من ينكر أن النظام السابق قد سخر الدولة بمقدراتها لخدمة النظام ورجاله، فقد أنكر حقيقة واقعة، مظاهرها وآثارها تدل عليها، فكان يتحكم في الاستيراد والتصدير عدد من رجال النظام لا يتجاوزون المائة شخصية، يتحكمون في استيراد السلع وتوزيعها، وبالأسعار التي يحددونها، لا يراعون ضميرًا، في شعب فقير، وفي ملايين عاطلة عن العمل، وظروف حياة قاسية على المصريين الفقراء، ويتحكمون في تصدير أخرى، ويحصلون على مزايا خاصة، وقاموا بتوزيع ذلك فيما بينهم، ولذلك كانوا يغدقون أموالًا على الحزب الحاكم، الذي سخر لهم قوانين، واحتكر لهم الاقتصاد، وأصدر لهم تشريعات، وأفاض عليهم بدعم سياسي، بل أنه ليس سرًا، أن السلع الضرورية كانت مقسمة بينهم، فيحتكر شخصًا التجارة في السكر، وآخر في الزيوت، وثالث في استيراد مواد الأعلاف..إلخ، في منظومة فساد، درت عليهم المليارات، فكونوا ثروات طائلة، استخدمت في السيطرة على ممتلكات الدولة، من أراضٍ، ومنتجعات، ومصانع، ولم يتركوا شيئًا إلا وقد قاموا بتوزيعه فيما بينهم، تاركين أجيالًا تعاني فقرًا، وبطالة، وسوء معيشة، ومرضى.. فقد جرفوا كل شيء دون ضمير أو أخلاق، فيما يشبه مصاصين الدماء، تركوا العظام فقط، وأن رغبوا في فرمها لفعلوا، وبعد سقوط النظام، ظهر حجم الفساد الذي لم يتخيله عقل، ولا يمكن لبشر مطلع على حجم هذا الفساد؛ أن يصدق كل هذا الإجرام والفساد، علاوة على الفساد الإعلامي وضياع الثقافة المصرية، وتدهور وضع مصر الدولي، ومكانتها العالمية تاريخيًا، بل تعاونوا مع أعداء الوطن، في خيانة وعدم وطنية للأرض التي يعيشون عليها، أو للشعب الذي أخذوا منه السلطة عنوة، فبعد سقوط النظام، زاد خوف الفاسدين، من المحاسبة والملاحقة، ورد ما نهب، إلا أنهم فضلوا أحداث فوضى، واستغلال تلك الأموال التي نهبوها مرة أخرى في حرق ما تبقى، فلا رغبة لديهم في العودة مثلما فعل قارون، المال والسلطة أعمتهم، وزادت من شيطانهم. فلم يكتفوا بنهب أموال مصر، وتجريفها من ممتلكاها، وإفقار الشعب، وإفلاس دولة من أغنى بلدان العالم بمواردها، بل أنهم أرادوا مص دماء المصريين بعد كل هذا الإجرام، بعدم رغبتهم في دفع الضرائب المستحقة للدولة، إن هؤلاء ليسوا متهربي ضرائب فقط، بل زادوا في الكبرياء، وزاد معهم الكذابون الذين يدافعون عنهم، راغبين في الحصول على ثمن الدفاع عن المجرمين وسارقي أموال مصر، استغلوا الإعلام، وبعض الأقلام، في تشويه الحقائق، محاولة في الهروب، لكن إلى أين؟ فلن يتركهم المصريون، كما ثاروا على الظلم والفساد والقهر، الآن جاء الدور على بقايا النظام، لاسترجاع حق الدولة من أموال، إن هؤلاء ليسوا متهربي ضرائب.. .بل مصاصين للدماء. الكاتب الصحفى والمحلل الاستراتيجى [email protected]