.. إذا كنتم قد مللتم من دهاليز السياسة، وألاعيب السياسيين.. وزهقتم من أحاديث «الصكوك» وتحذيرات الإفلاس.. وتهويلات اندحار الجنيه تمهيدًا لانتحار الاقتصاد.. يئستم من توضيح الداخلية لكارثة القبض على الفلسطينيين اللذين اعترفا في محضر رسمي بكيفية دخولهما تهريبًا، ومساعدة قيادي حزبي بارز لهما، ومنحهما بطاقتي رقم قومي لمصريين.. ووعدهما بتسليمهما سلاحًا.. ثم تصمت كل أجهزة الأمن.. لا بيان يشفي الغليل.. ولا تصريح يكذب الخبر.. ولا مسؤول يقول لنا الحقيقة.. إذا كان ذلك كذلك فربما يستطيع أحدكم أن يتحمل معي عبء إعادة الحق لمصري مظلوم، تمكنت كلماته من انتزاع العبرات من عيني وأنا أتصور ما جرى لضابط مهندس شاب خريج الكلية الفنية العسكرية، دفعة 21 ورقمه العسكري 68311 هو الملازم أول (متقاعد) ضابط مهندس مجدي محمد منصور لاشين، فاقرأوا معي شكواه.. لتعرفوا ماذا يحدث في مصر قبل وبعد مبارك يقول مجدي: تخرجت من الكلية الفنية العسكرية - دفعة 21 فنية عسكرية - دفعة يوليو 1984 حصلت على بكالوريوس الهندسة الميكانيكية تخصص أسلحة وذخيرة وكنت أول التخصص بتقدير عام «جيد». حصلت على بكالوريوس العلوم العسكرية وتم تعييني بالقوات المسلحة برتبة (ملازم أول) بتاريخ 1984/7/1. ثم التحقت بالعمل بالورش الرئيسية للقوات المسلحة ورشة رقم 1 أسلحة (بورشة إصلاح وصيانة المدافع). وخلال عملي بالورش الرئيسية في الفترة من 1984/7/1 حتى 1985/6/30 حصلت على خمس فرق متخصصة. ويضيف الضابط المصري شارحًا اعتقاله وأسبابه: في فجر يوم 1987/6/3 قبل ذهابي إلى عملي بإدارة الأسلحة والذخيرة تم اعتقالي من جهات مدنية دون معرفة الأسباب لذلك ودون أي تدخل من المؤسسة التي أتبعها والمنوط بها محاسبتي عسكريًا إذا أخطأت وهي القوات المسلحة التي تركت جهات أمنية مدنية تقتحم بيتي فجرًا مما تسبب في إصابة والدتي بأزمة قلبية وتوفيت رحمها الله بعد ذلك متأثرة بهذه الأزمة القلبية. تم الزج بي في معتقل استقبال طرة، بل والأعجب من ذلك أن يصدر قرار من السيد رئيس الجمهورية السابق بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة بإحالتي إلى التقاعد بتاريخ 1987/6/10 قبل أن يتم أي تحقيق معي أو توجه لي أي تهمة، حيث تم اعتقالي لمدة أكثر من 6 أشهر تعرضت فيها لأشد أنواع التعذيب والإهانة والمعاملة غير الإنسانية، وعلمت وأنا في معتقل استقبال طرة بعد يومين من اعتقالي بوجود مجموعة أخرى من ضباط القوات المسلحة. وفي يوم تم أخذي لمقابلة قيادات أمنية بوزارة الداخلية لا أعرفها وأخبروني بأنهم سوف يجعلون مني «شاهد ملك» وسوف أحصل على مكافأة من وزير الداخلية اللواء زكي بدر ووزير الدفاع المشير محمد أبو غزالة وسوف أعود إلى الجيش معززًا مكرمًا ولكن بشرط أن أعترف على مجموعة الضباط الموجودين معي بالمعتقل بأنهم طلبوا مني سلاحًا وذخيرة وأنا رفضت وكان هدف هؤلاء الضباط القيام بانقلاب عسكري (وكأنهم اعتقدوا أن مهنتي كضابط مهندس متخصص في الأسلحة والذخيرة هي في حد ذاتها مستودع أسلحة وذخيرة متحرك يلبي طلبات من يحتاج إليه). أبديت لهم موافقتي على ذلك وتم أخذي في سيارة خاصة إلى نيابة أمن الدولة بدون أي قيود وعندما دخلت نيابة أمن الدولة للإدلاء بأقوالي وكان متواجدًا أحد المحامين المعروفين حاليًا الأستاذ ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشعب السابق فقد كان متبرعًا للدفاع عن جميع المعتقلين. وفي نيابة أمن الدولة وأمام المحامي المحترم الأستاذ ممدوح إسماعيل وهو يشهد على ذلك قلت ما أملاه عليّ ضميري، فأنا أبدًا لن أشهد شهادة زور على مجموعة من الضباط ولن أسيء يومًا إلى القوات المسلحة ولن أسمح لأي جهة أن تشي إلى القائمين على البلاد بأن هناك عناصر بالقوات المسلحة تسعى إلى عمل انقلاب عسكري زورًا وبهتانًا. يواصل الضابط شكواه في 17 صفحة تقطر بالمرارة والعذاب الذي واجهه في المعتقل وهو الضابط المهندس الشاب الذي كان كل حلمه أن يخدم بلده، فوجد مستقبله يداس بأقدام ثقيلة لا تعرف لرحمة الله طريقًا.. ولاحقه اعتقاله كنقطة سوداء منعته من الاستمرار في أي عمل داخل مصر حتى اضطر للسفر إلى الأردن، ثم ليبيا، وأخيرًا تونس حيث تم ترحيله قبل الثورة أيضًا بسبب «النقطة السوداء» التي لا دخل له بها، وكان ذلك قبل الثورة عام 2010، والآن بعد الثورة يحاول أن يستعيد حياته، ويسترد شرفه العسكري فهل يجد في وزير الدفاع الفريق أول السيسي أذنًا تصغي له؟.. يدًا يسخرها الرحمن لإعادة كرامته؟ اللهم بلغت.. اللهم فاشهد. واتقوا دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66