جامعة بنها ضمن أفضل 50 جامعة على مستوى العالم تحقيقا لهدف الطاقة النظيفة    "الرقابة النووية": نمتلك أجهزة رصد تعمل على مدار 24 ساعة لضمان سلامة المواطنين    نسبة خصم المصروفات المدرسية لأبناء العاملين بالتربية والتعليم 2026    إدراج 27 جامعة مصرية ضمن أفضل الجامعات العالمية ضمن تصنيف «U.S. News» ل2025–2026    الإسكان: اليوم ..آخر فرصة لسداد مقدم جدية حجز في "سكن لكل المصريين7"    وزير الاتصالات: تشجيع الاستثمار فى خدمات التعهيد لتعظيم الصادرات الرقمية    يوم حاسم في تاريخ الذهب .. ترقب في الأسواق لاجتماع الفيدرالي | فيديو    بدء اجتماع مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي    تراجع جماعى لمؤشرات البورصة في مستهل تعاملات اليوم    شركة VXI الأمريكية للتعهيد تستهدف زيادة استثماراتها بمصر إلى 135 مليون دولار    توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد الغرف السياحية وسياحة حلوان لتأهيل الخريجين    وزيرا خارجيتي العراق وفرنسا يبحثان الأوضاع الإقليمية والحرب الإسرائيلية الإيرانية    رئيس الطاقة الذرية الإيراني: المنشآت النووية بحالة جيدة رغم الهجمات الإسرائيلية    تعرف على جدول مباريات مانشستر سيتى فى الدورى الإنجليزى موسم 2025 - 26    الأمم المتحدة : الوقود في غزة ينفد ما يؤدي إلى انهيار شرايين الحياة الأساسية    موعد مباراة ريال مدريد والهلال في كأس العالم للأندية.. والقنوات الناقلة    رسالة من حسين الشحات بعد تعرضه للانتقادات    "شرط غير قانوني".. مفاجأة مدوية حول فشل انتقال زيزو ل نيوم السعودي    حقيقة العروض الأمريكية لوسام أبو علي    تفاصيل مصرع فتاة سقطت من الطابق العاشر بالدقهلية    «شبورة ونشاط رياح».. تفاصيل حالة الطقس حتى الإثنين المقبل    تراجع الحرارة ونشاط رياح.. الأرصاد تُعلن طقس الساعات المقبلة    محافظ أسوان ومدير صندوق مكافحة الإدمان يتفقدان مركز العزيمة العالمي    بدء جلسة محاكمة شركاء "سفاح الإسكندرية" ووصول المتهمين إلى المحكمة    تركيب رادارات ولوحات إرشادية لتقنين السرعات بطريق دائرى المنصورة    حبس معلمة 4 أيام بتهمة محاولة تسريب امتحان ثانوية عامة بالشرقية    قصور الثقافة تحتفي بالفائزين في مسابقتي "مصر ترسم" و"مصر تقرأ"| صور    مش بس نور الشريف.. حافظ أمين عاش بمنزل السيدة زينب المنهار بالدور الأرضى    دور العرض تستقبل 4 أفلام جديدة الشهر المقبل للمنافسة في موسم صيف 2025    سعد هنداوي: "فات الميعاد" تجربة مختلفة صنعتها الكتابة الصادقة.. خاص    أمين الفتوى: الأمانات بين الناس لا تسقط بالوفاة ويجب أداؤها لأصحابها أو لورثتهم    قوافل طبية وندوات جامعية لمواجهة التحديات السكانية في محافظة قنا    توقيع الكشف الطبي والعلاجي المجاني ل 1000 مواطن في قافلة طبية بأسوان    الصحة: علاج أكثر من 18 مليون حالة على نفقة الدولة خلال 5 سنوات    بقيمة 5 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية لمافيا الاتجار في الدولار    محافظ دمياط يناقش ملف منظومة التأمين الصحى الشامل تمهيدا لانطلاقها    تنفيذ 9264 عملية عيون للمرضى غير القادرين بأسوان    رئيس جامعة أسيوط يترأس اجتماع مركز استشارات الحاسبات لبحث تطوير الخدمات الرقمية    جامعة قناة السويس تطلق الدورة العاشرة في الاستراتيجية والأمن القومي    الأفضل بكأس العالم للأندية.. الشناوي يزاحم نجوم بايرن ميونخ في قائمة    المعركة بدأت.. ومفاجأة كبرى للعالم| إيران تعلن تصعيد جديد ضد إسرائيل    ترامب يجتمع بكبار المستشارين العسكريين لبحث تطورات الصراع الإسرائيلي الإيراني    السلطات الإيرانية تمدد إغلاق الأجواء في البلاد    الإيجار القديم.. خالد أبو بكر: طرد المستأجرين بعد 7 سنوات ظلم كبير    تياجو سيلفا: فلومينينسي استحق أكثر من التعادل ضد دورتموند.. وفخور بما قدمناه    مؤتمر إنزاجي: حاولنا التأقلم مع الطقس قبل مواجهة ريال مدريد.. ولاعبو الهلال فاقوا توقعاتي    مينا مسعود: السقا نمبر وان في الأكشن بالنسبة لي مش توم كروز (فيديو)    أطفال الغربية تتوافد لقصر ثقافة الطفل بطنطا للمشاركة في الأنشطة الصيفية    جاكلين عازر تهنئ الأنبا إيلاريون بمناسبة تجليسه أسقفا لإيبارشية البحيرة    نجم سموحة: الأهلي شرف مصر في كأس العالم للأندية وكان قادرًا على الفوز أمام إنتر ميامي    جدال مع زميل عمل.. حظ برج الدلو اليوم 18 يونيو    تجنب التسرع والانفعال.. حظ برج القوس اليوم 18 يونيو    ألونسو: مواجهة الهلال صعبة.. وريال مدريد مرشح للتتويج باللقب    الشيخ أحمد البهى يحذر من شر التريند: قسّم الناس بسبب حب الظهور (فيديو)    الأبيدى: الإمامان الشافعى والجوزى بكيا من ذنوبهما.. فماذا نقول نحن؟    