بعد تأمل عميق ودراسة متأنية لقانون الضرائب العقارية وتطبيقاته العملية وجدت أنني أمام هدفين في هذا القانون وتطبيقاته؛ الهدف الأول: وهو جباية الأموال في صورة ضرائب عقارية، ومتوقع لحصيلتها أن تكون 3 مليار جنيه، وهو رقم غير معتبر إذا ما قارناه بالضرائب المحصلة على السجائر والتي تتجاوز 7 مليار جنيه سنوياً، ونصف جنيه زيادة على كل علبة سجائر كان سيوفر المبلغ المأمول من الضريبة العقارية بدون هذه الضجة. أما الهدف الثاني: فهو جمع معلومات عن المجتمع المصري من خلال الإقرار الضريبي، وقد تأكد لدي هذا الهدف بعد تصريح وزير المالية الدكتور يوسف بطرس غالي لجريدة الأهرام يوم الإثنين 21/12/2009 فور عودته من الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث أكد بطرس غالي أن "الحكومة لا تسعى إلى تحقيق حصيلة من غرامات التأخير عن تقديم الإقرارات, وإنما تستهدف رسم خريطة متكاملة للثروة العقارية في البلاد". وهنا ثغرتين قانونيتين شديدتا الخطورة: 1- عندما عرض القانون على مجلس الشعب فقد كان الهدف ماليا بحت وليس معلوماتيا، لأنه لو كان الهدف معلوماتيا لتمت مناقشته في جلسات سرية للجنة الأمن القومي بمجلس الشعب المصري، لكن لأن الهدف كان ماليا فقد تمت مناقشة القانون علانية ومن هذه الزاوية، ومن ثم خرج القانون بروح مالية، وعليه فإنه بتحول هدف الوزير بطرس غالي من مالي إلى معلوماتي حدث خرق للمادة 14 من قانون العقارات رقم 196 لسنة 2008 والتي توضح أن الإقرار يقدمه كل مكلف بأداء الضريبة على العقارات المبنية؛ وليس كل الشعب المصري، وعلى ذلك فكل من يملك عقارا تقل قيمته عن 500 ألف جنيه غير ملزم بتقديم الإقرار المعلوماتي، ولا تنطبق عليه العقوبات الواردة في القانون إذا لم يقدم إقراره. 2- بهذا الهدف المعلوماتي للوزير بطرس غالي حدث تضارب في الاختصاصات من شأنه الوقف الفوري لجمع الوزير بطرس غالي للمعلومات عن المجتمع المصري، فبمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 2915 لعام 1964 يعتبر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء هو المصدر الرسمي والوحيد لجمع البيانات والمعلومات الإحصائية الرسمية في جمهورية مصر العربية، كما أن هذا الجهاز هو المعني بتنفيذ عمليات الإحصاء وجمع البيانات بمختلف أنواعها وتخصصاتها ومستوياتها، وهذا الجهاز يرأسه مسئول عسكري سابق بدرجة وزير، وكان يشغل منصب مساعد وزير الدفاع. ولو كان قادة البلاد بالفعل يرغبون في عمل هذه الخريطة العقارية لأسندوا تنفيذها لهذا الجهاز، ولتم التعامل مع التنفيذ بهدوء شديد ومغاير تماماً للفزاعة الوهمية الراهنة التي يستخدمها الوزير بطرس غالي والتي تنذر بغضب شعبي الجميع في غنى عنه، خاصة في هذا التوقيت السياسي. إن هناك فئات حساسة في المجتمع المصري مثل رجال الجيش ورجال الشرطة ورجال القضاء، جميعهم معلوم محال إقامتهم لدى جهات عملهم، وبالتالي فإن وزير المالية إذا أحب جمع معلومات عن هذه الفئات، ومعرفة تفاصيل مساكنهم التي يستقرون فيها فعليه الرجوع لوزارات الدفاع والداخلية والعدل، وليس له التعامل المباشر مع هذه الفئات. علاوة على ذلك فإن كافة التجمعات السكنية للفئات ذات الطبيعة الخاصة في مصر معلوم أن قيمة الوحدة السكنية فيها لا تتجاوز 300 ألف جنيه، وبالتالي فهي أقل من القيمة التي حددها القانون، إضافة إلى أن أكثر من 75% من العقارات المصرية المملوكة للشعب المصري بكافة فئاته وشرائحه قد أعفاها القانون من الضريبة العقارية ومن تقديم الإقرار وعقوبات عدم تقديمه؛ فلماذا إذن يصر الوزير بطرس غالي على جمع التفصيلات العقارية لفئات وشرائح مصرية استثناها القانون؟. إن وزارة المالية معنية فقط بجباية الأموال وتخصصات منسوبيها هي في هذا الإطار المالي، أما الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فهو المعني الوحيد بجمع المعلومات الإحصائية، ومنسوبيه لديهم الحس الأمني الكافي لإدراك خطورة ما تحت أيديهم من معلومات، ولديهم نظم معلومات وحاسبات تعمل بآليات عسكرية يصعب اختراقها. لأنه في ظل غياب تلك التخصصية إذا حدث لا قدر الله وتمت قرصنة واختراق قاعدة بيانات الإقرارات العقارية في وزارة المالية من قبل أعداء مصر وهم كثير، وتمت سرقة نتائج هذه الدراسة الميدانية عن المساكن المصرية وطبيعة ساكنيها؛ سيحقق العدو السارق لهذه الدراسة عددا من الأهداف على رأسها: 1- توفير عشرات مليارات الدولارات كان العدو مستعداً لإنفاقها على دراسات ميدانية في المجتمع المصري مشابهة للدراسة الميدانية الراهنة. 2- بوضع نتائج هذه الدراسة الميدانية في إطار معلوماتي تكاملي مع برنامج "جوجل إيرث" ومع لقطات الأقمار الصناعية عن التجمعات السكنية للفئات والشرائح ذات الطبيعة الخاصة في مصر، سيتحقق للعدو أهداف عسكرية بالغة الخطورة في أوقات السلم والحرب. إن المادتين 45 ،57 من الدستور المصري، والمادة 4 في القانون رقم 35 لسنة 1960 والمعدلة بالمادة 4 في القانون رقم 28 لسنة 1982، والقرار الجمهوري رقم2915 لعام 1964 كلها نصوص دستورية وقانونية تتعلق بجمع المعلومات الخاصة والعقوبات المصاحبة لها، وجميعها تلزم وزير المالية بطرس غالي على تسليم كافة استمارات الاستبيان المسماه بالإقرار الضريبي العقاري والتي تم جمع المعلومات العقارية من خلالها إلى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قبل تفريغها في الحواسب، وإسناد الشق المعلوماتي المرتبط بقانون العقارات والمحدد في المادة 14 من هذا القانون إلى هذا الجهاز الحساس، وأن يكون تعامل الوزير في الشق المعلوماتي في إطار أفقي مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، وفي ضوء ما يوافق الجهاز على تداوله من معلومات. على أن يقدم الإقرار العقاري بالعموم من تنطبق عليهم المادة 14 من قانون الضرائب العقارية فقط.