قامت قناة مصر 25 باستضافة السفير الإيراني في القاهرة مجتبى أماني في برنامج "لعبة سياسية" مع شريف منصور يوم الأحد 17/3/2013، وبعدها بيوم قامت قناة الشباب باستضافة السفير في برنامج "أم الدنيا" مع هاني الديباني، ومعلوم أن قناة مصر 25 تتبع لجماعة الإخوان المسلمين في مصر في حين أن قناة الشباب يملكها رجل الأعمال الإخواني سعد توفيق. وقد أتيح للسفير أن يروج أكاذيبه وشبهاته بكل أريحية سواء الدينية منها مثل موقف الشيعة من سب الصحابة رضوان الله عليهم، وموقف الشيعة من القرآن الكريم وسلامته من النقص والتحريف، أو القضايا السياسية مثل موقف إيران المشين في دعم حليفها المجرم بشار الأسد أو احتلالها للأحواز العربية. وفي برنامج أم الدنيا تم ترتيب عدة مداخلات لكنها كلها كانت تصب في تأييد السفير وإيران فضلًا عن مداخلات المذيع والتي كانت تجامل السفير ولم تتحاور معه بموضوعية بل كان المذيع يختار أخف الأسئلة ويقبل بأتفه الإجابات!! وسوف نقتصر هنا على مناقشته في موقف الشيعة وإيران من جريمة سب وتكفير الصحابة، فهو نفى هذه الجريمة بحجج واهية هي: * أن المرشد الأعلى في إيران خامنئي أصدر فتوى بمنع سب الصحابة. * أن من يفعل ذلك ليسوا إيرانيين. وحتى نفهم القضية على وجهها الصحيح سوف نعتمد على بعض المتشيعين المصريين لتوضيح الموقف النظري والعملي عند الشيعة وإيران من سبّ الصحابة وتكفيرهم. فها هو المتشيع صالح الورداني والذي عاد ليظهر إعلاميًا مؤخرًا بعد أن كان أعلن اعتزاله نشر التشيع قبل سنوات، يقرر موقف الشيعة من الصحابة في كتابه "عقائد السنة وعقائد الشيعة" ص 197، فيقول: "يشكل موقف الشيعة من الصحابة استفزازًا كبيرًا لأهل السنة، حيث إن الشيعة لا تعطي لهذه المسألة أهمية كبيرة وتعتبرها مسألة عادية ينطبق عليها ما ينطبق على المسلمين. أي أنها لا تميز الصحابة ذلك التمييز الذي يميزه أهل السنة بحيث يرفعونهم فوق المسلمين... وفكرة عدالة الصحابة مرفوضة عند الشيعة بصورتها العمومية التي يتبناها أهل السنة كما أن التعريف العائم الذي يتبنونه حول الصحابة مرفوض أيضًا". وفي ص 199 يقول الورداني: "وليس فقط موقف الشيعة المتشدد هذا تجاه الصحابة هو الذي يستفز أهل السنة ويدفعهم إلى الهجوم عليها والطعن فيها، بل إن مما يستفز أهل السنة أكثر الخلفاء الثلاثة أبي بكر وعمر وعثمان ولا تستثنيهم من موقفها بل تركز موقفها عليهم. فالخلفاء الثلاثة في نظر الشيعة يحملون القدر الأكبر من الانحراف الذي حدث بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله. وهم إن كانوا يعدلون بعض الصحابة فقد استثنوا الخلفاء من هذا التعديل بل قدموا هؤلاء الصحابة عليهم. فعمار وأبو ذر وسلمان وحذيفة والمقداد وجابر بن عبد الله وبلال وغيرهم مقدمون على أبي بكر وعمر وعثمان. كما يعتقدون أن محاولة رفع الخلفاء الثلاثة وتقديسهم إنما هي من صنع السياسة بهدف ضرب الإمام علي وخط أهل البيت عليهم السلام. ونفس الموقف على أمهات المؤمنين، فالشيعة لا تعدل عائشة ولا حفصة، وتقدم عليهما السيدة خديجة وأم سلمة. وتعتقد أن رفع عائشة