حضرت التونسية أمل مثلوثي بفستان أحمر، ووقفت علي مسرح الجنينة "حافية".. هكذا بدأت الفنانة العربية التي لم تتجاوز السادسة والعشرين حفلها الثاني بالقاهرة بحضور ملفت. تواجد مثلوثي لم يكن بزيها وغنائها حافية، واستمتاعها بالحركة علي امتداد المسرح، لكن الحضور الطاغي لها تمثل في صوتها القوي. كانت طبقة صوت أمل تتجاوز المزيكا في بعض الوصلات. غنت مثلوثي الكثير من أغنياتها، وكذلك أغاني الشيخ إمام عيسي، الذي تعاملت مع ألحانه وأغنياته التي ألفها أحمد فؤاد نجم بوصفها جواز المرور للجمهور المصري، لكن النبرة السياسية المباشرة للملحن الراحل لم تلق قبولاً مع جمهور الشباب، الذي اهتم أكثر بصوت مثلوثي، لكنها رغم ذلك كانت مصممة علي جرعة "إمام"، حيث وصفتها في الحفل بأنها نوع من الغناء المكافح! غنت مثلوثي العديد من أغاني التراث التونسي، بتوزيعات جديدة، تعتمد علي إيقاع الطبل وأنغام الجيتار الإسباني، الذي عزفته المطربة بنفسها. كانت أمل تتحرك بالجيتار وتغني، وتتمايل بيديها راقصة علي أنغام صوتها العريض. لكن أقوي الفقرات كانت دخولها وصلة عزف بالصاجات مع عازف الإيقاع، الذي انفرد بالعزف في وصلة خاصة به، فقد كان الإيقاع البطل المشترك في جميع حفلات برنامج "حي" هذا العام. من ناحية أخري حافظت المغنية التونسية علي إيقاع شبه ثابت في الأغاني الأولي، لكن الإيقاع الثابت تمثل في وصلة الجيتار والكمان، من هنا بدأ الإيقاع في الهرب، وشعور الجمهور بالملل. انتبهت مثلوثي بعد فوات الأوان لهذا وبدأ إفراد مساحات لآلات بعينها، أبرزها كان الطبلة والبراكشن، مع هذا التعديل الإيقاعي استمتع الناس بموال "ما بين الوديان" التراثي التونسي، وأغنية "ديما" أي دائما باللهجة التونسية. واستكمالاً لفكرة الغناء المكافح، شرحت أمل بعض أغانيها، منها مثل " ما لقيت". الأغنية دون الشرح كانت أغنية جميلة يعلو صوت المطربة فيها، وتبرز مساحات قوته وجماله، ويتحول إلي سيمفونية عذبة بمفرده. تتمايل وهي تغني، ترقص بيدها، لكن تلك الحالة تأثرت كثيراً بالشرح فاكتشف الجمهور أن الأغنية ذات الكلمات المعبرة عن الوحدة، والتي تصرخ بانعدام الثقة في الناس، في الأصل مكتوبة عن أحداث غزة الأخيرة، وأن لا أحد يهتم بما جري هناك!