لم يشهد التاريخ حركة تضامن وعملا جماعياً دؤوباً مثل الذي يمتاز به اليهود . هم يمتشقون هذه الميزة سيفا لتحقيق مراميهم .إلى جانب اعتمادهم كل ما يثير العاطفة والتضامن سواء ديباجة الاضطهاد الديني أو اللاسامية والمحرقة . يتميز العقل اليهودي بالصبر والتخطيط لزرع يقطفون ثماره بعد عقود . خَطّط اليهود لإنشاء وطن قومي لهم منذ أكثر من قرن . خلال مؤتمر بازل في سويسرا عام 1897 بقيادة ثيودور هرتسل , دعا المؤتمرون إلى أن تنشئ الصهيونية وطنا قوميا لليهود بعد خمسين عاما , ثم إقامة إسرائيل الكبرى بعد مئة عام . فعلاً , بعد خمسين عاما على انعقاد المؤتمر بدأ اليهود تأسيس إسرائيل , ومعناها قوة الله , 1947, على أرض فلسطين , وأصبحت دولة في الخامس عشر من مايو1948 , وبحسب تاريخهم في 6 مايو عام 5608 عبرية . إسرائيل الآن ليست مجرد وطن لليهود , أنها قوة عسكرية واقتصادية بمقدورها أن تهزم ما اجتمع من جيوش في حال حرب نظامية . يتميز اليهود كذلك بالقدرة على تشخيص مواطن الضعف , والحنكة في إدارة المناورة واستثمار الأزمات حتى لو تتطلب الأمر إخفاء دينهم والتظاهر باعتناق دين آخر لضمان بقائهم وتنفيذ مخططاتهم . في تركيا ادعى عدد من " عباقرة اليهود " انهم اعتنقوا الإسلام , وكانوا يُعْرَفون بيهود الدونمة , وذلك للمساعدة في التخلص من الخلافة العثمانية . وقد استطاعوا الانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني الذي رفض بشكل قاطع توطين اليهود في فلسطين رغم الرشاوى المالية التي قدمت له حينذاك , و كانت كفيلة في إشفاء الجرح الاقتصادي الذي كانت تعانيه تركيا . وقد شوهوا سمعة السلطان ووصفوه بالطاغية الأحمر . استطاعوا, إذنْ, التخلص منه ,وحتى التخلص من الحرف العربي الذي أصبح لاتينياً بأمر من مصطفى كمال أتاتورك . في إسبانيا في القرن الخامس عشر الميلادي , وبعد انتهاء الحكم الإسلامي وطرد العرب واليهود , زعم بعض اليهود انهم نبذوا دينهم واعتنقوا الكاثوليكية وذلك للحفاظ على بقائهم ونفوذهم , وعُرفوا بيهود المارانوس , ولعل أبرزهم اليهودي لويس سانتا جيل الذي كان أحد كبار التجار, ومسؤولا عن تحصيل الضرائب من الفلاحين , وكان ذا نفوذ لدى بلاط الملكة إيزابيلا . وقد تدخلوا حتى في رحلة كريستوفر كولومبس لاكتشاف امريكا ودفعوا هم كلفتها وليس الملكة إيزابيلا كما كان يشاع . منذ الثورة الأمريكية 1773 ضد ملك بريطانيا جورج الثالث , واليهود يسعون إلى أن يكونوا النافذين هناك . ولم يخْفَ هذا الأمر على جورج واشنطن ,أول رئيس للولايات المتحدة , ولا على بنيامين فرانكلين الذي وجه خطابا ,خلال اجتماع إقرار الدستور 1789 ,يحذر فيه من خطر اليهود على الولاياتالمتحدة . ومع ذلك واصل اليهود سعيهم ليحافظوا على نفوذهم في البلاد الجديدة . ولعل مثال رجل واحد يُشخّص الطريقة التي تغلغل فيها اليهود إلى جوف صناعة القرار للحفاظ على ما حققوه , ومواصلة العمل على تحقيق المزيد من المرامي . عشية الحرب العالمية الأولى كان مستشار الرئيس الأمريكي ويلسون آنذاك هو شخص يهودي يدعى برنارد باروخ , واستطاع إقناع الرئيس بدخول الحرب ولو بشكل غير مباشر . وظل باروخ مستشارا للرؤساء اللاحقين وصولا إلى الرئيس روزفلت الذي اقنعه باروخ من جديد بضرورة المشاركة في الحرب العالمية الثانية , لما في ذلك من أهمية في إخراج أمريكا من عزلتها , وهذا هو ظاهر الأمر,لكن باطنه هو تحقيق مصالح اليهود على قاعدة " الحروب حصاد اليهود" . كان باروخ يتباهى بدينه ونفوذه لحد وصف نفسه بأنه دزرائيلي أمريكا . ودزرائيلي هو روائي يهودي وصل إلى رئاسة وزراء بريطانيا 1870 . بالتزامن مع ذلك كان اليهود يخططون للسيطرة على السينما والمسرح والتلفزيون والصحافة التي أرادوها مثل الإله البراهمي " فيشنو " صاحب الأيادي الكثيرة , وهذا ما نصت عليه صراحة " بروتوكولات حكماء صهيون" وهي الأسس لتنفيذ المخطط الصهيوني للسيطرة على العالم , وكان من المفترض أن تظل سرية لولا وقوعها بيد الشرطة السرية الروسية وبالتالي وصولها إلى رجل الدين الأرثوذكسي الروسي سيرغي نيلوس , الذي كان أول من ترجمها ونشرها عام 1905 , وأعاد نشرها بعد أن سحبها اليهود من أماكن بيعها , إلى أن اعتقل إبان الثورة البلشفية 1917 بتهمة حيازة البرتوكولات . كان اليهود وراء اعتقاله . هذه بضعة أمثلة من أمكنة وأزمنة مختلفة من نصف الألفية الثانية , كي لا يبقى المرء مستغرِبا لماذا وكيف ينجح اليهود . ووقتنا الحاضر يفيض بمثل هذه الأمثلة . *إعلامي فلسطيني بقناة العربية: