من العجيب أن نرى انقضاضًا على الدولة من جميع الاتجاهات، مصر للطيران جزء من هذا العبث، ولا أدرى لمصلحة من؟ أردنا السفر إلى القاهرة فوجدنا أن تذاكر الطيران على بعض شركات الطيران غير المصرية يقل ثلاثين بالمائة عن مصر للطيران. ولكن بدافع الوطنية وحب البلد حجزنا على شركتنا الوطنية. وكانت المفاجأة الصادمة أننا وجدنا بعد إقلاع الطائرة بنا إلى مصر الحبيبة أن معظم كراسى الطائرة خالية من الركاب، وأن عدد الركاب يعد على الأصابع. وتكررت الحالة فى رحلة العودة من القاهرة إلى مكان عملى فى بلد الاغتراب الذى يزخر بالمصريين أمثالى. سألت نفسى لمصلحة من تذهب الطائرات وتعود بلا ركاب؟ مرتبات طيارين، مضيفين، رسوم طيران فى أجواء البلدان التى تطير فوقها الطائرات، رسوم خدمات للمطارات التى تهبط فيها، وقود وغيرها؛ هل هو منهج التدمير؟ أم سعى لإفلاس المؤسسات الوطنية؟ لماذا تقوم شركة مصر للطيران برفع الأسعار وتدفع المسافرين للبحث عن شركات أخرى؟ سؤال يحتاج إلى إجابة. وثمة مفاجئة أخرى لم تكن من سياسة مصر للطيران فى كل تاريخها، وهى أن طفلة صغيرة كانت تجلس بجوارى حين بدأ بث فليم أغضب سعادة رئيس مجلس الشورى الذى اعترض بث مثل هذه أفلام على متن طائراتنا الوطنية وله الحق والتحية؛ كما فعلها أيضًا ركاب فى المغرب مع شركتنا قبل أيام؛ حيث كان الفيلم يحتوى على مشاهد ساخنة وقبلات لم أجد إلا أن أحاول التحدث مع الطفلة حتى لا ترى هذه المناظر السيئة. أنا دائم السفر، وقد سافرت على عدد كبير جدًا من الشركات العربية والأجنبية، ولم أر مثل هذا الابتذال والعرض لأفلام موحدة بهذه الطريقة المفسدة والمسيئة لمصر وطيرانها. فمعظم الشركات توفر شاشة أمام كل راكب ليختار ما يحب دون أن يطلع أحد على ما يشاهده. فهى تحترم خصوصيات الناس وتفعل ما باستطاعتها لكسب رضا الجميع على تعدد أذواقهم وتناقضها فى معظم الأحيان. ولكن مصر للطيران تستثير غضب ركابها من الجنسين ممن يحترمون أنفسهم، لإجبارهم على مشاهدة أفلام خليعة تعرضها على شاشات علوية موحدة للجميع، تعرض الشىء نفسه للجميع، ولا يمكن للراكب التحكم فيما يعرض عليها، وهذا أيضًا يطرح سؤالًاً آخر، وهو: هل يوجد منهج متبع لتنفير الناس من شركتنا الوطنية تمهيدًا لتدميرها؟ وهنا لا أستطيع إلا أن ألعن نظرية المؤامرة التى أتى بها الشيطان إلى رأسى الآن.