حتى كتابة هذه السطور، لم تصدر تدوينة واحدة من "البوب" تستنكر محاولات اقتحام وحرق مكتب الإرشاد، كما لم يصدر أى تصريح من قيادات جبهة الإنقاذ يدين محاولات اقتحام الممتلكات الخاصة، أيًا كانت درجة الخلاف السياسى مع فصيل معارض. أزعم أن محاولات تجرى على قدم وساق لاستنساخ موقعة الاتحادية، وتوريط جماعة الإخوان فى ارتكاب أخطاء، تحت ضغط الاستفزاز الذى يمارسه أحمد دومة ورفاقه، الذين يرفعون شعار "يسقط الخرفان"، ويخططون لارتكاب موقعة ما يسمى إعلاميًا ب"رد القلم". الدم وقود الثورات، وهو مضمون المعادلة السياسية التى تدركها جيدًا جبهة الإنقاذ، ودونها لا تستطيع مواصلة الضغط على الرئيس محمد مرسى، فى ظل تكتيك يتم تنفيذه بوضع الخصم تحت ضغط ميدانى وإعلامى وسياسى حتى يرتكب المزيد من الأخطاء، وصولًا إلى سقوط جرحى وقتلى، وهو ما يراد تنفيذه أمام مقر مكتب الإرشاد. قتلى المقطم.. شهداء مكتب الإرشاد.. الدماء تلطخ يد بديع.. ميليشيات الشاطر تغتال عشرات المتظاهرين.. ساحة دم أمام مقر الإخوان.. مجزرة على يد جماعة السيف والمصحف.. هذه عينة من المانشيتات التى ستخرج حال نجاح سيناريو حرق مكتب الإرشاد، وسقوط ضحايا فى مليونية "رد القلم"، التى دعا لها نائب البرلمان المنحل محمد أبو حامد، وقيادات سياسية تبحث عن دماء جديدة تشعل لهيب الشارع المصرى. مدونو التويتات يطلقون الإشارات، ويرسمون السيناريوهات، وقد يطلقون التحذيرات التى تحمل فى طياتها شفرات سرية لتنفيذ مخططات ما، الأمر الذى يتم التقاطه من دومة ورفاقه، وأغلبهم للعلم من مؤيدى جبهة الإنقاذ، وأعضاء فى حزب البرادعى، ونشطاء فى حملة المرشح الرئاسى حمدين صباحى، وهو ما يحظى بتعتيم إعلامي كبير. إذن نحن نتحدث عن محاولة حقيقية لاستنساخ أحداث الاتحادية، وسط رغبة دفينة فى سقوط دماء جديدة، تحت غطاء مكثف من مدفعية التوك شو، وكتيبة مارينز الإعلام، لتحميل الإخوان مسئولية ما سيحدث، وأنه كان يجب عليهم تسليم مقرهم للمتظاهرين احترامًا لحرية الرأى والتعبير!!. أخشى حدوث هذا السيناريو، فهو الورقة الأخيرة بعد فشل انقلاب الاتحادية، وهدوء الشارع البورسعيدى ومدن القناة، وانهيار خطة العصيان المدنى، وإضراب وزارة الداخلية، ما يستلزم وفق تكتيكات الهجوم والضغط على الخصم، نقل المعركة إلى ساحة المقطم، لعل وعسى يسقط قتيل أو اثنان، فتشتعل الأمور. من يراهنون من الإسلاميين على عامل الوقت مخطئون، والنموذج الفتحاوى يتم تنفيذه على الساحة المصرية، باحترافية وخبرات متراكمة للدولة العميقة، وخلايا جهاز أمن الدولة المنحل، وعناصر الأمن الوقائي التابعة للعقيد محمد دحلان والمنتشرة فى عدد من محافظات مصر. الحلول ممكنة، ومن الحكمة تفويت الفرصة على الخصوم، ومنحهم مكاسب مؤقتة من أجل مكسب أكبر بعيد المدى يتمثل فى نجاح المشروع الإسلامي، الذى يُفرض على الجميع، فرض حالة من التأهب تكون على مستوى اللحظة والحدث، دون تهوين أو استخفاف بالمعارضة التى تطبق بنجاح حتى الآن ما يعرف استراتيجيًا ب"حرب الاستنزاف". لسنا فى رفاهية لخوض هذه الحرب، ولسنا على استعداد لسقوط ضحايا جدد، كما أن الشعب المصرى لن يمنح أحدًا فرصة لالتقاط الأنفاس، ولن يصبر كثيرًا حتى يجنى الثمار.. أفيقوا يرحمكم الله.