كنت أستعد للكتابة عن قطارات الموت "اللى بتروح ماترجعش"، وكيف أنها أصبحت one way وأنها "طريق المصريين إلى الجنة"، ونصيحتى إلى مسئولى السكة الحديد أن يستغلوا الوضع فى الدعاية إلى محبى الانتحار فى العالم بدعوتهم إلى ركوب القطار عندنا، ولكننى قررت فجأة الخروج من جو "العكننة" إلى ما أحمله فى جعبتى من ذكريات وحكايات صحفية.. ذات يوم جاءت دعوة للأستاذ الكيلانى من الوزير السابق فى نظام مبارك رشيد محمد رشيد، وكان قنصلًا فخريًا للبرتغال، بحضور حفل غداء على شرف رئيس دولة البرتغال ماريو سواريز، فذهبت بديلًا عنه، وكان الحفل فى مطعم "تيكا" على البحر مباشرة، وهناك اكتشفت فجأة أن الأغنياء فى بلادنا هم الذين يحيون، المهم هذه أول مرة أشوف فيها رئيس دولة بحق وحقيق، و"آكل معه كمان"، وكان الغداء سمكًا، ولكن قبل أن يقدموا الطعام، كان الطهاة يحضرون الأسماك طازجة إلى فخامة الرئيس ليتفحصها أولًا، بشكل لافت، وكان رشيد محمد رشيد يقوم على خدمته بنفسه، وانتهت القصة بصورة تذكارية مع الرجل، ولم أكن أعرف أن رؤساء الدول عندهم أناس عاديين، وليسوا أنصاف آلهة كما عندنا، ذات يوم، قررت أن أكتب عن نزلاء مستشفى المعمورة "المجانين"، وكنت أنظر لهؤلاء على أنهم "مجانين فى نعيم"، وبالفعل دخلت المستشفى بالاتفاق مع المدير الدكتور عقل "لاحظوا الاسم"، وأنا أتجول بين المرضى، حاولت أداء بعض حركات المجانين، كما تعلمتها من فيلم إسماعيل يس، فسمعت اثنين من النزلاء، يتحدثان عنى، وينصحان باقى النزلاء بالابتعاد عنى لأن "شكلى مجنون"، فتعجبت من ذلك، وعرفت بعد ذلك أن كثيرًا من هؤلاء يدعى الجنون هروبًا من ضغوط الحياة، وبعدها أردت الخروج فلم أجد الدكتور عقل، ورفض الحارس تصديقى، وكنت على وشك الخضوع لجلسة كهرباء، وكانت ساعات لا تنسى وربنا سلم، ذات يوم أردت دخول المشرحة لأكشف أين تذهب الجثث بعدما انتشرت رائحة الفساد ببيعها لطلاب الطب، فاتفقت مع زميلتى وارتدينا أروابًا بيضاء، وتوجهنا للمشرحة ب "كوم الدكة"، ونصحنا أحد الأطباء بحفظ بعض المصطلحات الطبية حتى لا تنكشف الخطة، وفعلًا وجدنا "حانوتى المشرحة " ملمًا بكثير من مصطلحات الطب، فطلبت منه شراء ساق ميت، فطلب 200 جنيه، ووضعها فى "شوال" من الخيش وناولها لى، فخرجت فى الشارع وأنا أحمل "الشوال"، ورفض الجمع استقبالى بساق الميت وهربت زميلتى منى، حتى أسرتى رفضت، وظللت أحملها طوال اليوم حتى زهقت ووضعتها على الرصيف بعد الاعتذار لصاحب الساق الذى لا أعرفه، وحرمت أعملها تانى، ثم سافرت للعمل فى الخليج لتبدأ قصص وحكايات أخرى.. [email protected]