اللواء نصر سالم: الحرب الحديثة تغيرت أدواتها لكن يبقى العقل هو السيد    فضل صيام رأس السنة الهجرية 2025.. الإفتاء توضح الحكم والدعاء المستحب لبداية العام الجديد    الشيخ خالد الجندي يروي قصة بليغة عن مصير من ينسى الدين: "الموت لا ينتظر أحدًا"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفغانستان: هل حان وقت إعلان الهزيمة
نشر في المصريون يوم 02 - 11 - 2009

أخيرا وبعد أكثر من ثماني سنوات من الصلف والخداع وعشرات الآلاف من القتلى ومليارات الدولارات الضائعة على الإنسانية، اعترفت الولايات المتحدة باستحالة تحقيق النصر العسكري في أفغانستان، وخفضت سقف طموحاتها من القضاء التام على حركة طالبان إلى مجرد إضعاف الحركة لدرجة لا تمكنها من تهديد الحكومة الأفغانية أو توفير ملاذ آمن لتنظيم القاعدة.
نعم الاعتراف الأمريكي بالحق فضيلة حتى وان جاء متأخرا ولكن هل كان الهدف الذي تسعي إليه حاليا إدارة الرئيس اوباما يستحق كل ما جرى على ارض أفغانستان وجارتها باكستان من حرب لا إنسانية أكلت الأخضر واليابس وأعادت البلد الفقير عشرات السنوات إلى الوراء.
لقد خلصت إدارة اوباما في مراجعتها الثانية لسياستها في أفغانستان إلى نتيجة صادمة ليس للأمريكيين الذين أنفقوا من أموالهم ودماء أبنائهم الكثير، ولا لدول التحالف التي شاركت في حرب همجية خاسرة بدافع الانتقام الأهوج بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وإنما للرأي العام العالمي بأسره الذي كان شاهدا على هذه الحرب العبثية التي رفعت شعار "الحرب على الإرهاب" والقضاء التام على طالبان لتنتهي بعد طول عناء بمحاولة إقناع السكان المحليين بدعم الحكومة ودمج طالبان في العملية السياسية.
ان مراجعة سريعة للتقييم الذي قدمه الجنرال ستانلي ماكريستال قائد القوات الأمريكية في أفغانستان أمام مجلس الأمن الوطني الامريكي تكشف لنا كيف يمهد الأمريكيون للخروج من أفغانستان بهزيمة مشرفة على نمط الخروج من العراق. إنها مقدمات إعلان الهزيمة وانتصار حركة طالبان وتأكيد خطأ الحسابات الأمريكية في عهد جورج بوش الابن وتيار المحافظين الجدد الذين أشعلوا الحروب في أكثر من منطقة من العالم ورحلوا عن السلطة قبل ان يطفئوها.
والواقع ان الجدل الدائر حاليا في واشنطن وما تطرحه وتسربه الإدارة الأمريكية إلى وسائل الإعلام حول أفغانستان يبقي –في رأيي- بمثابة التمهيد اللازم لإعلان الهزيمة والخروج من أفغانستان برأس شبه مرفوعة. ومن اجل ذلك وضعت الولايات المتحدة خطة إعلامية ودعائية متكاملة لإخراج الهزيمة على نمط أفلام هوليوود. وتشمل هذه الخطة المتعددة المراحل التفرقة ولأول مرة بين طالبان والقاعدة، ولعل ذلك ما أكده الرئيس اوباما عندما حدد تنظيم القاعدة باعتباره الهدف الأساسي لسياسته في أفغانستان عندما أعلن في مارس الماضي إرسال 21 ألف جندي أمريكي إضافي إلى المنطقة. وقد تلي ذلك تأكيد مستشاريه أثناء مراجعاتهم المستمرة للأوضاع في أفغانستان ان القاعدة وطالبان منظمتان مختلفتان من الناحية الفلسفية. وقد أعاد روبرت جيبس السكرتير الصحفي للبيت الأبيض التأكيد على هذه التفرقة الخميس الماضي عندما قال إن هناك اختلافا واضحا بين طالبان وبين تنظيم القاعدة الذي يسعى- حسب وصفه- من خلال شبكة جهادية عالمية إلى ضرب الأراضي الأمريكية. أما طالبان فان قدراتها على تهديد الولايات المتحدة محدودة للغاية. وقد كانت هذه التفرقة مهمة للغاية لدفع بعض المسئولين في البيت الأبيض إلى دعم سياسة جديدة ومحدودة في أفغانستان تركز أولا وربما أخيرا أيضا على ضرب تنظيم القاعدة.
