تنسيق الثانوية العامة 2025 المرحلة الأولى علمي علوم.. انخفاض الحد الأدني في النظام القديم بنسبة 6.19% عن النظام الحديث    السعودية وسوريا توقعان مذكرة تعاون في مجال الطاقة    متابعة جهود التحول إلى الري الحديث في زراعات قصب السكر بمنطقة بلوخر أسوان    جهاز تنظيم الاتصالات يؤكد استمرار إعفاء هاتف محمول واحد للراكب رغم ضبط تلاعب في 13 ألف جهاز    رئيسة المفوضية الأوروبية: ترامب مفاوض صعب لكنه عادل    أمريكا.. احتجاز رجل متهم بطعن 11 شخصا في ولاية ميشيجان    حكومة غزة: المجاعة تزداد شراسة وما يجري مسرحية هزلية    وديًا بتونس.. المصري يفوز على الترجي بهدف في مباراة عصيبة    إصابة ميرال أشرف بالتواء في الكاحل خلال مواجهة مصر وأنجولا    الكشف عن موعد مباراة القمة بين الأهلي والزمالك    بعد اقترابه من الاتفاق.. لوهافر الفرنسي يعلن رحيل أحمد كوكا رسميًا    لويس دياز يقترب من الانتقال إلى الدورى الألماني    لاعب الاتحاد: جماهير الزمالك ظلمت مصطفى شلبي    البحيرة.. حريق يلتهم حظيرة مواشي بشبراخيت ويسفر عن نفوق 9 عجول    رئيس مركز تغير المناخ: حالة الطقس منذ الأربعاء الماضي حدث مناخي استثنائي    انهيار جدار منزل يودي بحياة طفلة ويصيب 5 من أسرتها في قرية السمطا بقنا    حكيم ونانسي عجرم يتألقان في حفل بالساحل الشمالي| فيديو    عودة التنافس بين عمرو دياب وتامر حسني.. كيف تعيد الأرقام ترتيب مشهد الغناء في زمن التريند؟    انطلاق مهرجان الأوبرا الصيفي باستاد الإسكندرية بأغاني الفلكلور ونجوم الشباب    في ذكرى رحيله.. يوسف شاهين "فلسفة إخراجية طرقت أبواب العالمية"    "وصلة" مع الأجيال.. المهرجان القومي للمسرح يحتفي بمسيرة المخرجين عصام السيد وإسلام إمام    هل الحر الشديد غضب من الله؟.. عضو بمركز الأزهر تُجيب    قافلة عاجلة من «بيت الزكاة والصدقات» محملة بآلاف الأطنان من المواد الغذائية في طريقها إلى غزة    هل تجوز الصلاة بالبنطلون أو «الفانلة الداخلية»؟ أمين الإفتاء يُجيب    فريق طبي بجامعة أسيوط يعيد الأمل لشاب بعد إصابته بطلق ناري نتج عنه شلل بالوجه    للرجال فوق سن الثلاثين.. 5 أطعمة تساعدك على إنقاص دهون البطن    حرارة الشمس تحرق الاحتلال.. إجلاء 16 جنديا من غزة بسبب ضربة شمس    محافظ الوادي الجديد ينعى مدير الأمن الراحل إثر حادث سير بالمنيا    "تركوه غارقًا في دمائه".. كواليس مقتل سائق "توك توك" غدرًا بأبو زعبل    هولندا تصنّف إسرائيل ك"تهديد لأمنها القومي".. فما السبب؟    الكونغو.. مقتل 21 شخصًا على الأقل بهجوم على كنيسة في شرق البلاد    اختبارات توجيه طلاب الإعدادية والثانوية إلى أفضل المسارات التعليمية    حروب تدمير العقول !    وزير السياحة: نستهدف شرائح جديدة من السياح عبر التسويق الإلكتروني    البابا تواضروس يصلي القداس مع شباب ملتقى لوجوس    ننشر أسماء أوائل الشهادة الثانوية الأزهرية بشمال سيناء.. الطالبات يتفوقن على الطلبة ويحصدن المراكز الأولى    مدبولي يوجه بمراجعة أعمال الصيانة بجميع الطرق وتشديد العقوبات الخاصة بمخالفات القيادة    تأجيل محاكمة 108 متهمين بخلية "داعش القطامية" ل 28 أكتوبر    بوتين يعلن إعادة هيكلة البحرية الروسية وتعزيز تسليحها    تجديد الثقة في محمد أبو السعد وكيلاً لوزارة الصحة بكفر الشيخ    تعرف على طرق الوقاية من الإجهاد الحراري في الصيف    ذكرى وفاة «طبيب الغلابة»    وزير الثقافة يزور الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم بعد نقله إلى معهد ناصر    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدا صينيا لبحث التعاون المشترك    «فتح»: غزة بلا ملاذ آمن.. الاحتلال يقصف كل مكان والضحية الشعب الفلسطيني    داليا مصطفى تدعم وفاء عامر: "يا