وتقديسها إنما هو غرض سياسي الهدف منه تحجيم دور السيدة خديجة في حركة الدعوة وتقليص حجم السيدة فاطمة عليها السلام ومكانتها الشرعية". ويشرح الورداني سبب هذا الفارق بين موقف الشيعة والسنة من الصحابة بقوله: "وإذا كان أهل السنة يعتبرون أن الطعن في الصحابة طعن في الكتاب والسنة وهم بهذا يشككون في عقائد الشيعة التي لا تعترف بفكرة العدالة. فإن هذه الحجة باطلة عند الشيعة حيث إنهم يعتبرون أن مصدر تلقي الكتاب والسنة ينحصر في آل البيت وليس في الصحابة، ومقياس عدالة الصحابي وعدم عدالته إنما يتحدد بموقفه من آل البيت، فإن والأهم كان عدلًا، وإن عاداهم كان مذمومًا متروكًا، ومن المعروف أن معظم الصحابة وفي مقدمتهم الخلفاء الثلاثة قد حادوا عن نهج أهل البيت وانحازوا للقبلية والعصبية والهوى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله". هذا هو حقيقة الموقف العقدي والنظري للشيعة والمتشيعين من الصحابة كما يقرره متشيع مصري وينشره له موقع شيعي يتبع مرجعية شيعية إيرانية الأصل، عراقية الإقامة، مما يعبر بأدق تعبير عن حقيقة موقف الشيعة المعاصرين من الصحابة بدون تقية ولا لف ودوران، طبعًا الورداني كان يشير في الهوامش لمصادر هذا الموقف من كتب الشيعة ولكن حذفتُها حتى لا يتضخم المقال فكتابه منشور على موقع الأبحاث العقائدية. أما الموقف العملي للشيعة من الصحابة فخير من يعرّفنا به هو محاضرات وخطب المتشيع المصري حسن شحاته، فهذا المجرم البذيء يسب الصحابة ويكفرهم بكل وقاحة، وأمره معلوم ومفضوح حتى أن ولده حمزة تبرأ منه علنًا، وشهد ضده في المحكمة، ومن غباء شحاته وحمقه أنه يسب العشرة المبشرين بالجنة ومنهم علي بن أبي طالب!! إذن هذا هو موقف الشيعة والمتشيعين من الصحابة نظريًا وعمليًا، ويقدمه لنا متشيعون مصريون هم مثال ونموذج لما تريده إيران والشيعة أن يصبح عليه أهل مصر!! وبعد هذا لننظر في موقف إيران من الصحابة وهو ما حاول السفير أن يخدعنا به بأن إيران لا علاقة لها ببعض المتطرفين من الشيعة الذين يسبون الصحابة لأن خامنئي أصدر فتوى بمنع السب، وأنه لا يوجد إيرانيون يسبون الصحابة، ثم تراجع وقال: قد يقع بذلك بعض الإيرانيين لكنهم لا يمثلون إيران. فتعالوا نتأمل هذه الحجج: بخصوص فتوى خامنئي سنجد أنه قال في سنة 2006: "إن أي قول أو فعل أو سلوك يعطي الحجة والذريعة للأعداء أو يؤدي إلى الفرقة والانقسام بين المسلمين هو بالقطع حرام شرعًا". ونلاحظ هنا أنه لا يحرم سب الصحابة أو يكفر من يكفرهم لأنه مستحق للتكفير إذ تكفير الصحابة خاصة العشرة المبشرين بالجنة أو أصحاب بيعة الرضوان هو تكذيب صريح للقرآن والسنة وهذا كفر بذاته، إلا أن خامنئي جعل مناط التحريم هو خدمة الأعداء وبث الفرقة، وكأنه يقول: لا بأس بسب الصحابة وشتمهم لكن إذا كان هذا يعرقل مشروعنا فهو حرام لإضراره بمصلحة المشروع الإيراني الشيعي، وأيضًا لم يتعرض خامنئي لحكم من يقوم بهذه الجريمة حتى يحمي شيعته، في تحايل صريح على عقول المسلمين. وعقب جريمة التطاول على السيدة عائشة رضي الله عنها من قبل ياسر الحبيب، الشيعي