ما رأيكم فى أبى ذر؟! نعم، عن أبى ذر الغفارى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحدث، ما رأيكم فيه؟! أتحسبونه على خير أم لا؟! الإجابة: هو يقينًا على خير عظيم، فهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى أثنى عليه كثيرًا ودعا له بالرحمة، وكان من السباقين السباقين فى الإسلام، وهو من الصحابة العدول العظام الذين أنزل الله عدالتهم من فوق سبع سماوات فى كتابه وفيما أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم من أحاديث، فهو على خير عظيم مؤكد، وليس مثل صالحى قومنا الذين نحسبهم على خير ونحكم عليهم بالظاهر ونوكل سرائرهم إلى الله، ولكن كل هذا الخير العظيم الذى فى أبى ذر رضى الله عنه لم يؤهله عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لتولى ولاية صغيرة فى دولة النبى الناشئة، وقال له الرسول "يا أبا ذرٍّ!، إنك ضعيفٌ، وإنها أمانةٌ، وإنها يومَ القيامةِ خزى وندامةٌ، إلا من أخذها بحقِّها وأدَّى الذى عليهِ فيها) رواه مسلم. من هنا يتضح أن الذين إذا حدثتهم عن فلان الذى يتولى مسؤولية ولا يظهر فيها كفاءته ردوا عليك قائلين (لكننا نحسبه على خير)، ويقصدون بهذا الخير إما صلاح الأعمال العبادية الظاهرة، أو صلاح النية فأعلم أنهم لا يتحدثون على منهج الإسلام فى اختيار المسئولين، وإنما يتحدثون عن المنهج (المطيباتي)، أما منهج الإسلام فهو يتضح فى عدم اختيار الرسول لأبى ذر لأنه ضعيف، وهى أمانة، وهى يوم القيامة خزى وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذى عليه فيها. ويلاحظ أن الترتيب فى الإسلام لم يتغير أبدًا فى شروط اختيار المسئول، والترتيب كما بينته الآية الكريمة المقرة لكلام ابنة الرجل الصالح حين قالت: "يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِى الْأَمِينُ"، القوة على تحمل أعباء هذا المنصب، والأمانة التى تجعله يؤدى إلى كل ذى حق حقه، فوضع الإسلام القوة أى الكفاءة قبل الأمانة، كلاهما مطلوب وبهذا الترتيب، وهو ذاته الترتيب الذى بينه الحديث، فالولاية خزى وندامة إلا الذى أخذها بحقها (وهى الكفاءة)، وأدى الذى عليه فيها (وهى الأمانة)، وهو ذاته الترتيب الذى جعل خالد بن الوليد وعمر بن العاص اللذين أسلما قبلها بأيام يتولون إمارة سرايا من المسلمين وتحت إمرتهم كبار الصحابة مثل أبى بكر وعمر. وأرتقى درجة وأقول إنه إذا رأيت الرجل يصلى النوافل فوق الفروض، ويقوم الليل ويصوم النهار، ويقرى الضيف ويكرم جاره، ثم رأيته يقتحم ولاية ليس كفؤًا فيها فلا تقل ساعتها (نحسبه على خير)، بل قل (نحسبه على شر)، شر مستطير فى آخرته وفى دنيا غيره، هذا هو ما أخبرنا به للتو حديث رسول الله، إذ سماها خزى وندامة يوم القيامة إلا من أخذها بحقها، وسماها أمانة، فمن اعتلى مكانًا ليس بذى كفاءة فيه فقد ضيع الأمانة، فمن فعل ذلك فأرجوك لا تقل فى حقه (نحسبه على خير)!! أى خير وقد تقحم تضييع الأمانة على بصيرة؟ ولا تظن أنه ينجو بأن ينطبق فيه قول الحق (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا)، لو اتقى الله لما حملها وضيعها! ومن تولى عملًا وهو يعلم أن هناك من هو أكفأ منه له فقد خان الله والرعية، ومن أسند لأحدهم عملًا، وهو يرى أن هناك من هو أكفأ من المسند إليه فقد خان الله والرعية، قال رسول الله فى الحديث الصحيح الذى أخرجه السيوطى فى الجامع "منِ استعملَ رجلًا منِ عصابةٍ، وفيهم منْ هوَ أرضَى للهِ منهُ، فقدْ خانَ اللهَ ورسولَه والمؤمنينَ"، وكما بين الرسول فإن الأرضى لله هو الأكفأ أولًا، ولو لم تكن بهذا المعنى لما تقدم خالد بين الوليد على أبى عبيدة بن الجراح وغيره من أكابر المهاجرين، ولذلك قال عمر "من ولى من أمر المسلمين شيئا، فولّى رجلاً وهو يجد من هو أصلح للمسلمين منه فقد خان الله ورسوله". فيا سيدى رئيس الوزراء، هل تسأل نفسك كل يوم: هل أنا الأكفأ لرئاسة الوزارة؟ هل هناك من هو أكفأ منى فأكون قد خنت الله والشعب المصرى إذ أصر على البقاء رغم عدم كفاءتي، وهل اختار الأكفأ فى مواقعهم حتى لا أكون خائنًا، ويا سيدى الرئيس، هل مازلت ترى فى نفسك الكفاءة للرئاسة وأنك تأخذها بحقها وتؤدى الذى عليك لها، فلا يكون عليك خزى وندامة يوم القيامة؟! ولو أنك كذلك فهل ترى رئيس الوزراء الذى اخترته هو الأكفأ حاليًا فلا تخشى أن يقع عليك حكم الله وسوله وتكون لهما وللرعية من الخائنين؟!....... هذه الأسئلة إجاباتها ليست عندى سيدى الرئيس، وسيدى رئيس الوزراء، بل عندكما، أعانكما الله على ما أنتم فيه.. ولن أقول بحقكما (نحسبهم على خير)، فالخير فيمن هو فى موضعكما هو الكفاءة أولًا ثم الأمانة، وإلا فهو على شر عظيم، وإن صام وصلى وزعم الزاعمون أنهم يحسبونه على خير!. [email protected] أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]