استسهال الصحف والقنوات الفضائية المصرية نشر معلومات "مضروبة" لا يجب أن يمر بدون إعمال القانون حماية لحرية الصحافة وترسيخًا لمصداقيتها. أما تركها "تنخع" كما يتراءى لها خيالها الخصب، فذلك إهدار لقيمة الإعلام كوسيلة لنقل المعلومات الموثقة، وتحويله إلى جهاز إشاعات بديلًا عن ذلك الذي كان موجودًا في أمن الدولة المنحل. الإشاعة في أجواء منفلتة شماعة للتخريب والاعتصامات والمظاهرات وقطع الطرق وتدمير المرافق العامة. المواجهة بالقانون ليست إجراءً سلطويًا مستبدًا، بل يخدم المعلومة نفسها إذا كانت صحيحة، لأنها ستوقف الفساد أو الإجراءات غير الشرعية، وستكشف الفاسدين في المكان والزمن المناسبين.. أي في حالة تلبس. مثلًا الأستاذ مصطفى بكري خرج أمس في مداخلة مع برنامج "الحياة اليوم" بقناة الحياة، ليتحدث عن مشروع أخونة وزارة الداخلية.. والحديث يوحي بأنه يتكلم من أوراق ووثائق تحت يديه، ومن هنا فعليه أن يقدمها فورًا للنيابة العامة، فإذا امتنع يصبح كلامه مرسلًا بلا معلومات حقيقية على الإطلاق. ويجب على الجهات المسئولة أن تطالبه بواسطة القضاء بالكشف عن وثائقه ومصادره ليجري فيها تحقيق شفاف يخرج بنتائج حاسمة. مجرد الطرح التليفزيوني عن خطة لأخونة جهاز عريق مسئول عن الأمن القومي وحياة الناس ومنشآت الوطن، هزل لا ينبغي الصمت حياله أو التسامح فيه بمبرر حرية الإعلام، فلا حرية في الكذب وإطلاق الإشاعات المثيرة للفتن. بكري بعد هذا التصريح سيستضاف في قنوات أخرى ويكرر ما قاله بدون أدلة، وكلامه يؤخذ من لسان صحفي كبير مرتبط بدوائر المعلومات التي تملك أسرار الدولة وما يجري فيها وتراقب حركة النملة، وعلى علاقة وثيقة بالمشير والفريق عنان. قال مصطفى بكري إن جماعة الإخوان المسلمين رفعت ملفًا إلى رئيس الجمهورية يتضمن عدة مشاريع لأخونة وزارة الداخلية، وأنه يتم حاليًا دراستها برئاسة الجمهورية. (هذا خبر في حد ذاته لا يحتمل الاجتهاد). المشروع الأول يقوم على تعيين نائب مدني لوزير الداخلية على أن يسند له الإشراف على قطاع الأمن الوطني (أمن الدولة) والسجون، وما يتعلق بحقوق الإنسان. المشروع الثاني يرتكز على الدفع بالمئات من أبناء الإخوان خريجي كليات الحقوق لأكاديمية الشرطة لإحلالهم محل الضباط الذين يرفضون مشروع الإخوان. ويرتكز المشروع الثالث على توسيع عدد المقبولين بكلية الشرطة بعيدًا عن الشروط التي تضعها اللجنة المخول لها اختيار الضباط المتوفر فيهم عناصر اللياقة، مشددًا على أن هذه الخطة تسير على قدم وساق. وتابع بكري أيضًا أن جماعة الإخوان تسعى لتطبيق مشروع رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا بالإحلال التدريجي لعناصرهم محل العناصر الوطنية في هياكل الدولة، خصوصًا في الجيش والشرطة والقضاء. النص السابق يعني أن في جعبته أوراقًا موثقة.. فليأت بها أو تطالبه بها الأجهزة المعنية بواسطة القانون. لا يجب السكوت عن كلام مرسل كهذا لأنه يصب السولار والبنزين وكل منشطات الحرائق على الاستقرار والأمن، ويعيد إشعال النار كلما لمحنا خمودًا فيها. ينبغي هنا التأكيد حتى لا أقع في نفس المحظور الذي أحذر منه. كلام بكري السابق لقناة الحياة نقلته عن بوابة الأهرام الثلاثاء 12 مارس، ولم أستمع إليه بنفسي. ما أملكه أنا هنا يخص ما قاله عن أردوغان.. هذا غير حقيقي ولم يحدث أبدًا ولا أعلم من أين جاء به الأستاذ بكري؟! [email protected]