء أمس من حيث المبدأ على مشروع قانون نقل وزراعة الأعضاء البشرية، بعد جدل بين النواب حول المواد المتعلقة بالتبرع بالأعضاء والمواد المتعلقة بتحديد الوفاة، وسط تأكيدات للدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة على أهمية تمريره لمواجهة ظاهرة الاتجار في الأعضاء البشرية بالبلاد. وقال الدكتور عبد الأحد جمال الدين زعيم الأغلبية البرلمانية إن القانون سيضع حدا للاتجار بالأعضاء البشرية وابتزاز المرضى باعتبارها مسألة حياة أو موت، وإن من شأنه الإسهام في إنقاذ أرواح البشر، وأيده النائب الدكتور زكريا عزمي قائلا إن القانون سيضع حدا لتجارة الأعضاء "اللي بقت عيني عينك في البلد". في المقابل، طالب الدكتور محمد سعد الكتاتني زعيم الكتلة البرلمانية ل "الإخوان المسلمين" بإعادة النظر في مواد العقوبات، وقال: نحن في حاجة إلي مثل هذا القانون بشرط وضع الضوابط خاصة بعد أن أصبحت مصر تصنف الدولة الثالثة عالميا في تجارة ونقل الأعضاء البشرية. أما النائب الدكتور محمود أباظة رئيس حزب "الوفد" فأبدى تحفظه علي تشكيل اللجنة الثلاثية المخول لها الموافقة على عمليات نقل الأعضاء البشرية من أطباء فقط مطالب بإضافة شخصيتين قضائيين لعضويتها إلى جانب الأطباء، وذلك ضمان صحة إجراءات عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية والتي لا يجب أن يتحملها الأطباء المكلفون بإنهاء العمل الفني فقط. في حين أبدى النائب محمد أبو العنين تحفظات علي مشروع القانون، ومنها أنه لم يوضح آليات تعويض المنقول منه عن الأمراض التي يمكن أن تحلق به وأنه لم يوضح كيفية التعامل مع ضحايا حوادث الطريق وكذلك المحكوم عليهم بالإعدام. وبينما أشار النائب علم الدين السخاوي إلى وجود غموض في القانون ومنها أنه لم يذكر التبرع من أجنبي لمصري، وتساءل: هل يمكن أن يتبرع الأجانب للمصريين دون عائق، عبر كرم الحفيان النائب عن الحزب "الوطني" عن رفضه للقانون لما يمثله من حرمان للحياة بسبب ما يتضمنه المشروع من اعتبار جذع المخ موتا رغم أن موت جذع المخ يعتبر مرضا ولا يمكن نزع أجهزة التنفس من المريض بزعم موت جذع المخ. وعقب الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية بحدة، قائلا إن الموضوع تم مناقشته باستضافة شديدة قبل إحالته للمجلس، مشيرا إلى استحالة قيام الحكومة بتقديم قانون به شبهة عدم دستورية أو شرعية. وقال إن مجمع البحوث الإسلامية أصدر فتوى بجواز أخذ جزء من جسد ميت وأن اعتبار الشخص ميتا علي سبيل اليقين إذا تبين توقف القلب والتنفس وأكد الأطباء أنه لا رجعه لها وإذا تعطلت جميع الوظائف الدماغية نهائيا وحكم الأطباء أن هذا التعطيل لا رجعة فيه. غير أن النائب محمد خليل قويطة حذر من أن المادة 12 من القانون والخاصة بتحديد الموت اليقيني الذي لا رجعه فيه سوف تحول الشعب المصري إلي قطع غيار للأثرياء بالمنطقة، ووصفها بأنها مخالفة لقرارات مجمع البحوث الإسلامية، مؤكدا أن الإنسان الموضوع على أجهزة التنفس لا يمكن الجزم بتعطيل قلبه وعقله، لأن وظائف المخ في هذه الحالة تعمل على تنظيم درجة حرارة جسمه وضبطهما من خلال جذع المخ فكيف نقول إنه مات، وحذر أيضا من المادة 3 لأنها سوف نفتح الباب أمام تجارة الأعضاء لغير الأقارب. وفيما اقترح نائب التجمع محمد عبد العزيز شعبان بأن يتم أنشاء إدارة داخل هيئة الرقابة الإدارية لمتابعة وتنفيذ القانون، عبر النائب الإخواني الدكتور كرم الشاعر عن رفضه لمشروع القانون، لأن به العديد من المسائل الجوهرية، وأحال العديد من الأمور إلى اللائحة التنفيذية وهو ما يعتبر انتقاضا لسلطة البرلمان في التشريع، وعلق الدكتور أحمد فتحي سرور رئيس المجلس قائلا إنه لا يجوز للائحة التنفيذية أن تتجاوز نصوص القانون، وأنه إذا أضافت للقانون نصوصا جديدة تصبح باطلة. واعترض الشيخ سيد عسكر نائب كتلة الإخوان على موافقة الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر على المشروع، وقال إن مجمع البحوث الإسلامية لم يوافق على هذا الرأي، لكن الدكتور مفيد شهاب وزير الشئون القانونية والمجالس النيابية قال إن الأصل في خطاب شيخ الأزهر بالموافقة هو الصحيح إلى أن يثبت العكس. وأشار إلى خطورة كلام النائب الذي يحاول اعتبار رأي شيخ الأزهر خطأ إلى أن يثبت العكس، وأعلن شهاب التزام الحكومة بتأكيد رأي شيخ الأزهر رغم أنه ليس واجب عليها، فيما أكد الدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الصحة أنه حضر اجتماع مجلس البحوث الإسلامية حين تمت الموافقة على المشروع بحضور مفتي لبنان وعدد آخر من العلماء من خارج مصر. إلى ذلك، تقدم النائب أحمد أبو حجي وكيل لجنة القوى العاملة بالمجلس بتسليم وثيقة رسمية إلى وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي بموافقته على التبرع بأعضائه وأعضاء زوجته و12 من أبنائه بعد وفاتهم، وشن هجوما حادا على المعترضين على المشروع بحجة تخوفهم من تفشي تجارة الأعضاء البشرية واتهمهم بعدم الإلمام بالمآسي التي يعيشها المرضى المصريون الذين يحتاجون إلى زرع أعضاء ويعلقون آمالهم على هذا المشروع من بينهم 9 آلاف مريض بالكبد، وقال إنه عاش تجربة شخصية مع زراعة الكبد له في الصين وكان لا يعتقد أنه سيعود إلى مصر.