بحسب تقرير لصحيفة الجارديان البريطانية، فإن ما لا يقل عن نصف وزراء حكومة الظلّ التابعة لحزب المحافظين المعارض هم أعضاء في منظمة "المحافظون الأصدقاء لإسرائيل" (سي.إف.إي)، واصفًا المنظمة بأنها أكثر ترابطًا وتمويلًا بين جماعات الضغط الأخرى في ويستمنستر. وإذا علمنا أن حزب المحافظين في طريقه لتشكيل الحكومة القادمة بعد التراجع الواضح لحزب العمال، فإن ذلك يعني أن التأثير الصهيوني سيتصاعد خلال المرحلة المقبلة، مع العلم أنه لم يكن أقل من ذلك في دوائر حزب العمال، بل ربما تفوق بعض الشيء، ونتذكر ها هنا مواقف توني بلير إبان رئاسته للحكومة، فضلًا عن مواقفه الحالية، هو الذي يدير تحت لافتة مبعوث الرباعية الدولية الجانب الاقتصادي من مشروع الدولة المؤقتة، الذي هو ذاته مشروع السلام الاقتصادي الخاص بنتنياهو. الأهم من ذلك هو أن النفوذ اليهودي في المؤسسة السياسية البريطانية لم يغادر منحنى الصعود منذ عقود، على الرغم من أن عدد اليهود في بريطانيا لا يتجاوز الربع مليون بقليل، أي أنهم لا يساوون سوى نسبة قليلة من عدد المسلمين (في حدود المليونين)، والذين يعانون من حضور هامشي في سائر المؤسسات السياسية. لا يتعلق الأمر ببريطانيا وحدها، بل يطال دولًا أخرى لا تقل أهمية على رأسها فرنسا التي تعيش في ظلّ ساركوزي حالة صهينة لم تُعرف من قبل، حيث يُعرف الرجل بأنه صهيوني حقيقي، وليس مجرد متعاطف مع إسرائيل، الأمر الذي انعكس على سائر المؤسسات التي اخترقها الصهاينة بمعرفة ساركوزي نفسه، مع العلم أن وزير الخارجية كوشنير يهودي لا يخجل من انحيازه السافر لإسرائيل. والحق أن معادلة تطور النفوذ اليهودي التي تابعها المعنيون في الولاياتالمتحدة هي ذاتها التي فعلت وتفعل فعلها في الدول الأخرى، حيث تطور الأمر من استخدام الولاياتالمتحدة لليهود ودولتهم إلى استخدامها هي من قبل اليهود، حتى في السياقات التي تضر بالمصالح الأمريكية ذاتها، ونتذكر هنا كتاب ستيفن والت وجون ميرشهايمر (اللوبي الإسرائيلي والسياسة الخارجية الأمريكية) الذي أثار ضجة كبيرة عقب الحرب على العراق. قبل عقود لم يكن الصهاينة يحلمون بدخول مؤسسات السي آي إيه أو البنتاجون، لكنهم اليوم يدخلون كل موقع، ويؤثرون في كل قرار، وها هم الآن يسيطرون على غالبية أعضاء مجلسي الشيوخ والنواب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري بعدما كان نفوذهم الأكبر يتركز في الحزب الديمقراطي، وقد حدث ذلك بعدما تحالفوا مع اليمين المسيحي المتصهين (الكنائس المعمدانية الجنوبية) التي كان بوش ينتمي إليها، وبذلك لم يعد بوسع أي رئيس أمريكي، أكان جمهوريًّا أم ديمقراطيًّا أن يخالف توجهاتهم، وها هي مسيرة أوباما خلال عامه الأول تؤكد هذه النظرية بكل وضوح. على أن ما لا ينبغي تجاهله هنا هو أن هذا التصاعد الرهيب في النفوذ اليهودي في المؤسسة السياسية الغربية بشكل عام، والأمريكية بشكل خاص لا زال يستفز نخبًا أخرى يعجز أكثرها عن البوح والمعارضة خوفًا من سطوة اللوبيات اليهودية في دوائر السياسة والمال والإعلام، لكن آخرين لا يتورعون عن دبِّ الصوت بين حين وآخر محذرين من هذا الوضع، وما تقرير القناة الرابعة البريطانية عن نفوذ اليهود في حكومة الظل البريطانية، والذي علقت عليه الجارديان سوى نموذج من هذا الاحتجاج غير المباشر، وكذلك الحال فيما يتصل بالكتاب الأمريكي المشار إليه آنفًا. كلما ازدادت التناقضات بين إسرائيل وبين مصالح الدول الغربية، ومن بينها الولاياتالمتحدة سيكون بالإمكان الحديث عن مزيد من الانتقادات لتصاعد النفوذ اليهودي في الدوائر السياسية، أما الذي لا يقل أهمية فهو أن نخبًا أخرى ستدرك أن عليها الاحتجاج تغوّل اليهود، لا سيَّما أن شهيتهم للمزيد من القوة والنفوذ لا تبدو في وارد التوقف بحال. سيأتي اليوم الذي تصطدم فيه المجتمعات الغربية بنفوذ اللوبيات اليهودية، أكان في المدى المتوسط أم الأبعد من ذلك، تلك هي السنن الاجتماعية التي لن تتغير من أجل عيون الصهاينة أو سواهم المصدر: الإسلام اليوم