الدكتور راغب السرجاني أفاض واستفاض في بيان أن الرئيس الدكتور محمد مرسي قوي وليس ضعيفاً بدليل كذا وكذا وعلى راسها وفي ختامها أن النبي عرف لنا من هو القوي :" ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب" الحقيقة أنني وعلى الرغم من بالغ تقديري واحترامي وثنائي على الدكتور مرسي والدكتور راغب السرجاني إلا أنني أرى روح التبرير تسري في كلمات الدكتور راغب وأنه خلط بين الحقيقة والادعاء والحق والباطل. واستدل بدليل صحيح في موطن غير صحيح وأجرى قياساً فاسداً بيِّن الفساد. لا أنكر أن الدكتور مرسي قد استطاع بفضل الله أولا ثم بوسائل وأدلة وآليات لا أعلمها يختلف في تحديدها الناس بين قائل بتسجيلات تورط فيها المجلس العسكري وقائل بصفقة واتفاق وكل هذا لا يعنيني استطاع أن ينهي ولو ظاهرياً حكم العسكر في زمن قياسي وهذا مما يحمد له. كما أنه استطاع أن ينهي ظاهرة المحكمة الدستورية العليا ويقضي على تهاني الجبالي وأيضاً أمضى عمل اللجنة التأسيسية وأقر الشعب الدستور الجديد على ما فيه من عوار وأقصى النائب العام عن الساحة. كل هذا وغيره مما ذكره الدكتور راغب وما لم يذكره لا أنكره على المستوى الشخصي لكن الصمت الرهيب الذي يحيط بالمشهد السياسي والأمني وما يعلوه من صراع عنيف وعنف مسلح ودماء واشلاء وضحايا وخراب ودمار في ظل صمت رئاسي غير مبرر ولا يقبل أي تبرير ولو من وجهة نظري الشخصية فقط. لا أراه يصدق عليه إطلاق اسم " القوي" قياساً على تعريف النبي للقوي أو للشديد؛ وإلا فإن نفس النبي الذي لا يذكر هؤلاء المبررون من سيرته إلا صلح الحديبية " بتفسيرهم الغالط والمختل وفهم المعتلّ للصلح الذي يسمونه تنازلاً بينما سماه الله فتحاً مبينا"، وحلمه وصبره وعفوه ورحمته على المخالف بل والمعارض بل والمبادر بالسب والشتم والإيذاء. كل هذا يدفع المرء إلى التساؤل: أليس في سيرة النبي إلا هذا الجانب؟ أم فيه ولكن القوم كل القوم لا يعرفون؟ بالتأكيد فيه جانب الغلظة عند الضرورة والشدة وقت الحاجة وأيضاً وبالتأكيد فإن القوم كل القوم يعلمون فما هو سر هذا الخور وهذا الوهن وهذا الخنوع وهذا الخضوع مع المعارضة العلمانية واليسارية والبلطجة العنيفة المسلحة؟ ولو جاز لنا أن نقبل أن الرئيس يعمل بمفهوم القوة في الحديث الشريف مع الإهانة له وللدولة التي هي إهانة للشعب كله والتي وصلت إلى حد العنف المسلح ضده وضد أبناء التيار الإسلامي بل وأفراد الشعب المكلوم المظلوم فأين هذا الحلم وهذا اللين وهذا العفو وهذا الصفح وهذا الصبر وهذه الرحمة وتلكم الحكمة مع أبناء التيار الإسلامي لاسيما السلفيين الذين لطالما أبرزوا وأظهروا حباً عملياً ودفاعاً حقيقياً ومساعدة ومناصرة ومؤازرة للمشروع الإسلامي وللدكتور محمد مرسي شخصاً ورئيساً؟ اين دفاعهم عن الدكتور عبد الله بدر وإن أخطا في دفاعه عن الرئيس مرسي اين دفاعهم عن الدكتور محمود شعبان الذي ما قال ما قال إلا عن علم وبينة وأدلة شرعية أسقطها على الواقع دفاعاً عن شريعة الرئيس نفسه الذي يصفه الدكتور راغب السرجاني بالقوي حلما والشديد صبراً لكن مع العلماني والنصراني والليبرالي والبلطجي والعصبجي والحلانجي والليمانجي لا مع التقي الورع الصدوق الخاشع من أبناء التيار الإسلامي؟ أين قوته التي أمكنه بها إزاحة وإقالة رئيس الركان سامي عنان بجلالة قدره والقائد العام المشير طنطاوي برباطة جاشه، بينما لا يستطيع أو لا يريد ولا أرى لهما خياراً ثالثاً إعادة إخواننا من الضباط الملتحين وأمناء الشرطة الملتحين الذين أوقفهم عن العمل تأديباً وزير الداخلية الأسبق وعلى هدي سنته القبيحة سار كل من تلاه؟ أين شدة الدكتور مرسي التي أمكنته من إقالة النائب العام وإصدار إعلان دستوري حصن به اللجنة التأسيسية حتى أنهت عملها في إصدار دستور لا يمنع الفن ولا يحرم التعبير عن الرأي ولا يجرم التعري باسم السياحة وتنشيطها بدلالة حفل دوللي شاهين ولا يعارض الإبداع بدلالة برامج التوك شو وأفلام الخلاعة والفجور، بينما لا يقدر على إتاحة حق التعبير عن الدين وإظهار شعائر التوحيد الظاهر في أبسط وأبهى المظاهر بلحية ضابط أو أمين شرطة ولا يقوى هذا القوي ولا يشدد هذا الشديد على أهمية إتاحة فرص العمل بلا قيد ولا شرط للجميع بمن فيهم أصحاب اللحى وذ1وات النقاب في الهيئات والمصالح والشركات والمصانع. أين شدته وقوته من أحكام البراءات المتتالية والإفراجات المتسارعة عن رموز الفساد ورؤوس العناد بينما يحبس ويجرم ويحاكم ويجرجر من رفع رأسه بالحق ونطق لسانه بالصدق عبرقناة فضائية أو منبر دعوي أو موقع إلكتروني من أبناء الدعوة والمنتمين إلى التيار الإسلامي غير الإخواني جماعة وحزباً طبعاً؟ أم أن القوة والشدة بمفهوم الدكتور راغب السرجاني لا تكون إلا مع البلطجية والمفسدين والمخربين بينما يتم تفعيل مفهومها الصحيح ومرادها الحقيق ومقصودها الأساس مع أبناء التيار الإسلامي؟ وفي نهاية حديثه قدم الدكتور راغب عفا الله عنا وعنه من باب الاتساق مع النفس وفي كلمة ونصف نصيحة مقتضبة للدكتور مرسي على هيئة أو في صيغة رجاء منتظر يطلب منه شيئين اثنين: 1. أن يظهر جانب الشدة ولو من طرف خفي عن طريق الفريق السيسي أو وزير الداخلية!!! 2. أن يعمل بمبدأ الشفافية مع الشعب. يعني يمكنني أنا أن أفهم من ذلك أن الدكتور السرجاني يحاول أن يكون متوازناً في دفاعه ومتسقاً ومنطقياً في تبريره للخنوع والخضوع والمهانة التي وصلت إليها مؤسسة الرئاسة التي ما برحت تسكت على كل إساءة إلا أنها خرجت ببيان مهيض هزيل مهين قبيح شنيع تستنكر فيه كلام أستاذ عالم شيخ أزهري يدافع فيه وغن أخطا في شيئ من عرضه في وجهة نظر البعض عن الرئيس والرئاسة بل عن مصر حكومة وشعباً بينما سكتت وأخرست عن ميزو وعكاشة وهالة مصطفى وعمرو أديب وباسم يوسف وآخرين. لا أدري كيف تجاسر الدكتور راغب السرجاني فدافع عن الدكتور محمد مرسي رئيساً بمثل هذه القوة وهذا اليقين وهذه الثقة رغم ما نراه جميعاً من تخاذل وتهاون وانبطاح لا يليقان بمقام رئيس حي ناهيك عن رئيس دولة. ابن الأزهر ومحبه* الشيخ الشاعر كارم السيد حامد السروي إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]