البيان الذى أصدره يوم أمس الأول الخميس 5 إبريل 2013، مفتى الجمهورية فضيلة الدكتور شوقى علام، بشأن "أزمة" الأزهر.. كان دقيقا بشكل مدهش عندما قال إن أى تعدٍ على الأزهر يعتبر مساسا "وتدميرا" للأمن القومي. هذا الوعى: علاقة "الأزهر" ب"الأمن" فى نسخته القومية، هو وعى قليل ولا يكاد يعرفه كثير من صناع الرأى أو النشطاء الكبار داخل الطبقة السياسية. فالأزهر جزء من "الهوية الوطنية".. والهوية ملف "أمن قومي".. وبالتالى فإن العبث بالأزهر.. هو "جريمة" ترقى إلى منزلة "الخيانة العظمى". الإسلام هو مكون أساسى من مكونات الهوية الوطنية.. والإسلام "السني" هو قوام هذه الهوية.. فيما يتجاوز الفحوى الحقيقية ل"الهوية" المفهوم الدارج عن "العقيدة" لتشمل أفقا أوسع، يختلط فيه المعمار بالثقافة بالدين بالحضارة بالتاريخ بشكل عبقري، ليشكل هوية مصر الوطنية. على سبيل المثال.. فإن لمصر "هوية معمارية" تحتفظ للدولة بطابعها الإسلامى.. وأى عبث بتلك "الهوية المعمارية" يعتبر أيضا جريمة تتعلق بالأمن القومى.. ولذا شغلنى ولسنوات طويلة التشوه الذى كان يستهدف تغيير هوية مصر المعمارية، من خلال نزعة غير معلنة ل"نصرنة" هوية مصر المعمارية.. بدون ضرورة يفرضها واقع "ديموغرافي" جديد، تغير على النحو الذى يعطى "شرعية" لمثل هذه النزعة. الأزهر.. لا يزال يمثل الإسلام "الوسطي" ويقدم فقهًا يكتظ بعبق الاعتدال والتوسط الذى عادة ما تصبغه "الدول النهرية" مثل مصر على المزاج الوطنى العام.. ليقدم صيغة محببة إلى الجميع للإسلام.. يحد من هيمنة الطبعات المتشددة التى تثير القلق والقلاقل فى العالم، أو فى مصر فى بعض الحالات التى ينسحب فيها الأزهر تاركاً فراغاً تتمدد فيه لسنوات تيارات "الفقه الواحد" بكل اكسسواراتها الاجتماعية والقيمية والسياسية المعطلة ل"الحداثة السياسية" و"الإبداع الاجتماعي". الأزهر.. يظل أكبر مرجعية دينية فى العالم السني.. مواجهًا ل"قم" أكبر مرجعية دينية للمذهب الشيعي.. فيما يظل "المذهب السني" هو المظلة الحاضنة للهوية الوطنية المصرية، ما يجعل من الأزهر "قيمًا" على تلك الهوية وحافظًا لها.. وفى ظروف إقليمية سمحت لإيران التوسعية من التمدد المذهبى فى عدد من الدول التى تمثل العمق الإستراتيجي للأمن القومى المصري، فيما لا تكف محاولات الابتزاز الرخيصة التى تقوم بها إيران مستغلة الأوضاع الاقتصادية الهشة فى مصر، لشراء "ذمم" و"عملاء" سريين لنشر المذهب الشيعى أو من خلال "العلانية السياسية" بتقديم عروض مغرية للإدارة المصرية 30 مليار دولار و5 ملايين سائح إيرانى مقابل السماح لها ب"تشييع" عشرين ألف طالب مصرى داخل الحوازات العلمية فى "قم" كل عام. استهداف الأزهر الآن "جريمة".. وعمليات "ترويع" شيخه فضيلة الدكتور أحمد الطيب، والضغوط التى تمارس عليه، للإطاحة به.. فى الوقت الذى تبحث فيه الحكومة المصرية عن "الدفء المالي" بالنوم على "الفراش الإيراني".. هى مسألة لا يمكن التسامح معها.. وعلى القوى الوطنية أن تردع أية السلطة تعتقد أن بإمكانها "استغفال" المصريين، مستغلة حادث التسمم الأخير فى جامعة الأزهر. [email protected]