خرج الدكتور محمد حبيب النائب الأول للمرشد العام لجماعة "الإخوان المسلمين" عن صمته وهدد بتقديم استقالته من المواقع التي يشغلها بالجماعة في حال المضي قدمًا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسمية المرشد العام الثامن للجماعة الذي سيخلف محمد مهدي عاكف في يناير القادم، مؤكدا أن ذلك يشكل مخالفة لجميع النظم واللوائح المنظمة لتلك العملية. وطالب حبيب في بيان تحت عنوان "بيان إلى الإخوان في مصر والعالم" بالتأني والتريث وعدم التسرع في مسألة اختيار المرشد القادم، على أن تكون الإجراءات موافقة للنظم واللوائح الخاصة بالجماعة، وأكد أنه في حال عدم الاستجابة لدعوته سيتنحى عن كافة مواقعه التي يشغلها داخل الجماعة، قائلا إنه غير مستعد للمشاركة بحكم منصبه كنائب أول للمرشد في انتخابات شابها العديد من المخالفات اللائحية والإجرائية، والتي أكد أنه سيكشف عنها كاملة. وأوضح أن اللائحة الحالية تنص على أنه في حالة خلو منصب المرشد العام يحل محله نائبه الأول في مصر ويتولى مكتب الإرشاد دعوة مجلس الشورى للاجتماع خلال مدة لا تزيد عن ثلاثين يوماً للتداول في اختيار من يرشح لمنصب المرشد العام، ولا يكون اجتماع المجلس في هذه الحالة صحيحًا إلا بحضور ثلاثة أرباع عدد أعضائه، ويكون قراره بتزكية اسم المرشح لمنصب المرشد العام بأغلبية خمسة وخمسين عضوًا من أعضائه. وفيما يلي نص البيان الذي اطلعت عليه "المصريون": أيها الإخوان الكرام تحية من عند الله مباركة طيبة فالسلام عليكم ورحمة الله و بركاته وبعد ، ففي هذا الوقت الحرج الذي تمر به الجماعة في مصر، أمل الأمة ومعقد رجائها ، وتأكيداً للقيم والمبادئ التي أرسى قواعدها الإمام المجدد حسن البنا ، وإجلالاً لأرواح الشهداء الأبرار الذين بذلوا أرواحهم في سبيل رفعتها ، واحتراماً لهؤلاء الرجال الذين صبروا وثبتوا في كل المحن فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا ، واعتزازاً بأخواتنا الفضليات لما قدمن ولا زلن يقدمن من تضحيات وبذل وعطاء عبر عقود من الزمن ، واعتذاراً للشباب الصاعد الواعد الذي عشنا فيه زمناً طويلاً لأجل ذلك كله أقول : ونحن مقبلون على اختيار مرشد جديد سوف يقع على كاهله أمانة كبيرة ومسئولية ضخمة سيكون لها آثارها وتداعياتها في مستقبل الأيام ، ليس على مستوى مصر وحدها وإنما على مستوى الأمة كلها ، أقول : يجب التأني والتريث وعدم التسرع ، كما يتطلب الأمر الانضباط في الإجراءات والخطوات وفق النظم واللوائح الخاصة بالجماعة ، فضلاً عن احترام المؤسسية ، وذلك ضماناً لثواب الله أولاً ، والتوفيق منه ثانياً ، وأملاً في التوصل إلى الاختيار الأكثر ملاءمة في هذه المرحلة لمصلحة الجماعة والأمة ثالثاً . أيها الإخوان الكرام تنص المادة (14) من اللائحة العامة على أن اختيار المرشد يتم وفق المراحل الآتية : أ يقوم مكتب الإرشاد العام بعد استشارة المكاتب التنفيذية في الأقطار أو المراقبين العامين أو ثلث أعضاء مجلس الشورى بترشيح أكثر اثنين قبولاً لدى هذه المكاتب إذا لم يتم الإجماع على واحد ممن تتوفر فيهم الشروط المذكورة في المادة (13) . ب بناء على ذلك وبقرار من مكتب الإرشاد العام يوجه نائب المرشد العام الدعوة إلى مجلس الشورى العام لاجتماع مدته أسبوع كحد أقصى يجري فيه انتخاب المرشد العام الجديد ، ويحدد في الدعوة الزمان والمكان والموضوع والنصاب ، وتوجه الدعوة قبل شهر على الأقل من الموعد المحدد . ج ينعقد اجتماع مجلس الشورى العام برئاسة نائب المرشد العام ، فإن كان هو المرشح فأكبر الأعضاء سناً ويجري انتخاب المرشد العام بأكثرية ثلثي أعضاء المجلس (النصاب لا يقل عن الثلثين ) ، فإذا لم يتم ذلك أجل الإجتماع إلى موعد آخر لا يقل عن شهر ولا يزيد عن شهرين ولمدة أسبوع أيضاً ، ويجري فيه انتخاب المرشد العام بالأكثرية المطلقة من أعضاء المجلس (النصاب لا يقل عن ذلك ). والقول بأن نائب المرشد العام يوجه الدعوة إلى مجلس الشورى العام (العالمي) لاجتماع مدته أسبوع .... إلخ يعني أحد ثلاثة أمور: (1) أن المرشد ما زال على قيد الحياة ، ولكن ليس من حقه توجيه الدعوة لمجلس الشورى ، وإنما هي من حق نائبه . (2) أن المرشد ما زال على قيد الحياة ولكن في حالة صحية لا تمكنه من توجيه الدعوة ، وبالتالي يقوم بها نائبة . (3) أن المرشد قد توفى ، وبالتالي من حق نائبه حق توجيه الدعوة . والحال الذي نحن بصدده الآن هو البند (1) . ونأتي إلى السؤال الأول: إذا كان المرشد (ما زال على قيد الحياة ) وقام مع مكتب الإرشاد العالمي باستشارة الأقطار فلم لم تعطه اللائحة حق توجيه الدعوة إلى مجلس الشورى العالمي للاجتماع كما جاء في الفقرة (ب) من المادة (14) من اللائحة وأسندت هذا الأمر إلى نائبه ؟ هل لاحتمال أن يكون هو أي المرشد مرشحاً ؟ والجواب : جائز. وإذا لم يكن المرشد مرشحاً فهل يجوز أن يقوم هو بنفسه (مع المكتب العالمي) باستشارة الأقطار لترشيح واحد رغم أن اللائحة لم تنص على ذلك ؟ والجواب : جائز . وهذه الأخيرة يمكن أن تنسحب على الأستاذ عاكف المرشد الحالي . ونأتي إلى السؤال الثاني: هل يقوم الأستاذ عاكف بذلك منفردًا ، وخاصة فيما يتعلق بمجلس شورى مصر ، أم لابد من خلال المكتب ، أم لجنة مستقلة محايدة ، حيث أن أعضاء الشورى والمكتب أصحاب مصلحة ؟ والجواب : لابد من استبعاد كل من له مصلحة في الترشح ، بل والمرشد أيضًا إذا ظهرت منه رغبة تدل على ترجيحه لأحد المرشحين (وهذا ثابت) وإلا انتفت صفة الحيدة لديه . وبالتالي : يجب أن تكون هناك لجنة ( من الإخوان ) محايدة ومستقلة ، ولها خبرتها القانونية واللائحية والتنظيمية من غير أعضاء مكتب الإرشاد أو مجلس الشورى للقيام بدور الإشراف على عملية التداول الخاصة بتسمية المرشد ، وهو ما ناقشته مع الأخوة أعضاء المكتب (القديم الجديد) ووجد لديهم موافقة وقبولاً وارتياحاً . ونأتي إلى السؤال الثالث: لماذا التسرع والعجلة وكأننا في سباق محموم ؟ ولماذا يصر المرشد الحالي (قبل أن تنتهي ولايته) على إجراء اختيار المرشد القادم وذلك بالمخالفة للائحة الداخلية للجماعة والتي تنص في المادة (16) فقرة (ط) على: مع مراعاة نصوص اللائحة العامة وفي حالة خلو منصب المرشد العام يحل محله نائبه الأول في مصر ويتولى مكتب الإرشاد دعوة مجلس الشورى للاجتماع خلال مدة لا تزيد عن ثلاثين يومًا للتداول في اختيار من يرشح لمنصب المرشد العام، ولا يكون اجتماع المجلس في هذه الحالة صحيحًا إلا بحضور ثلاثة أرباع عدد أعضائه، ويكون قراره بتزكية اسم المرشح لمنصب المرشد العام بأغلبية خمسة وخمسين عضواً من أعضائه . لذ أخلص إلى الآتي: أولاً : إذا كان المرشد و أعضاء المكتب مصرين على إنهاء هذا الأمر بالمخالفة لما ذكرته سالفًا، وهو ما يعرض الاختيار بهذا الشكل للطعن في مشروعيته مستقبلاً، فإني ومن منطلق حرصي على الجماعة على استعداد لأن أعلن ما يلي: (1)استقالتي من موقع النائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين ، ومن عضوية مكتب الإرشاد العالمي، ومن عضوية مجلس الشورى العالمي . (2)عدم رغبتي في الترشح لموقع المرشد العام القادم . (3)لن أتخلى عن القيام بدوري في خدمة هذه الجماعة المباركة في أي موقع أو مجال أو ميدان . ثانياً : إذا استجاب المرشد وأعضاء المكتب وتركوا الإجراءات تأخذ حقها ونصيبها اللائحي و أرجو وأتمنى ذلك فإني على أتم استعداد لتحمل مسئولياتي و القيام بدوري بما تفرضه اللائحة حيث أني ما زلت النائب الأول للمرشد ، وعضواً بالمكتب العام والشورى العام . أيها الإخوان إن أمامكم طريقاً شاقة وطويلة ، وتحديات شرسة وضارية ، غير أنكم و الحمد لله رجالها وأهلها ، ولا تنسوا أنكم أصحاب رسالة وأتباع دين يتميز بالسمو والكمال والدوام ، فكونوا على هذا المستوى إخلاصاً وتجرداً وصدقاً وفكراً وخلقاً وسلوكاً وأداءً ، واعلموا أن المستقبل لهذا الدين ، وأسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد ، وأن يتوفنا مسلمين ويلحقنا بالصالحين غلى قيم ومبادئ جماعة الإخوان المسلمين التي عشنا في ظلالها أحلى سنوات العمر ، وأن يتقبل منا أعمالنا ويجعلها في موازين حسناتنا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والله من وراء القصد , د. محمد السيد حبيب 29/12/2009