اللامبالاة والسلبية حتى الغيبوبة التي يغط فيها القطاع الأكبر من شعوبنا رغم كل ما جرى ويجري انتهاء بالتعامل الرسمي العربي مع قضية الإصلاح تذكرني بقصة للأديب السوري إبراهيم صموئيل اسمها (البيت ذو المدخل الواطئ). تحكى القصة عن رجل اشترى بيتا ذا مدخل منخفض ،وكان يضطر عند الدخول والخروج للانحناء لئلا تسفع حافة المدخل المنخفضة رأسه ، مع الوقت صار الانحناء كالتنفس ضرورة للسلامة ،ثم حدث بعد زمن أن انتقل الرجل لسكنى بيت جديد طبيعي مدخله مرتفع .. غير أنه واصل الانحناء عفوياً كلما دخل أو خرج. في هذه القصة القصيرة ربما لا يدرك كاتبها نفسه أنه يقدم لنا صورة نبوئية مترعة بالمأساوية حول مستقبلنا القريب.. ويطرح افتراضاً بالغ الجدارة بالاهتمام حول مسألة التغيير على أرضنا ، فالمواطنون الذين لم يقرأوا قصة (صموئيل) تغص قلوبهم بسموم القنوط وإزاء بقاء النظام في سدة العرش وفي انهزام اختياري يضفون عليه صبغة القدر الواقع لا محالة ، يقررون أنه باق.. باق رغم كل ما يحدث من معارضات مستميتة ، حتى وإن راهن المعارضون على التغيرات العالمية والإرادة الأمريكية الإصلاحية (ليس من إصلاح ،ولكن من مصلحة) والناس بذلك يصوتون لا إرادياً لصالح الانحناء الاختياري ، ربما لأن النظام نجح عبر أزمان القهر في قتل حتى الارتياح الفطري لمعني الأمل داخل قلوبهم. من ناحيتي ، أقرر أنني شخصياً لا أستبعد أبداً بطبيعة الحال أن يبقى النظام المصري كابسا على نفوسنا لأجل غير مسمى ،لأن سنن الكون تقول بأن ركاماً من الضياع والفساد كرسته قرون ، ليس بالضرورة أن تنسفه إرادة ماحقة للتغيير في هذه الفترة القصيرة.. لكن ليس ذلك هو المهم .. المهم والأصيل والنبيل والصادق والحقيقي أن مجرد إرادة التغيير عظيمة في حد ذاتها حتى وإن لم تؤت ثمارها بالسرعة التي نرجوها .. والأهم أن (التغيير والمقاومة لأجله) باتا خيارنا الإنساني والديني والأخلاقي الوحيد والجميل ، وطبعا لن أقول (الاستراتيجي الوحيد) لأني أعف عن مجرد اقتباس عبارة من عبارات النظام الأكثر مللا لاسيما في إطار سمعتها الملوثة وغرضها الرخيص في الترويج للانبطاح والدعاية للعدو..