لم أهتم ب "الوصلة" التى أداها "الباشمهندس أحمد عز" ، الركن الشديد لحزب الحكومة على "خشبة مسرح" مؤتمره الأخير ، والتى "عزف" فيها على "ايقاع" استعداء كل القوى الوطنية التى قد نتفق أو نختلف مع بعضها حول الاسلوب لا الهدف ، "صادحا" أنه ومجموعته يمثلون "صولو" الأغلبية ، معلنا عن ميلاد "نجم" سماه "الحزب الوطنى الديمقراطى الجديد" !! ربما تنصلا من مسئولية ما يحدث على أرض المحروسة ، أوافلاسا على طريقة "اللى فات مات ونلعب من الأول" ! لم أهتم بكلام "الباشمهندس" ، مع كل التقدير والاحترام لشخصه ، لسبب بسيط هو أن سعادته يفهم فى الفن والبزنس وطرق تكاثر المليارات ، ولكنه لم يستطع أبدا اقناعى ، كمواطن ، أن له علاقة ما بالسياسة من قريب أو بعيد ! لا سابقا ولا حاليا ، ولا لاحقا أيضا كما يبدو ! ، حتى المنصب الفخيم "أمين التنظيم" الذى يتولاه فى مجموعته ، لا يزيد عن كونه منصبا غير سياسى فى أى حزب ، يعتمد فى حالتنا ، ووفقا لطبيعة المجموعة ، على قدرة الشخص فى حشد الأتباع على طريقة "ذهب المعز" ، لا أصحاب المبادىء كما هو الحال فى التيارات السياسية الحقيقية ، وهو ما نجح فيه الرجل المجتهد بجدارة بعد أن سخر بعضا مما حباه به الله تعالى لخدمة ذلك الهدف ، دون أن نتطرق الى طريقة استعواضه فيما بعد ! لذلك فمن الظلم تصيد أخطاء الرجل ومحاسبته على كلمات قالها ربما دون وعى بتداعياتها السياسية ! كلمات تفسر فقط على أن "الباشمهندس" أصابه فيروس "انفلونزا الغرور" فتخيل أن ال 2500 مدعو الذين حشرهم فى القاعة هم كل مصر قد منحته ومجموعته ملكها بأنهارها تجرى من تحتهم ! فظن أنه "محمد على" مؤسس مصر الحديثة ، أو أنه "الاسطى عمارة من درب شكمبة" , فزهى وانتشى .. وفرح وانشرح .. وصهلل وتبهلل .. وصال وجال .. وتثابت وتمايل .. وتعالى صياحه "نحن الأقوى نحن الأقدر نحن الأعظم" موشكا أن يقول ( "نحن" ربكم الأعلى ) لولا أنها ملكية فكرية لفرعون موسى الذى أخذه الله نكال الآخرة والأولى ، دون انتباه الى أن حالة "التورم والاستفيال" التى تحياها "مجموعته" ليست نتاج مقومات وثوابت طبيعية ، ولكنها فقط لسببين لا ثالث لهما .. أولهما وجود رئيس الجمهورية على رأس الحزب ، والثانية سلبية الشعب .. نعم الشعب .. المسئول الأول عن كل ما يجرى ، لا المعارضة التى تفرغت لأمور أكثر أهمية ، كما لا يخفى عليكم ، بداية من حزب "وداد" ونهاية ب "ميحكمشى" ، الا من رحم ربك .. وقليل ما هم ! كذلك ليس من شأننا نحن الشعب .. الأغلبية الحقيقية .. أن نتوقف عند وصف"الباشمهندس" للسيد "جمال مبارك" ب "مفجر ثورة التطوير والتحديث فى الحزب الوطنى" ، فالمؤتمر أصلا "من أجلك أنت يا جمال" وما يدور فيه لا علاقة له بالشعب الا من باب الجوار ! و"جمال" هو من اختار "الباشمهندس" بعد أن زرعه "كمال الشاذلى" فى الحزب فقلعه وحل محله أمينا للتنظيم ! هذا خلاف أن العبارة فى حد ذاتها تمثل "شأنا داخليا" نتركه للسادة الأساطين الشداد حملة أركان الحزب وسدنته ، الذين لم يكن بوسعهم الا التصفيق لعبارة "الباشمهندس" و"الكورال" المصاحب له ! ولا أدرى ماذا يزال يبقيهم بعد ما فهمنا من كلام الرجل فى أكثر من موضع أنهم يمثلون ما هو عكس التطوير والتحديث ! الشىء الوحيد الذى شدنى فى وصلة "الباشمهندس" هو حديثه عن انجازاااااات حزبه !!!!!!! وكيف أن ( مصر في الخمس سنين اللي فاتت .. ماشية لقدام .. اقتصادها بقي أقوي .. مستوي المعيشة فيها ارتفع .. متوسط الدخل السنوي الحقيقي للفرد زاد .. الموظفين مرتباتهم زادت بنسبة 100% ...... مليون مصري اشتروا سيارات جديدة في ال 5 سنين اللي فاتت .... أكثر من 200 ألف أسرة اشترت وحدات إسكان اقتصادي أو متوسط .. وعملت إحلالاً وتجديداً لبيوتها في الريف .. معدلات الالتحاق بالتعليم الخاص بتزيد زيادة كبيرة كل سنة .. ) !!! ودون الاشارة الى أن معنى كلام "الباشمهندس" أن مصر قبل "الخمس سنين اللي فاتت" ، أى قبل مجيئه ! كانت "ماشية للخلف " لأنه أيضا شأن داخلى وان كان يستوجب "تمليص الودان" ! وأنه تحدث عن التعليم "الخاص" الذى يلجأ اليه من يلجأ لعدم وجود تعليم حكومى ! ودون تنبيه سيادته الى أن ال 200 ألف أسرة التى ذكرها تمثل جزء ضئيلا جدا من 20 مليون أسرة يتكون منها الشعب المصرى فى المتوسط ! ودون أن نسأل سيادته عن معدلات النمو خلال نفس الفترة الزمنية فى الدول ذات نفس الظروف والتى لا يوجد لديها "حزب وطنى" ! دون كل ذلك .. فسنكتفى بعرض بعض التقارير الحديثة التى توضح "النعيم" الذى باتت ترفل فيه مصر ببركة رجال صدقوا ما عاهدوا "أنفسهم" عليه ! تقارير أنقل بعضها عن باحثين محترمين على رأسهم الباحث الأستاذ "عماد سيد" ، وبعد استبعاد غير الموثق منها ! لألخصها فى نقاط كالآتى : 30 مليون مريض بالاكتئاب ، منهم 1,5 مليون مصاب بالاكتئاب الجسيم ، 15% منهم يلجأون للانتحار ( الدكتور أحمد عكاشة ندوة فى صحيفة المصرى اليوم منشورة بتاريخ 28/9/2009 ) المركز 57 من بين 60 دولة ( تقرير البؤس العالمي مؤشر بلومبيرج ) 48 مليون فقير ، 1109 منطقة عشوائية ( تقرير صندوق النقد الدولي للتنمية الزراعية ) 2,5 مليون يعيشون في فقر مدقع ( تقرير الأممالمتحدة للتنمية الإدارية ) 45% يعيشون تحت خط الفقر بأقل من دولار في اليوم ( لجنة الانتاج الزراعي يمجلس الشورى ) . 12مليون بدون مأوى منهم 1,5 مليون يعيشون في المقابر (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ). 46% من الأسر المصرية لا تجد الطعام الكافى للحركة والنشاط ( تقرير لشعبة الخدمات الصحية والسكان بالمجلس القومى للخدمات والتنمية الاجتماعية التابع للمجالس القومية المتخصصة ). 88ألفًا و779 قتيلا ، و 379 ألفا و233 مصابا بسبب حوادث الطرق في الفترة ما بين 1990 إلى 2006 تمنح مصر المركز الأول على مستوى العالم ( الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء ). 7394 حادث بقطاع السكة الحديد في الفترة ما بين 2000 و2006، أسفرت عن مصرع 573 شخصا وإصابة 805 آخرين ، 4 مليارات جنيه خسائر سنوية بسبب حوادث الطرق ( مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار ). 39 ملياراً و373 مليوناً و524 ألف جنيه أموالا و370441 فدانا دارت حولها أخبار الفساد المالي والإداري والاهمال واهدار المال العام في الفترة ما بين أبريل 2008 ويناير 2009 ( تقرير عام 2008 لمركز الدراسات الريفية نقلا عما نشرته الصحف القومية من وقائع ) المركز الأخير بين 134 دولة في معدل تعيين الاقارب والأصدقاء في المناصب المختلفة ( تقرير التنافسية العالمية ). المركز 115 من بين 134 دولة في مؤشر "مدركات الفساد" الذي يقيس درجة انتشاره بين المسئولين في الدولة ( تقرير التنافسية العالمية ). المركز 72 فى عام 2006، المركز 105 فى عام 2007، ثم المركز 115 فى عام 2008 ( مؤشر الشفافية والنزاهة لمنظمة الشفافية العالمية ) أعلى معدل لوفيات الأطفال في العالم 50 طفل لكل 1000 مولود ( جهاز التعبئة العامة والإحصاء ). 