التواضع صفة حميدة يحبها الله عز وجل ويثني على المتصف بها فقد قال في حديثه القدسي : قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: يَقُولُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: مَنْ تَوَاضَعَ لِي هَكَذَا، وَجَعَلَ يَزِيْدُ بَاطِنَ كَفَّهِ إلَى الأرْضِ، وَأدْنَاهَا إلَى الأرْضِ، رَفَعْتُهُ هَكَذَا، وَجَعَلَ بَاطِنَ كَفِّهِ إلَى السَّمَاءِ، وَرَفَعَهَا نَحْوَ السَّمَاءِ.رواه أحمد وقَالَ المنذري: صحيح ( الترغيب} ). قَالَ الإمَامُ الصنعاني في سبل السَّلام شرح بلوغ المرام: عنْ عِياض بن حِمَار رضي اللهُ عنهُ قالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم: إنَّ اللهَ أَوحى إليَّ أَنْ تواضَعُوا حتى لا يَبْغي أَحدٌ على أحدٍ ولا يَفْخر أَحدٌ على أَحدً أَخرجَهُ مُسلمٌ. والتواضع: عدم الكِبْر، وعدم التواضع يؤدي إلى البغي، لأنه يرى لنفسه مزية على الغير فيبغي عليه بقوله أو فعله، ويفخر عليه ويزدريه، والبغي والفخر مذمومان من خلال هذا الحديث القدسي والحديث النبوي أتوجه إلى كل الأحزاب الإسلامية وأناديهم وألح عليهم بأن تواضعوا فيما بينكم فالدنيا لا تساوي جناح بعوضة عند الله والمناصب زائلة فأين العتاة ؟ وأين الجبارون ؟ قطع دابرهم بسبب تكبرهم على خصمهم وعنادهم مع شعوبهم تواضعوا لتنصروا على خصمكم المتكبر الذي لا يخاف الله ويريد هدم الدين قبل الوطن بجيوشه الإعلامية المأجورة المسعورة التي تستغل قسوتكم على بعضكم البعض فتشعلها ليل نهار بدهاء ومكر كمكر الفجار . تواضعوا لتطفئوا تلك النار في مهدها فلو استمرت على ما هي عليه لأكلت الأخضر واليابس وشوهت صورتكم الجميلة التي ارتسمت في عقول الناس . تواضعوا لتقيموا دولة العدل والحرية والعدالة التي حاربتم من أجلها وسجنتم في سبيلها وقدمتم أرواحكم فداء لها لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى . تواضعوا لرفعة مصر والعمل على رقيها والخروج من أزمتها كي تلبس ثوب الرخاء كي يشعر أهلها بالسراء كي يتنفس بنوها نقى الهواء ويعيشوا في صفاء ونقاء . تواضعوا وتحاوروا ولينوا ولا تتشددوا فإن الرفق لا يكون في شيئ إلا زانه ولا ينزع من شيئ إلا شانه تواضعوا ولا تستأثروا بالمناصب دون غيركم حتى لا يولد فرعون جديد في نفوسكم لا تستطيعون بعد ذلك إخراجه أو التغلب عليه يكون سببا في إغراقكم وهلاككم كما أغرق غيركم . . وصدق الشاعر حين قال : وأقبح شيئ أن يرى المرء نفسه * رفيعاً وعند العالمين وضيعُ تواضع تكن كالنجم لاح لناظر * على صفحات الماء وهو رفيعُ ولاتكن كالدخان يعلو بنفسه * على طبقات الجو وهو وضيعُ أخلصوا عملكم لله فالإخلاص هو سبيل المتقين وديدن المحسنين فالناقد بصير لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء وحسابه عسير . *إمام وخطيب بوزارة الأوقاف أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]