حلم البحار الأعمي وأنا الذي كنت أفكر في الحياة دائما كشيء زائد عن الحاجة تماماً أكتب أطناناً من القصائد الفارهة وأمزقها عبر النافذة هناك. ومن خلال الروح التي تتنطط مثل فأر في مصيدة في زاوية الفم مايشبه القطط الميتة في المعدة ألم بحجم الميتافيزيقا بين الأسنان هواء محبوس بطول سكة حديدْ ماذا أفعل - أنا- إذا كنت لم أقرأ سقراط لحد الآن وعلام يبحث أفلاطون خلف عربته المعطوبة هذه والتي تجزُّ الحياة من رقبتها !! روحي مريضة بجد وفي قلبي غثيان بحجم الكرة الأرضية بي ألم في الرأس من ضراوة الحياة هلم بنا لنجلس علي طاولة أخري ياصديق فكل الطاولات مشغولة كما تري الكل يريد الحياة والكل يهرب من الحياة والأحلام تتصاعد في الرأس مثل مفرزة لجيش مهزوم أو عملة ذهبية مزيفة والموت هذا الجوّال الأعمي ينزل بسقاطاته الكبيرةِ ليبتلعَ السمكةَ في الشصِّ!! شاعر مجرد شاعر! شاعر عبقري شاعر مجنون شاعر تافه مجرد شاعر يري الليل من خرم إبرة ويحبس الزمن - علي الطاولة- إلي جواره في أنبوبة غازْ شاعر ذو مزايا مزدوجة يعمل بائعاً للأبقار وفي الليل يكنس النجوم من علي طاولات المقاهي ربما لاينال شيئاً من هذه الحياة بعد أن صارت مثل بهيمة لاتعنيه أصلاً في شيء يجلس إلي مكتبه بالساعات في انتظار أن يسمع مكالمة هاتفية من أحد، ويتخيل نفسه بحراً ليصل إلي قارات أنأي من تلك التي يتخيلها العقل أو توجد علي الأطالس يتخيل نفسه رجل ساعات يصلح العقارب المعطوبة ويعرف كيف يضبط الزمن وقد يتخيل نفسه -أخيراً- سفينة شراعية تدور بين المجرات والكواكب بعد أن خرجت من نطاق الجاذبية فلا تلاحقه الهزائم أو يعتوره الجنونْ. وبعد ان يفرغ من كل ذلك تماماً يجلس إلي مكتبه بالساعات في انتظار أن يسمع مكالمةً هاتفيةً من أحد. أن تأتيه كلمة مجرد كلمة أجيرة من تحت عقب البابْ عليها بعض التجاعيد وقليل من حبات العرقْ وربما يفكر. في أن يعيد ترتيب أوراقه القديمة عن السكك وأبناء الشوارع وبائعي العرق سوس وكراسات جورج حنين الملونة وتصورات اسبينوزا عن اللاهوت والسياسة وكتاب الموتي هل البحر بعيد عن هنا هل الأرض فعلاً ذرة بين المجرات هل السماء واطئة إلي هذا الحدّ لكي تنام قلعة جرامشي أمام بوابة مقبرة؟! عربة كانط المحملة بالأخطاء دائماً لاتسخروا مني يا أبناء الكلاب والقطط فحياتنا الوسخة هذه، لاتشبه إلا غرفة إنعاش أو بصلةً مُدَوَّدة!! كلماتنا، التي كنا نحسبها مقدسة أو شبه مقدسة لاتصلح لإيواء فردة حذاء فوق سطح زريبة خنازيرْ فقط نتوقف تحت الأرصفة الغائبة عن الوعي وأمام المستشفيات العمومية من أجل أن نتقاتل علي حفنة من الهواء الذي يشبه الروث الإنساني الجاف أو طبق من الفاصوليا في الطرقات الراسخة للمدن الرحبة نطارد الذباب والسحالي كالقطط الجائعة وننام أمام الصيدليات العامة كمخلفات حرب كونية أو كمتسولين عظام من أجل حقنة ماكس فورتْ! ماذا نصنع في هذا الوقت من الليل سوي إصلاح المواسير المعطوبة للإنسانية المعطلةِ وانتظار طاقية الإخفاء علي عربة حَانط المحملة بالأخطاء دائماً هلموا هلموا يا أبناء القطط والكلاب من قبل ان تمتلئ الصحراوات بالجثث في مقابر الصدقة الجارية سوف نلتقي الليلة وسكان الكواكب المجاورة!! مقهي ريش في السماء الأقرب من راحة اليد في الدورة الدموية الأعمق من الكلوروفيل في العين الأبعد من حدود السماء الراسخة في البنطلون الأقرب اليّ من الأنف في الفوط المعلقة علي المشجب الخلفي للفراغ في هذه الحياة الوسخة التي أعرفها عن ظهر قلب أجلس لأتأكد: أن العين لاتزال في مؤخرة الرأس - وتعمل بكفاءة عشرة عمال نظافة علي الأقل- أن القلب مازال ينبض في السترة الخلفية للزمن في السماء الأقرب من راحة اليد أجلس لأتأكد أن الرصيف المقابل للعالم مازال يعمل - وكما هي العادة دائماً من السابعة صباحاً وحتي العاشرة ليلاً مثل صيدلية عمومية - أن القمر بفوانيسه الكبريتية وانشقاقاتهِ بمربعاته و مثلثاته لايزال يدخن الماريجوانا علي صحراء الربع الخالي ماذا أقول عن نفسي التي تنزعج من اليود والبوتاسيوم ورائحة السياسة في العالم الثالث والمجازر الجماعية والفردية في النجف وكربلاء ما الذي