29% من أطفال مصر لديهم تقزم و 14% لديهم قصر قامة حاد ، طفل من كل اثنين لديه انيميا ، 8 مليون مصاب بالسكر ، 9 مليون مصاب بفيروس "سي" حيث تحتل مصر المركز الأول في معدلات الإصابة بالمرض على مستوى العالم ( د مديحة خطاب رئيس لجنة الصحة بأمانة سياسات الحزب الحاكم ). 20 ألف مواطن يموتون سنويا بسبب نقص الدماء ( تقرير لوزارة الصحة ). اكثر من 100 ألف مواطن يصاب سنوياً بالسرطان بسبب تلوث مياه الشرب ( د. أحمد لطفي استشاري أمراض الباطنة والقلب بمستشفي قصر العيني ). سيارة اسعاف واحدة لكل 35 ألف مواطن حاليا بجميع المحافظات والمستهدف سيارة لكل 25 ألف مواطن ! ( الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة ، الأهرام 3/7/2008 ) 9مليون شاب وفتاة تخطوا سن 35 عاماً دون زواج بمعدل عنوسة 17%. 26% من المصريين لا يعرفون القراءة أو الكتابة. المركز 129 بين 134 دولة في معدل هجرة العقول العلمية والموهوبة ، المركز 134 من بين 134 دولة في مؤشر كفاءة سوق العمل ، المركز 125 من بين 134 دولة في مؤشر استقرار الاقتصاد الكلي (تقرير التنافسية العالمية ). لا توجد جامعة مصرية ضمن ال 500 جامعة "الأوائل" على مستوى العالم ! صفر "المونديال" المشهور كملخص لحالة المرافق العامة . طبعا هذا بخلاف "انجازات" ما يسمى بالخصخصة وبيع الوطن والمعاش المبكر وانهيار بعض المحاصيل الزراعية والمبيدات المسرطنة والفشل الكلوى والمخدرات والحالة الثقافية وما يفعله المدللون الذين تربوا فى كنف الحزب واستطاعوا بمساعدته التحول من "سحالى وأبراص مفعوصة" الى ديناصورات ضخمة تملك البلاد ورقاب العباد ! بعد ان أنعم الحزب عليهم وألف قلوبهم بقرارات تخصيص أرض أو احتكار سلعة أو شراء شركة أو غاز مدعم أو محاجر أو أشياء أخرى يعلمها الجميع ، والأهم غموض ما أعده الحزب .. الحاكم .. لمواجهة العبث فى مجرى النيل ! وأخيرا .. وبعيدا عن "نشاز" "الباشمهندس" و"عزفه" الركيك على أوتار الوطن ، فقد بقيت ملحوظة وهمسة أوجههما للسيد رئيس الحزب ، ولكن بصفته فى الأساس رئيسا لكل المصريين : أما الملحوظة .. فقد زاد استهلاك القمح لسببين .. الأول أنه يأتى مخلوطا ربما بضعف حجمه أتربة وحشرات حسب المواصفات التى يطلبها أصحاب الحظوة المستوردون ، والثانى أن أغلب الشعب بات وأصبح على "العيش الحاف" ، على عكس "السفهاء" والمترفين الذين سبق وتحدثت سيادتك عنهم ! أما الهمسة .. فقد أكدت سيادتك مرارا صدقك وانحيازك الكامل "للأغلبية الساحقة لشعبنا من البسطاء والفقراء" ، وأنك " تؤمن بالتعددية وحرية الرأى وتسعى إلى تنشيط الحياة الحزبية والسياسية في مصر"، و"أن لدينا مشاكل يجب أن نتكاتف معا لمواجهتها" ، و"أن الصورة لن تكون وردية الا بالعمل والجهد" ، ولكن ما نراه ونلمسه فى الواقع بكل أسف من رجالات الحزب يأتى غير ذلك ! سواء تجاه القوى الوطنية المختلفة حتى وان اختلفنا سياسيا حول طريقتها ، أو ما "يتغنون" به عن "انجازات" فعلوها .. جعلت صديقى "السويسرى" يسألنى بالحاح مزعج عن شروط الحصول على الجنسية المصرية ! ضمير مستتر غاض الوفاءُ وفاض الغدر وانفرجت .. مسافة الخُلفِ بين القوْلِ والعملِ وشان صِدْقَكَ عند الناس كذبهم .. وهلْ يُطَابَقَ مِعْوَّجٌ بمُعتَدِلِ ؟! إن كان ينجع شيءٌ في ثباتهمُ على العهود .. فسبْقُ السيفِ للعذلِ ! (الطغرائى) [email protected]