استوقفنى حديث سيدة مسنة أثناء عودتى من مسقط رأسى بقرية أشمنت محافظة بنى سويف إلى القاهرة، قائلة "مرسى باع الأهرامات"، فسألتها بهدوء وابتسامة تعلو شفتى.. لمن؟ فقالت: لتركيا، فقلت لها: وهل تصدقين؟.. ردت "هم قالوا ذلك"، قلت لها مجيبًا: بالتأكيد وائل الإبراشى ومحمود سعد ويوسف الحسينى وتوفيق عكاشة ومجدي الجلاد وعادل حمودة وأمثالهم.. يا أمى سبق أن قالوا إنه أجر قناة السويس لقطر، وثبت كذبهم. يا أمى إنهم يتقاضون الملايين شهريًا، ليمارسوا صناعة الكذب والتضليل لإسقاط أول رئيس إسلامي ملتحِ ومنتخب في تاريخ مصر.. يا أمي هل سمعت عن واحد منهم تبرع براتب شهر لهذا الشعب؟ هل رأيت أفراحهم وكئوس الخمر بأيديهم؟ هل رأيت قصورهم وجواريهم؟. أخطر ما فى الواقعة، هو حجم التضليل الذى تمارسه مدفعية التوك شو، ورقصة الاستربتيز التى يقدمها نخبة من السياسيين والإعلاميين من لاعقى بيادات العسكر والمخلوع، حتى أصبح الصدق عملة نادرة، وبات الكذب هو ميثاق الشرف الصحفى الذى فقد عذريته على يد هؤلاء. ماكينة ضخمة بمليارات الجنيهات تضخ يوميًا سيولًا من الأخبار المضروبة، والتعليقات الساخرة، والشائعات المغرضة، فضلًا عن حملة تشويه منظمة ضد الرئيس، تحجب أى إنجاز له، وتشوه أى زيارة يقوم بها، وتوفر غطاءً إعلاميًا لمافيا الفساد، والهاربين من الضرائب، وميليشيات المولوتوف والبلاك بلوك. مرسى أجر قناة السويس لقطر، وباع الأهرامات لتركيا، وقريبًا، يمنح السعودية حق الانتفاع بمياه النيل، ويستعد لزيارة إسرائيل، وتوطين الفلسطينيين أرض سيناء، والتطبيع مع الشيعة، فضلًا عن فزّاعة الأخونة التى يتم تضخيمها بشكل كبير، والتى وصلت إلى القول بأن وزير الرياضة فاروق العمرى من الإخوان، وأن وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسى "إخوان"، ثم أطلقوا حملة لجمع التوكيلات له لحكم البلاد، ما فضح كذبهم المبين. أبناء مرسى يتدربون على ركوب الخيل التى كان يمتطيها جمال وعلاء، وحرمه تستجم فى حمام سباحة ب 12مليون جنيه، وتسافر إلى طابا بطائرة خاصة على حساب الرئاسة، وحساب نجله فى أحد البنوك يودع فيه مبالغ بملايين الدولارات، والرجل لفظ شقيقته أنفاسها تحت وطأة السرطان فى مستشفى حكومى فقير بمدينة الزقازيق، دون أن تحظى بقرار رئاسى بعلاجها على نفقة الدولة. مصر على وشك الإفلاس، مجاعة على الأبواب.. عاصمة بلا سولار، المالية تعجز عن توفير الرواتب، مخزون القمح يوشك على النفاد، مصر تغرق فى الظلام، وغيرها من مانشيتات الفلول، ومنظمى الثورة المضادة، بهدف إرباك المشهد، وتصدير الجانب السيئ منه للخارج لحجب الاستثمارات، وإجهاض أى فرص للانتعاش الاقتصادى والسياحى، مخافة أن يقتنع المصريون بهذا ال"مرسى". السخرية هى سيدة الموقف.. زيارته إلى ألمانيا لم ير خلالها مارينز الإعلام سوى نظرته لساعة يده، وإلى باكستان، تم اختزال المشهد فى قبعة على رأسه أثناء تسلمه الدكتوراه الفخرية من إحدى الجامعات الباكستانية، وفى خطاباته لا يشغل "جبهة المولوتوف" سوى "الإصبع". أزعم أن الرجل سواء كنت تتفق معه أو تختلف، وسواء تؤيده أو تعارضه، فهو يتعرض لأكبر عملية تشويه ممنهجة ينفق عليها الملايين، وتدعمها صحف وقنوات ومواقع إلكترونية وجهات أمنية واستخباراتية، بهدف استنزافه سياسيًا وإعلاميًا وقانونيًا واقتصاديًا، وحرقه شعبيًا قبل أن يكمل عامه الأول. يتحمل هو وحزبه جزءًا من المسئولية فى ظل مؤسسة رئاسية مرتبكة، تمنح خصومها أهدافًا سهلة لهز الشباك، وآلة إعلامية هزيلة تسيطر عليها الشللية، ويديرها مشايخ، وتحكمها مجاملات، ثم يصرخ مرشد الإخوان بأن الإعلاميين سحرة فرعون، فلماذا لا تمتلك سيدى عصا موسى فتلقف ما يأفكون؟ الشفافية والمصارحة هى الحل.