يمكنني ان اقوله عن التآكل اللاإرادي للإرادة الحرة وتفكك الوعي الكوني للأنثروبولوجيا عن هذه القطط التي تنام في المخيلة وتخربش في الذاكرة وتبحلق من النافذة مثل أفعي اسطوانية أو كسقاطة منزل مجاور عن نباتات الظل الحارقة والتي تعمل بالغاز الطبيعي وتنام تحت سقف بيتي كالمخدرات وهي تصعد وتهبط كالاسفنج المكربن فوق قارات الغير مترابطة بالأساسْ ولاتتوقف عند هبوب أية عاصفة او تشققات تحدث في الطبقات البنكرياسية الأعمق للعالم!! ما الذي يمكن ان اقوله عن الليل الذي يخاف من الليل وينعس في المخيلة كالوطاويط وبقامته هذه الأكثر ثقلاً من جبل ببراكينْ ما الذي يمكنني أن أقوله عن الهواء الذي يخرج من البنايات المجاورة لروحي تماماً كالأثداء المتغضنة لامرأة في السبعين وهو يشمخ عبر الأنف والذاكرة فيما أصابعه الحمراء المدهونة بالنفايات وخبث الحديد والكربون المشع تنطبع علي الحوائط والجدران مثل أشباح والت ديزني ماذا اقول عن الأمل الذي أعبئه في برطمان من النوستالوجيا وأنا متأكد من وساخته تماماً بعيداً عن الأحبال الصوتية ومدائن الغبار هذه في السماء الأقرب من راحة اليد في العين اللمّاعة الأبعد من حدود السماء أجلس لأتأكد!!ا أنني لازلت هنا في قلب العالم وعلي هذا الرصيف بالذات وأمام هذه الساقية المعطلة والكائنات الضالة أجلسُ لأشرب البيرة المثلجة ثلاث مرات علي الأقل يومياً من يد فلفل بفوطته الصفراء داخل مقهي ريش ذات عصرية مهربة!! ذاتيتي أكتب عن ذاتيتي المحطمةْ ذاتيتي المفخخة التي تعبت من المصل واللقاح من الانتظار والقلق علي المحطات والأرصفة وفي قلب الدواوين الحكومية!! أكتب عن ذاتيتي التي أحملها معي مثل طفل معوق أو جهاز لقياس الضغط وأضعها في مظروف مغلق ثم أعلقها علي حبل غسيل وأتركها داخل أول عربة قطار يصادفني وعلي أقرب مقعد لنسافر إلي أين لا أعرف لم لا أجازف بحمل ذاتيتي خارج نطاق الكرة الأرضية وأعمل علي تشغيلها كوقادٍ وأصم لاينظر إلي ساعته التي تتكْتك من البرد أو يفكر في الموت بالأساس لم لا أحبس ذاتيتي هذه في غرفة جانبية بستة محابس وأخرج الي غير ما وجهة ربما اصطاد وعلاً أو أطارد فراشة - ولم لا أبحث عن عمل انا العاطل عن العمل دائماً- أو لأتلصص - مثلاً- علي امرأة تفوح منها روائح الصندل والعبير فوق سطح مجاور وهي تكشف - لي- عن ساقيها عن عمد وسبق إصرار لمَ لا أقف امام عربة رش حكومية لأستحضر في ذهني صورة المراعي وكل تلك الأمطار التي تسقط في الرأس لم لا اجلس انا وذاتيتي معاً علي رصيف الحياة الخالي من المارة تماماً وندلق علي هذا العالم الخرب جردل نفايات ربما، سيحلو لي أخيراً أن أترك ذاتيتي المفخخة هذه امام بائع روبابيكيا ودون -حتي- ان اطالبه بالثمن!! صانع الأقفال ربما، كان يتعين عليه ان يتوقف فوق هذه الحجارة أو تلك ليكتب عليها آخر كلماته التي تشبه الرخام ويخطها عبر الريح والآجرّ وربما، كان يتعين عليه كذلك ، ان ينزل النهر مرتين ومثلما فعل هيراقليطس وداخل فقاعة صابونْ لكي يغسل الجسد الملآن بالقروح والدبابيس ويغطس الروح كالحجارة في الماء الصنحل حتي تتبلل او تبلغ ساقية الرمل - هل تذكر حكاية أيوب بغتة ام صراع الملاك في أرض كنعان مع النبي يعقوب - لم يكن يكلم أحداً او يحاول أن يقترب من أحد فقط، كان هذا هو شأنه دائماًَ كلما اراد ان يصنع احد الاقفال او يسنن المفاتيح لأن الصمت الذي كان يعتوره وكان يخبئه عن المارة وصانعي الأقفاص هو وحده الذي كان يحلو له ان يصنع منه أفكاره المطرزة بالمسامير والتي تشبه الجواسيس الهائجة في سوق الثلاثاء وكلما جن عليه الليل ورأي القمر بازغا!! صورة وصفيةْ انا وكلاب الشوارع والليلْ نلعب - السيجة- علي الرمل فيما البحر ذلك العجوز الأخرق يتنزه بمفرده علي الشاطيء وها هو ذا القمر السهرانُ ينزع أرديته البرادنة عن أشجار الكافور والسّلّْق والبيوت القديمة والليل ويقف بصندله المعوَجِّ - لكي يجفف ماهيته التي أخذت تتآكل بفعل النسيان والظمأ- في طبق من الكرتون ويقشر سنواته التي لايتذكرها علي أديم السموات والارض وها هي ذي خفافس الليل السوداء تنزو علي جلباب الطبيعة التي راحت تتثاءبْ!!