- "مرسى" لم يمتلك أدوات إنهاء الأزمة السياسية فى مصر وهمه الوحيد الحفاظ على كرسى الرئاسة - فرض الطوارئ حل لوقف نزيف الدماء ولكنه غير دستورى.. والحكومة الائتلافية وحل مشكلة المواد الخلافية بالدستور ضامن للخروج من الأزمة. - حرمان الجماعة من السلطة سنوات طويلة جعلهم "حزبًا وطنيًا جديدًا".. والحوار الوطنى الفرصة الأخيرة لدولة الإخوان. - التيار الإسلامى سيحصل على الأغلبية فى البرلمان القادم رغم أن كتلتهم التصويتية أقل من 30%.. ودخول حزب "الكنبة" اللعبة السياسية تهدد سيطرتهم على الشارع. - معايير صندوق النقد الدولى تهدد الشارع المصرى بثورة جياع تقضى على الأخضر واليابس. أكد الدكتور رشاد عبده - رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية - على الرئيس محمد مرسى لا يمتلك الأدوات التى تمكنه من إنهاء الأزمة السياسية فى مصر، بعد أن أصبح همه الوحيد الحفاظ على كرسى الرئاسة، موضحًا أن فرض الطوارئ على مدن القناة الثلاث كان مجرد حلًا لوقف نزيف الدماء رغم أنه لم يكن دستوريًا. وقال رشاد فى حواره مع "المصريون" إن فكرة الخروج من الأزمة لن تتحقق إلا بالحكومة الائتلافية، وحل مشكلة المواد الخلافية بالدستور كضامن لإنهاء حالة الصراع، مبينًا أن الحوار الوطنى الحقيقى سيكون الفرصة الأخيرة التى تحافظ على دولة الإخوان التى يريدونها، مشيرًا فى الوقت نفسه إلى أن الحرمان الذى تعرضت له التيارات الإسلامية والسلفية جعلهم يتعاملون وكأنهم "حزب وطنى بشرطة"، وأن هذا سيرفضه الشارع المصرى الذى ثار من أجل هذا. وإلى نص الحوار أكد الدكتور رشاد عبده - رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية - ** فى البداية.. ما هو تحليلك السياسى لخطاب الرئيس؟ يجب أن تعلمى.. أن هذا الخطاب جاء نتيجة الخوف الشديد والذعر مما يحدث فالرئيس لم يعد يملك الأدوات التى يتخذ بها إجراءات لإنهاء الأزمة، وشعوره بأن الأمور أصبحت خارج السيطرة جعلته حريصًا جدًا على الحفاظ على منصب الرئيس بالدرجة الأولى، وعلى نظامه بالدرجة الثانية، ومصر بالدرجة الثالثة، فهو يحاول بفرض حالة الطوارئ فى بعض المحافظات أن يقوم بوقف نزيف الدماء، لأنه إذا لم يفرض حالة الطوارئ فى هذه المحافظات، سيكون هناك تزايد وانتشار للأزمة فى كل البلد، لكنه لابد أن يعلم أن الحلول الأمنية ليست هى الحلول الناجحة. ** فرض حالة الطوارئ لم يكن دستوريًا كما صرح الفقهاء الدستوريون؟ ليس هذا وقت دستورى أم غير دستورى، فلم يكن أمام الرئيس حل آخر عندما وجد "البلد تحترق"، لذلك من حق الرئيس فرض حالة الطوارئ فى أى وقت لإنقاذ البلد من نار الفتنة، فأحداث بورسعيد لم يكن أن تنتهى على الطلاق دون فرض قانون الطوارئ. ** وماذا عن الحوار الوطنى؟ أتفق معك.. فالحلول الأمنية لم تعد حلًا ناجحًا، والحوار الوطنى هو الحل الحقيقى للخروج من هذه الأزمة، ولكنه يجب أن يكون حوارًا حقيقيًا، وليس حوارًا شكليًا كما حدث من قبل لتهدئة المناخ وتمرير الأزمة، فلا نستطيع أن ننسى أن الرئيس كان قد دعا إلى حوار وطنى مع القوى السياسية المعارضة بعد أزمة الإعلان الدستورى ثم بعد ذلك قام مجلس الشورى بإلغاء ما تم الاتفاق عليه فى الحوار بشأن قرار الانتخابات، ثم يأتى المتحدث باسم الرئاسة ليصرح بأن الرئاسة لا تستطيع التدخل فى أعمال البرلمان، وبأن البرلمان هو صاحب القرار، فلماذا يتم إجراء حوار من الأصل إذا لم يتم تطبيق القرارات الناتجة عن هذا الحوار، وبالتالى أى حديث آخر عن حوار وطنى مع المعارضة والكنيسة دون ضمانات لن يكون ذا جدوى لفقدان المصداقية بسبب الحوار السابق. ** وما هى الضمانات المطلوبة ليكون هناك حوار حقيقى بين الأحزاب المعارضة والحزب الحاكم للخروج من هذه الأزمة؟ الجميع يعلم أنه يجب أن يكون هناك استجابة حقيقية لمطالب الشعب، وليس مجرد وعود زائفة لامتصاص موقف وعبور أزمة، وذلك بتشكيل حكومة ائتلافية بدلًا من حكومة هشام قنديل، وعلى الحكومة الحالية أن تعلن استقالتها فورًا وتشكيل حكومة ائتلافية، كما يجب أن يكون هناك حوار حول الدستور، وإعادة مناقشة البنود المختلف حولها بشكل به الكثير من الشفافية، لأنه إذا حدث هذا الحوار وبعد ذلك ضرب به عرض الحائط كما حدث من قبل فلن يكون هناك حوار فى مصر مره أخرى، فهذه هى الفرصة الأخيرة للنظام لإنقاذ البلد من الاشتعال، فهذه الحلول العملية هى الضامن الوحيد للخروج من هذه الأزمة، فنسبة عالية من هذه المظاهرات كانت مرتبطة بشعور الشعب أنه لم يجن ثمار الثورة، لأنه وجد الثورة فى جانب والرئاسة والسلطة فى جانب آخر، لذلك يجب أن يكون هناك استجابة حقيقية وتفعيل لمطالب الجماهير وترجمة لأهداف الثورة لتحقيق التوازن والمشاركة الحقيقية داخل المجتمع. ** معنى هذا.. أنك تعتقد أن الأزمة ستتجه إلى مزيد من التصعيد؟ من الواضح أن الوضع سيئ جدًا، ففقدان الثقة بين الشعب والحكم والنظام كبيرة جدًا، وهذا لا يمكن أن يخلق مرحلة من الوئام، بل سنجد كثيرًا من الصراعات، وسيؤثر ذلك بدوره بذلك على الاقتصاد، فالبورصة ستخسر، والجنية المصرى سينخفض أكثر أمام الدولار، والتصنيف الائتمانى سينخفض أكثر، كما أننا لن نحصل على القروض الخارجية نتيجة الأحداث والأزمات المتتالية التى نمر بها. ** وماذا عن مجلس الدفاع الوطنى، فهل يمكن أن ينهى الأزمة فى الشارع؟ نحن لسنا دولة عسكرية ليكون لدينا مجلس دفاع وطنى من العسكريين بشكل دائم، فنحن تخلصنا من الحكم العسكرى وأصبح لدينا رئيس منتخب، لذلك فالعسكر ليس لهم دور رئيسى فى حكم البلاد، لكن الحاكم استعان بهم حتى يستطيع تهدئة المناخ، وفرض النظام والأمن، لكن الحل لهذا البلد ليست الحلول الأمنية بل الحلول الديمقراطية، فالحوار هو الخطوة الرئيسية لخلق مصداقية بين الشعب والحاكم. ** كيف للشباب الذى استطاع أن يحرك الناس بأعداد ضخمة ويحشدهم لا يستطيع التأثير فى الواقع السياسى؟ الجميع يعلم أن التجربة السياسية لم تتضح ولم تتبلور بعد، فنجد على الساحة السياسية الآن إما أحزاب ما قبل الثورة وهذه الأحزاب لم تكن تحوز ثقة الشعب لذلك لم يكن لها ثقل حقيقى قبل الثورة أو حتى بعد الثورة، أو أحزاب جديدة تشكلت بعد الثورة وليس لديها المواقف والتجارب والخبرات التى تستطيع بها الاستحواذ على فكر وعقل الجماهير فى مصر، والشباب رغم كثرته لم ينضم بفاعلية إلى الأحزاب وبذلك لم يشارك بثقل حقيقى من خلال التصويت فى الانتخابات، فنحن لدينا حالة من الفوران السياسى فنجد الشعب ينفعل عندما تشتعل الأمور، وبمجرد هدوء المناخ العام ينضم الجميع إلى حزب الكنبة ولا يشارك لا فى مجتمع مدنى ولا فى أحزاب، وبالتالى أنت لم تشارك فلا تستطيع أن تنتقل إلى الخطوة المنشودة وهى أنك تستطيع أن تترجم قوتك على الأرض بالمشاركة الفعلية. ** هذا يدل على تفكك التيار المعارض أو المدنى، فهل تعتقد أنهم يمكنهم الصمود للوصول إلى التغيير المطلوب؟ بالطبع لا.. فالتيار المدنى وحتى جبهة الإنقاذ من السهل أن تحدثى داخلهم شرخًا أو تضعى بينهم بذور الفتنة، ولذلك فالانتخابات القادمة لمجلس النواب سيحصل التيار الإسلامى السياسى على الأغلبية رغم كل الاعتبارات التى ظهرت فى ميادين كل محافظات مصر، لأنهم من القوى المنظمة الحقيقية، ومازال قادرًا على حشد الجماهير، بينما المعارضة تتجمع على فترات، وبالتالى ليس لها تواجد أو ثقل حقيقى دائم، كما أن بعض الأحزاب الدينية تقوم بعمل تكتلات مع بعض أعضاء جبهة الإنقاذ، وهذا يحدث شرخًا فى جبهة الإنقاذ، فأعضاء جبهة الإنقاذ لديهم نوع من المراهقة السياسية، ولذلك لن يكونوا على قائمة واحدة، وهذا يحدث تفتيتًا للأصوات، وهذا سيكون فى صالح التيار الإسلامى السياسى. ** الجميع يكره الحكم الدينى ويهاجم الإخوان المسلمين ورغم ذلك يتبعونهم وقت الاستفتاء.. أليس هذا نوع من الشيزوفرينيا؟ ليست شيزوفرينيا فالذى يذهب للانتخابات 50% تقريبًا من الشعب المصرى، والإخوان لديهم أقل من 30% من الشعب المصرى، بذلك عندما يصوت كل الإخوان فى الانتخابات تكون النتيجة فى صالح الإخوان لأنهم أكثر عددًا، وبالتالى الإخوان رغم أنهم يملكون 30% من المجتمع كله إلا أن النتيجة ستكون فى صالحهم، لكن يمكن أن يحدث تغير سياسى إذا قام حزب الكنبة بالتصويت فى الانتخابات بالإضافة إلى أن التجربة الانتخابية ليست نقية، فالمرشحون يلعبون على وتر الجهل، فنسبة الأمية فى مصر تفوق 40% وفى ظل الجهل كيف يستطيع أن يختار المواطن الغلبان غير المرشح "بتاع ربنا". ** هل تعتقد أن ما يحدث من انقسام قد يكون نتاج ضعف الثقافة الثورية فى مصر خاصة أن آخر ثورة شعبية كانت 1919؟ هذا غير صحيح.. فتطبيق سياسية الإخوان هى من قسمت الدولة، فأخونة الدولة، والسيطرة على كل المواقع، والأزمات الاقتصادية المتتالية، وضربهم لمطالب الثورة عرض الحائط، وتحقيق مصالحهم الخاصة دون العامة، والعنجهية الزائدة مع المجتمع، وتصريحات قيادات الإخوان التى استفزت الجماهير مثل دعوة اليهود لأخذ ممتلكاتهم، وحول إمكانية توطين الفلسطينيين فى سيناء، وفى نفس الوقت عدم توحد جبهة الإنقاذ. ** ولذلك يؤكد البعض على أن رائحة الثورة الثانية قادمة؟ هذا صحيح.. ولكنها ستكون ثورة جياع، فنحن نمر بأزمات يومية بسبب الغلاء الذى يزيد يومًا عن آخر، كم أن الرئيس مرسى سيقوم برفع التجميد على ضريبة المبيعات لإرضاء صندوق النقد الدولى بعد انتخابات مجلس النواب، وهذه الإجراءات ستعجل بثوره الجياع. ** هل تعتقد أن الإخوان يتبعون نفس أخطاء الحزب الوطنى؟ أعتقد أنهم يرتدون حلة وعباءة الحزب الوطنى السابق، فكل سياسيات الحزب الوطنى يقومون بتطبيقها، لكن الحزب الوطنى كان على مدار سنوات طويلة فحقق تشبع وتوازن، بينما الإخوان كان لديهم حرمان شديد للسلطة، وبالتالى أصبحوا "حزبًا وطنيًّا بشرطة". ** وهل تعتقد أن الإخوان قادرون على تحويل مصر إلى دوله دينية؟ بالطبع سيحاولون لكنهم سيفشلون فمن المستحيل أن تكون مصر أفغانستان أو إيران جديدة.