كما تشمل الخطة الأمريكية للتمهيد لإنهاء الحرب، إعلان ان حركة طالبان لا يمكن القضاء عليها عسكريا بوصفها حركة سياسية في المقام الأول. والاعتراف كما يقول الأمريكيون أنفسهم الآن- بأنها حركة عميقة الجذور في المجتمع الأفغاني، وبالتالي فان التعامل معها يتطلب نهجا مختلفا عن نهج التعامل مع تنظيم القاعدة. ولا مانع هنا من تشبيه الحركة بحزب الله في لبنان الذي تنظر إليه الحكومة الأمريكية باعتباره منظمة إرهابية وانه مصدر من مصادر عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، ومع ذلك فإنها تدرك ان هذا الحزب يحظى بدعم سياسي وشعبي داخل لبنان وربما في المنطقة كلها وادمج نفسه في العملية السياسية ولا يمثل تهديدا للولايات المتحدة. وعلي هذا الأساس يمكن بالجهود الدبلوماسية والدعائية تحويل حركة طالبان من حركة معادية للولايات المتحدة إلى حركة سياسية تعمل من داخل النظام الأفغاني الموالي لها.
وبناءً على ما سبق فقد خفضت الإدارة الأمريكية سقف الأهداف المعلنة من القضاء على طالبان قضاء مبرما إلى إضعاف الحركة ومنعها من تشكيل تهديد حقيقي لحكومة الرئيس قرضاي أو توفير ملاذ آمن لتنظيم القاعدة في أفغانستان. وتتفق تلك الأهداف مع ما جاء في إستراتيجية الجنرال ماكريستال الجديدة التي لا تركز على الاستيلاء على الأرض أو تدمير قوات طالبان، والتحول إلى أداء الخدمات لسكان المدن في محاولة لإقناعهم بدعم الحكومة وعدم الانضمام إلى طالبان. وتستند هذه الإستراتيجية على ما رآه ماكريستال بنفسه على الأرض وضمنه في تقريره الذي يقع في 66 صفحة ويقول فيه ان حركة طالبان أصبحت من القوة لدرجة أنها تدير حكومة موازية أو حكومة ظل -حسب تعبيره- تسعى للسيطرة على السكان وإضعاف الحكومة المركزية الضعيفة أصلا والتي تواجه أزمة شرعية بعد الاتهامات الواسعة بتزوير الانتخابات الأخيرة التي فاز فيها الرئيس حامد قرضاي.
والواقع ان إستراتيجية ماكريستال ان تم إجازتها من شأنها ان تسرع بإعلان الهزيمة الأمريكية خاصة وأنها تقوم على إعادة نشر القوات الأمريكية والدولية البالغ عددها نحو 100 ألف جندي في المدن والبلدات الرئيسية بدعوى توفير حماية أفضل للشعب الأفغاني، علي أساس ان تأمين السكان وإقناعهم بان العيش في ظل الحكومة المركزية أفضل من العيش في ظل حركة طالبان، وهو هدف يبدو في نظر الأمريكيين أكثر أهمية من التمسك بالأرض. وإذا ما تم ذلك فان القوات الأمريكية والدولية ستترك مساحات واسعة من الأراضي لحركة طالبان تستطيع من خلالها إعادة تنظيم نفسها عسكريا واتخاذ هذه الأراضي منطلقا لهجمات عنيفة على قوات التحالف تدفعها في الأخير إلى خروج مذل مشابه للخروج السوفيتي من هذه الأراضي الملتهبة على الدوام.
اوباما ونوبل
أعلنت اللجنة النرويجية فوز الرئيس الأمريكي باراك اوباما بجائزة نوبل للسلام لهذا العام تثمينا لجهوده "الاستثنائية" من اجل تعزيز دور الدبلوماسية على المسرح الدولي وتعزيز التعاون بين الشعوب، وجهوده من أجل خلق عالم خال من الأسلحة النووية. وفي تقديري- كما الكثيرين- فان الجائزة منحت لاوباما قبل ان يستحقها خاصة وانه لم يكمل عامه الأول بعد في الرئاسة الأمريكية، كما أن ملفات الحروب الأمريكية في الشرق الأوسط التي وعد بغلقها لازالت مفتوحة وعلى رأسها ملف أفغانستان الذي نتحدث عنه، ومع ذلك فان الجائزة قد تكون دافعا لاوباما للتحلي بالشجاعة الكافية وإعلان فشل الحرب على أفغانستان وإنهاء الحرب فيها قريبا.
أستاذ الصحافة والنشر الاليكتروني- جامعة السلطان قابوس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.