الكويتي التابع للتيار الشيرازى عاد خامنئي في سنة 2010 ليقول: "يحرم النيل من رموز إخواننا السنة فضلًا عن اتهام زوجة النبي بما يخل بشرفها، بل هذا الأمر ممتنع على نساء الأنبياء خصوصًا سيدهم الرسول الأعظم". وهنا أيضًا يتجاوز خامنئي إدانة المجرم ياسر الحبيب برغم أن ما وقع فيه هو الكفر لأنه كذب صريح القرآن بتبرئة عائشة أم المؤمنين، والحبيب هو من التيار المعادي لخامنئي، ومع هذا لا يدينه ولا يكفره لكن أتباع خامنئي لم يترددوا في تكفير المرجع اللبناني محمد حسين فضل الله حين شكك في روايات ضرب الزهراء فاطمة رضي الله عنها وكسر ضلعها!! مما يكشف لنا عن حقيقة مقدار الصحابة وأمهات المؤمنين عند الشيعة ويكشف من جهة أخرى مقدار قيمة القرآن في قلوبهم مقارنة بروايات ضعيفة لا سند لها عن كسر ضلع فاطمة رضي الله عنها، فرفض القرآن لا قيمة له بينما رفض الروايات جريمة يكفر لأجلها حتى مرجع شيعي كبير مثل فضل الله!! وهذا التجنب لإدانة المجرم ياسر الحبيب هو حتى لا يلزمه أهل السنة بالتبرؤ وتكفير علماء الشيعة طيلة التاريخ الذين اخترعوا روايات وعقائد سب وتكفير الصحابة في أمهات الكتب والمراجع الشيعية، وإلا فهل يمكن لخامنئي والشيعة أن يصدروا حكمًا محددًا بكفر من يكذب القرآن بتكفير الصحابة والخلفاء الأربعة وأمهات المؤمنين، ويتبع ذلك تنقيح كتبهم من كل الروايات المعادية للصحابة؟؟ ونلاحظ في كلام خامنئي أنه لا يعتبر الصحابة من رموز الإسلام أو الشيعة بل هم خاصون بالسنة، وهو بهذا يؤكد الموقف الشيعي الرافض لهم، لكن ضرورات التشيع تقتضي أحيانًا عدم التصريح بسبّهم وكفرهم. ومن يطالع المواقع الشيعية على الإنترنت يجد أنها تفسر هذه الفتوى بأنها فتوى سياسية لتجاوز أزمة ياسر الحبيب التي تشوش على المشروع الشيعي الإيراني، ولذلك لم تتوقف الفضائيات الشيعية الإيرانية وغير الإيرانية عن سب الصحابة وتكفيرهم. وعجيب أن يلتزم الشيعة بتعليمات خامنئي إلا في هذا الأمر! فلماذا مواقع الشيعة الإلكترونية والفضائيات والكتب لا تزال تسب وتكفر الصحابة وأمهات المؤمنين طوال الوقت. ولذلك طالب ممثل الأزهر في مؤتمره الصحفي مع الرئيس الإيراني نجاد أن يمنع فعليًا سب الصحابة من قبل إيران والشيعة، وكان أحمد الطيب شيخ الأزهر في سنة 2012 قد توترت علاقاته مع مراجع الشيعة، بسبب تجاهل مطلبه الذي أرسله أكثر من مرة، بخصوص إصدارهم فتوى تحرم سب الصحابة وأمهات المؤمنين رضي الله تعالى عنهم. وأخيرًا.. هل تعلمون أن كثيرًا من مجالس حسن شحاتة التي سب فيها الصحابة وكفرهم كانت في إيران؟!! وهل تعلمون أن نجاد سبّ الصحابة علنًا في التليفزيون الإيراني القناة الثالثة ورفعت عليه قضية في مصر بسبب ذلك في سنة 2009؟ هل تعلمون أن الخميني كفر الصحابة وخاصة أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وكان يسميهما صنمي قريش؟؟ هذه هي حقيقة مغالطات السفير الإيراني في حواراته على قنوات جماعة الإخوان المسلمين، فهل يتوب الإخوان المسلمون من هذه الجريمة وهي التواطؤ مع السفير الإيراني لنشر وتمرير المشروع الإيراني الشيعي؟