السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أستاذة أميمة.. أرجو أن تنصحينى فى مشكلة عمرى والتى تحيرنى، وأشعر أنها كالجبل على أكتافى وعلى ضميرى, أنا طبيبة 46 سنة، أرملة، ولدى ابنان: الأول فى نهائى طب، والثانى ثالثة هندسة, أمى رحمها الله كانت طيبة جداً, توفيت منذ عامين وأعيش أنا وأولادى منذ وفاتها مع والدى المسن لرعايته ووالدى هذا, أحب أمى حباً شديداً لدرجة أنه مرض وحالته الصحية ساءت بعد وفاتها، وإلى الآن وهو حالياً فى حالة مرضية متطورة, وهو إنسان أيضاً طيب وخلوق وحساس للغاية لى أخ وأخت أصغر منى.. مشكلتى شديدة الحساسية سيدتى.. القصة تبدأ منذ أن كانت أمى فى مرض الموت وكانت مصابة بالسرطان وعندما تأخرت حالتها وشعرت بقرب وفاتها, أخبرتنى بحقيقة لم أكن أتوقعها كانت بمثابة صدمة لى, فلقد عرفتنى سراً كالذى كنت أراه فى الدراما والأفلام العربية, ولم أكن أتوقع أننى أعيش نفس المأساة, فلقد صرحت لى بأن الذى ربانى وأعيش معه حالياً هو ليس بأبى الحقيقى. وأصل الموضوع يرجع إليها عندما تزوجت من أبى الحقيقى وكان ابن عمها، وكانت وقتها صغيرة جداً، وحدث خلاف كبير بين جدى وأخيه (أبوها وعمها), وأثناء الشجار وقع أبى مصاباً بجرح خطأ من والده وحدث له تلوث وعلى إثره توفى بعد أسبوع, وكانت أمى وقتها تحملنى فى أحشائها, وهى لا تعلم قبل وفاته, وعندما خاف جدى عليها وعلى ما تحمله, أتى بها إلى الإسكندرية وترك بلدنا خوفاً من أن يعرف أخوه ويأخذ الطفل ويحرم ابنته منه, بعدها تقدم أبى الحالى (المزيف) ليخطب أمى وكان يعمل فى دولة عربية وأصر جدى وقتها ألا يعلمه بأن أمى حامل حتى لا يرجع فى طلب خطبتها، واكتفى بإعلامه بزواجها الأول, نزل إجازته السنوية بعد عدة أشهر، وكانت أمى قد وضعتنى وعمرى كان وقتها 4 أشهر أخذنى جدى لإحدى خالاتى التى ربتنى شهرين، وبعد سفر أبى المزيف بعث جدى ليعلمه بأن أمى حامل وعندما عاد العام التالى أوهموه بأننى ابنته, وبعدها أنجبت أمى إخوتى, وللأمانة هذا الرجل لو كان أبى ما كان ربانى هذه التربية ولا علمنى هذا التعليم, فلم يبخل علينا بشىء ولم أشعر يوماً أنه ليس أبى. المشكلة أن أبى الحالى ميسور جداً وعند وفاة أمى كان لها ميراث ووزع علينا بالعدل, ولقد سألت أحد الشيوخ الأفاضل وأفتانى بأن ليس من حقى أن أرث فى هذا الرجل وأننى فقط من حقى ميراث أمى.. صدقينى أختى الحبيبة, الموضوع قاسٍ على نفسيتى للغاية، ولكنى الآن أحتار بين أمرين.. أولهما: هل أخبره بأنه ليس أبى, ووقتها سيصدم وحالته الصحية حساسة ولا تتحمل صدمات؟ أم أظل محتفظة بالسر بينى وبين ربى ولا أعلمه هو وإخوتى؟ الأمر الثانى: ما حجتى لإخوتى ولأولادى إذا توفى هذا الرجل إذا رفضت أنا الميراث فى حين أن أولادى فى حاجة لهذا المال، وسيغضبون منى إذا لم آخذه؟ أرجو أن تساعدينى للخروج من هذا المأزق أ/أميمة، فأنا أثق برأيكِ وجزاكِ الله خيراً كثيراً. (الحل) وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.. بدايةً أختى الحبيبة.. لقد تعايشت معكِ حين قراءتى لرسالتك العجيبة التى بالفعل مثلها مثل قصص الدراما التى ربما لا تصدق, ولكنها بالفعل هى من واقع الحياة, ولقد أشفقت عليكِ حين صدمتك عند علمك بالحقيقة وفى حيرتك الآن.. ولكن أنا أرى أنكِ لا تُعلمى ذلك الرجل الطيب الكريم الذى رباكِ على أنكِ ابنته, فالحقيقة حين يعلمها لا تفيده فى شىء سوى أنها ربما تعجل بوفاته بعد صدمة كبيرة لن يستطيع تحملها.. وكما رباكِ وكلاكما يعلم بأنكِ ابنته وهو أباكِ, فعليكِ أن تستمرى فى رعايته ولا تتركيه، فهو فى حاجة شديدة لرعايتك.. أما بالنسبة لأمر الميراث وقد فعلتِ خيراً حين سألتى أحد العلماء الذى أفتاكِ بعدم أحقيتك فى ميراثه، فالتبنى أصلاً غير جائز حتى لا تختلط الأنساب والميراث يأخذه من لا حق له فيه.. ولهذا فعليك أن تصبرى على ما أنتِ عليه, فاعذرينى حين أقول لكِ إن الأعمار بيد الخالق ولا يعلم منا من سيكون أجله قبل الآخر أطال الله عمرك وعمر أولادك, فعليكِ أن تلتزمى الصمت على هذا الوضع, حتى يقضى الله أمراً كان مفعولا, فإذا اختار الله أن يكون أجله قبل أجلك، وقتها عليكِ أن تتنازلى عن حقك فى ميراثه، وكأنها هدية منكِ لإخوتك، حيث إنكِ الأخت الكبرى لهم.. ولكن فى جميع الأحوال، عليكِ أن تعلمى أبناءك بالقصة كاملة, حتى لا يطالبون أخوالهم بما يعتقدون أنه ميراث جدهم, على أن يكون الأمر سراً بينك وبين أولادك, فهم الآن فى مرحلة عمرية تبدو ناضجة يستطيعون تفهم الموقف جيداً, ويكفيكِ ميراث والدتك، وسيبارك لكِ الله فيه بإذن الله تعالى.. ولكن.. هونى على نفسك أختاه وعليكِ ألا تحملى هماً, فلقد حدث ما حدث, وأنتِ ليس لكِ فيه أى ذنب, وعليكِ حبيبتى أيضاً بكثرة الدعاء والترحم على أمك الطيبة التى رضخت لأمر أبيها عن جهل وخوف، فهى كانت صغيرة جداً كما تقولين, كما عليكِ الإكثار من الدعاء لجدك الذى كان السبب فى كل تلك الأحداث, ولكن من الواضح أنه تصرف هكذا أيضاً عن جهل بدافع خوفه الشديد على ابنته, وإن كان خطأه كبير جداً.. ولكن جميعهم لا تجوز عليهم الآن سوى الرحمة, فاللهم ارحمهم جميعاً وتغاضى عن سيئاتهم وارحم موتانا وموتى المسلمين. لإرسال مشكلتك والتواصل مع الأستاذة/أميمة السيد [email protected]