من مبادئ الاخلاق في تعامل الناس مع بعضهم : احسان الظن بالاخر , وخلع النظارة السوداء عند النظر الى اعمال البشر ومواقفهم فلا ينبغي ان يكون سلوكنا قائما على تزكية نفوسنا , واتهام غيرنا ... قال تعالى : ( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى ) . ومن يعرف الله على الحقيقة يكون أشد حسابا لنفسه من السلطان الغاشم . فهو يتهم نفسه على الدوام ولا يتسامح معها , ولا يبرر خطأها , ويغلب عليه شعور التفريط في جنب الله , والتقصير في حقوق العباد . و يعمل الخير , ويجتهد في الطاعة , ويقول :أخشى ان لا يقبل مني , فأنما يتقبل الله من المتقين , وما يدريني أني منهم ؟ وفي الجانب الآخر يلتمس المعاذير لاخوانه من عذر الى سبعين,ثم يقول:لعل لهم أعذارا اخرى لا أعرفها . ان سوء الظن من خصال الشر فالاصل حمل الآخرين على الصلاح , وأن لا نظن بهم الا خيرا , وان نحمل ما يصدر منهم على أحسن الوجوه , وان بدا ضعفها , تغليبا لجانب الخير على جانب الشر . والله تعالى يقول : ( يا أيها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن أثم ) والمراد به : ظن السوء الذي لم يقم عليه دليل حاسم . ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : " اياكم والظن فان الظن أكذب الحديث .. " . والمفروض في المسلم الحق اذا سمع شرا عن أخيه ان يطرد عن نفسه تصور اي سوء عنه , وأن لا يظن به الا خيرا , كما قال تعالى في سياق حديث الأفك : ( لولا أذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا أفك مبين ) فاذا كان ما يصدر عن شركائنا فى الوطن والعمل السياسى من قول وعمل يحتمل وجها يكون فيه خيرا , وعشرين وجها لا يكون فيها الا الشر , فينبغي حمل هذا العمل على وجه الخير الممكن والمحتمل . واذا لم نجد وجها واحدا للخير نحمله عليه فيجمل بنا ان نتريث , ولا نستعجل في الاتهام , فقد يبدو لنا شئ عن قريب , وما أصدق ما قاله الشاعر فى هذا المعنى : تأن ولا تعجل بلومك صاحبا لعل له عذرا وانت تلوم وأكثر ما يؤلم من الظن ما يتصل باتهام النيات , والحكم على السرائر , والتى علمها عند الله , الذي لا تخفى عليه خافية , ولا يغيب عنه سر ولا علانية . وإذا كان كل هذا مطلوب من عامة الناس , فكيف بالمسلم الذي يعمل للاسلام والذي ضم الى إسلامه : الدعوة اليه , والغيرة عليه , والدفاع عنه , والتضحية في سبيله والتحدث بإسمه والحكم بما جاء فيه ؟ وبخاصة ان تقدير المصالح والمفاسد للشئ الواحد يختلف الناس فيه اختلافا كبيرا . ان الاخلاص لله يجمع ويوحد ،اما اتباع الهوى فهو يمزق ويفرق , لآن الحق واحد , والاهواء بعدد رؤوس خلق الله!! أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]