الحمد لله الذي أنقذ مصر من غيابات جب الروافض، وأعلى منهاج أهل السنة على كل مذهب شيعي فاسد. كان انتصار صلاح الدين على الصليبين الغزاة في حطين وإرجاع بيت المقدس إلى حظيرة الإسلام من أعظم إنجازاته، وإن تطهير مصر من أرجاس الدولة الفاطمية الشيعية الحاقدة وانتصاره لمذهب أهل السنة والجماعة لا يقل عظمة عن فتح بيت المقدس بحال. فلقد عمدت الدولة الفاطمية الرافضية بعد استتباب حكمهم في المغرب العربي، إلى الاتجاه نحو نقطة الانطلاقة الكبرى مصر بثرواتها و مواردها و حضارتها وتأثيرها على العالمين العربي والإسلامي، فاستطاعوا بعد محاولات عدة أن يدخلوا مصر بعد خداعهم بتأمين أهلها على مذاهبهم السنية وعدم إجبارهم على تغيير معتقدهم، فلما دانت لهم الدولة، وأقام المعز الفاطمي بها تنكر لوعوده بدأ بغدره في محاولات هو ومن خلفه لفرض المذهب الشيعي على مصر فأسند المناصب العليا وخاصة القضاء إلى أهل مذهبه، وسخر المساجد الكبرى وخاصة الأزهر الذي بناه قائده جوهر الصقلي للدعوة إليه، وفرض في المساجد الآذان الشيعي بإدخال "حي على خير العمل" ، و أظهر شعائر مآتمهم الفاسدة و خاصة ما يفعلونه في يوم عاشوراء، ومع ذلك بقيت مصر عصية عليه فلم يدن بالمذهب الشيعي الخبيث إلا القليل من المصريين، عادوا إلى مذهب أهل السنة لما فتح الله مصر فتحًا آخر على يد صلاح الدين الأيوبي. ولى العاضد بالله الفاطمي آخر ملوكهم بمصر صلاح الدين الأيوبي الوزارة في عهده ولم يوله إلا لصغره وظنًا منه أنه ضعيف، و لكن ما لبث صلاح الدين أن قويت شوكته و زاد نفوذه وأحبه أهل مصر، فلما شعر الفاطميون بذلك كادوا له واتفقوا مع الفرنجة على غزو مصر عل حكمهم أن يستتب بمصر، وبعد صولات ومعارك طاحنة قتل فيها خلق كثير دانت مصر وأهلها لصلاح الدين الأيوبي، وطرد الفاطميين منها فكان ذلك فتحًا مبينًا. عمد صلاح الدين إلى إصلاح ما أفسده الفاطميون فبدأ بالأزهر ففرض المذاهب الأربعة السنية فيه، وعزل قضاة الروافض، وعين قضاة من أهل السنة يحكمون بين الناس على مذهب أهل السنة والجماعة، واهتم بالفقهاء والعلماء فقربهم وأعلى منزلتهم فهم صمام الأمان في الأمة، وتوسع في إنشاء المدارس التي تعلم الناس أمر دينهم ودنياهم فأنشأ كثيرًا منها المدرسة الناصرية بالفسطاط، والقمحية، والصلاحية، والسيفية، وأوقف عليها أوقافًا تنفق عليها وعلى معلميها وطلبتها فأثمرت ثمرة عظيمة، وسارع أهل الخير بمصر في بناء المدارس الوقفية فأنشئت عشرات المدارس كلها تدرس مذاهب أهل السنة، فعاد للبلاد رونقها وظهرت السنة وخمدت البدعة والضلالة، وأرجع صلاح الدين الآذان على السنة، وحد من كتب الفلاسفة التي نشرها الروافض في مصر، وأدحض عسكريًا كل مؤامرات الفاطميين للعودة لحكم مصر. ولعلمه بأن الشام هي الامتداد الطبيعي لمصر سارع في عمرانها وإنشاء المدارس بها، وكذلك أهل الخير في تلك الديار فبلغت المدارس فيها شأنًا عظيمًا في كثرتها وأثرها، وامتد أثره حتى بلغ العراق والحجاز واليمن في إحياء مذهب أهل السنة وقمع أهل الزيغ و خمد المذهب الشيعي وانمحى أثره في مصر والشام والحجاز إلا قلة عاشوا أذلة لا يجرؤون على إظهار مذهبهم فضلًا عن نشره في تلك الديار. كان صلاح الدين بحق هو الباعث لنهضة علمية وفكرية سنية عظيمة نتجت من كثرة دور العلم التي شيدها أو حث عليها مما كان له الأثر البالغ في استقطاب كثير من أهل العلم وطلبته من مختلف الأقطار الإسلامية. لم يستطع الشيعة منذ أن استتب حكم مصر لصلاح الدين قبل ثمانية قرون، أن تطأ أقدامهم مصر ولا أن يحلموا بذلك فقد وقف لهم الحكام من بعد صلاح الدين بالمرصاد لعلمهم بخبثهم ومكرهم وفساد معتقدهم، ولحرصهم على استتباب الأمن بها. حتى جاء من لا يقدرون الأمور حق قدرها لكي يمهدوا لعودة هؤلاء الأراذل بدءًا من باب السياحة، وهم يعلمون أنهم ليسوا مجرد سائحين. إنهم ومنذ أحيا الخوميني في مذهبهم الفاسد ولاية الفقيه وتصدير الثورة ما دخلوا بلدًا من أي باب ولجوا إلا و عملوا على نشر مذهبهم والدعوة إليه وتفريق شعبها. حق لنا أن نخشى على مصر وأهلها من حيل الشيعة ومكرهم وشركياتهم، وإن كان علماء التوحيد يصنفون أبوابًا في الخوف من الشرك، أفلا نحذر ونحافظ على عقائد الناس وعبادتهم. ألا يكون لنا في السودان عبرة وقد دخلوها من باب الاقتصاد فكثرت فيه الحسينيات والدعوة الشيعية الخبيثة. إن الغزو الفكري وصناعة الضلال لم تصبح كسابق عهدها إنما أضحى لها فنون ومكائد لا تخطر على بال. إن قومًا لا يحافظون على عقائد شعبهم ويجلبون الفتن إلى عقر دارهم ليتلظوا بنارها، هل يستحقون أن يتوسدوا أمرًا، أم هل تراهم يقيمون دولة سوية.