حديث المؤامرة للانقلاب على محمد مرسى الرئيس المنتخب لا يتوقف. الرئيس نفسه تحدث عن متآمرين، لكنه لم يكشف عن أسمائهم، ولم تقم الأجهزة بالقبض على أى منهم للتحقيق وتقديمهم للمحاكمة إذا ثبتت التهمة عليهم. وقادة الإخوان، والحرية والعدالة، يثرثرون بحديث المؤامرة على الرئيس والثورة ومشروع النهضة. وقبل أيام قرأت فى صحيفة "الشعب" كلامًا خطيرًا عن خطة للانقلاب، ليس على الرئيس فقط هذه المرة، إنما تشمل معه وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسى من خلال ضباط بالجيش داخل وخارج الخدمة، ثم تشكيل مجلس رئاسى يقوده شيخ الأزهر حتى يلقى الانقلاب قبولاً شعبيًا. أما أوضح حديث عن المؤامرة فهو ما ورد مرات فى حوارات تليفزيونية وصحفية على لسان العميد طارق الجوهرى مسئول الحراسة الخاصة للرئيس الذى أورد تفاصيل مهمة بالأسماء والوقائع. ما مدى مصداقية كلام هذا الضابط الكبير؟ ولماذا وجد نفسه مطرودًا من عمله بالداخلية؟ هل كان يكذب؟ أم أن مراكز القوى فى وزارة الداخلية أقوى من الرئيس فأطاحت به لأنه تجرأ وفضح المخطط وذكر الشتائم والإهانات التى وجهها الضباط الصغار والكبار للرئيس؟ إلى متى يظل حديث المؤامرة بدون حسم؟ هل هناك حقًا مؤامرات من هذا النوع؟ أم هى قصص من نسج الخيال؟ الفوضى فى هذه القضية تحديدًا لا تحتمل، حتى "الهزار"، لأنها مسألة خطيرة جدًا فى زمن الديمقراطية حيث تقوض ما بقى من أركان الدولة، فإذا جاز تفكير المغامرين فى الانقلاب أو الثورة على الطغاة والحكم الفردى، فإنه لا مجال لذلك، طالما هناك صندوق انتخابات وتداول سلطة وحرية ليقول كل إنسان ما يشاء، كما يترشح من يشاء لنيل أرفع المناصب فى النظام السياسي. الرئيس يلوذ بالصمت فى قضية لا يجوز فيها الصمت، بل يجب فضح المتآمرين ومحاكمتهم، لا يعقل أن نقرأ دومًا مع كل مظاهرة أو غارة تخريبية عبارة الحمد الله أن هذا اليوم مر بسلام وأن المؤامرة فشلت، لو صحت خطط المؤامرة، فإن واحدة منها قد تنجح فى ظل هشاشة النظام السياسى وعدم تثبيت أركانه وعدم ترسيخ الممارسة الديمقراطية واحترام القانون والأطر الشرعية وفى ظل فوضى شاملة تضرب البلد ومعارضة وشارع وصل الانفلات لديهم ما فوق الحد الأقصى. أنا شخصيًا تحيرت مع الرئيس، فهو لا يتكلم بوضوح عما يحدث فى البلد الذى يحكمه، ولا عن المعلومات التى تصله من الأجهزة الأمنية أو من مصادره الخاصة عن المؤامرات إذا كانت صحيحة، أو ينفيها إذا كانت مفبركة. هل الرئيس المنتخب لا يملك من أمره شيئًا مع الأجهزة الأمنية وأجهزة الدولة العميقة؟ هل هو غير قادر عليها؟ أم لا تدين له بالولاء؟ أم تشارك أو تحرض فى التآمر عليه؟ هل هو "يسايس" حتى يتمكن ويتحكم؟ لماذا لم يحمِ العميد الجوهرى حارسه المتعاطف معه إذا كان صادقًا بل وترقيته بدل طرده من الخدمة؟ أم لماذا لا ينفى ما قاله الجوهرى إذا كان كاذبا؟ الرئيس بصمته يعطى رسالة سلبية للمتعاطفين معه بأنه لا يستطيع حمايتهم أو الدفاع عنهم، ويعطى رسالة إيجابية للمتآمرين والشتّامين ومن يقول بصوت عالٍ: "بعد نص ساعة حيكون فى السجن هو ده وش رئاسة"، بأنه لن يمسسهم بسوء. لا أريد أن يكون مرسى نسخة أخرى من مبارك فى القمع، لأن هذا زمن مضى، وفى نفس الوقت لا أريده أيضا أن يكون على هذه الحالة التى جعلت الأراذل يتجرأون عليه وعلى مقام الرئاسة وهو لا يحرك ساكنًا. هل يظن أنه بابتلاع وقاحاتهم سيحرجهم مع أنفسهم؟ هم قوم لا يعرفون الخجل ولا الحياء، بل هى خطط متقنة منهم لهزيمته سياسيًا ونفسيًا وأدبيًا وهم ينجحون. هل يراهن على فضح هؤلاء أمام الشعب ليكسب تعاطفه؟ العكس هو ما يحصل، حيث يفقد الثقة والاعتبار أمام الشعب لأنه يبدو مقصرًا فى حق الشعب، ولأن الشعب لم يعتد على رئيس هزيل مهزول يهان. أيها الرئيس، لا أنت قادر على حماية هيبة وجلال منصبك ولا حماية رجالك ولا حماية شعبك. معك شرعية شعبية وسيف القانون، ومازال هناك من يحبونك ويدافعون عنك من شعبك. البلد يضيع فى ظل هذا الغياب والصمت وتدهور الأوضاع. تحرك، افعل شيئًا، استرد هيبة الرئاسة والدولة. [email protected]