جبل ما يهزك ريح"    بعد عودتها.. تعرف على أسعار أكبر سيارة تقدمها "ساوايست" في مصر    "البرومو خلص".. الزمالك يستعد للإعلان عن 3 صفقات جديدة    مجلس جامعة بني سويف ينظم ممراً شرفياً لاستقبال الدكتور منصور حسن    لمروره بأزمة نفسيه.. انتحار سائق سرفيس شنقًا في الفيوم    وزير البترول يبحث خطط IPIC لصناعة المواسير لزيادة استثماراتها في مصر    الجيش السودانى معلقا على تشكيل حكومة موازية: سيبقى السودان موحدا    وزير التموين يفتتح سوق "اليوم الواحد" بمنطقة الجمالية    «مصر تستحق» «الوطنية للانتخابات» تحث الناخبين على التصويت فى انتخابات الشيوخ    مصر تنتصر ل«نون النسوة».. نائبات مصر تحت قبة البرلمان وحضور رقابي وتشريعي.. تمثيل نسائي واسع في مواقع قيادية    جواو فيليكس يقترب من الانتقال إلى النصر السعودي    بعد فتوى الحشيش.. سعاد صالح: أتعرض لحرب قذرة.. والشجرة المثمرة تُقذف بالحجارة    «الحشيش مش حرام؟».. دار الإفتاء تكشف تضليل المروجين!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تصحيح المفاهيم 1
نشر في المصريون يوم 15 - 01 - 2013

يتصرف الإنسان الطبيعي العادي المستقيم السويُّ الفطرة والنفسية في حياته بشتى مجالاتها ومواقفها بناء على جملة من التصورات والمفاهيم والمعلومات.
وعلى قدر ما يكون تصوره في مسألة ما أو مفهومه عن قضية ما أو علمه بشيئ ما يكون تصرفه وفعله وعمله
فالقضية إذاً تتلخص في العلاقة بين:
التصورات والتصرفات
أو
المفهوم والمفعول
أو المعلوم والمعمول
إذا استقام الأول استقام الثاني عند أصحاب الفطر السوية
ولما كان القلب هو محل الفهم والفقه والتصور وفيه أصل الإيمان واليقين كانت استقامة الجوارح التي هي أدوات التصرفات والأفعال والأعمال متوقفة على مدى استقامة وانضباط القلب الذي يحمل هذه التصورات والمفاهيم والعقائد والمعلومات.
وبقدر ما يقع من خلل في محتوى القلب منها يقع الخلل في مقتضاها من التصرفات إلى آخره فالعلاقة إذاً بين التصور والتصرف استقامة واعوجاجاً طردية.
وتلك قضية كلية وقاعدة عامة يمكننا استنباطها من خلال قراءة واعية متدبرة متأملة ومتجردة للآيات القرآن الكريم ولأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
وكمبدأ عامٍّ نقدم بين يدي الكلام ذلك الحديث الشريف الذي رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما وأبو دود والنسائي وغيرهم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: " سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقول : وأهوى النعمانُ بإصبعَيه إلى أُذُنَيه : إنَّ الحلالَ بيِّنٌ وإنَّ الحرامَ بيِّنٌ وبينهما أمورٌ مُشتبِهاتٌ لا يعلمهنَّ كثيرٌ من الناس فمنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ استبرأ لدِينِه وعِرضِه ، ومن وقع في الشُّبهاتِ وقع في الحرامِ ، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشكُ أن يرتعَ فيه ، ألا وإنَّ لكلِّ ملكٍ حمًى ، ألا وإنَّ حمى اللهِ محارمُه ، ألا وإنَّ في الجسدِ مُضغةً إذا صلُحتْ صلُح الجسدُ كلُّه وإذا فسدتْ فسد الجسدُ كلُّه ألا وهي القلبُ ".
نفهم من هذا:
أن استقامة الجوراح في تصرفاتها وأفعالها وأعمالها إنما هي تابعة لاستقامة القلب في عقيدته ومعلوماته ومفاهيمه والعكس.
ولنعط بعض الأمثلة:
مثال أول: روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه:
لما نزلتْ : حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [ 2 / البقرة / الآية 187 ] . قال له عديُّ بنُ حاتمٍ : يا رسولَ اللهِ ! إني أجعلُ تحت وسادتي عِقالَين : عقالًا أبيضَ وعقالًا أسودَ . أعرفُ الليلَ من النهارِ . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ : " إنَّ وسادَك لعريضٌ . إنما هو سوادُ الليلِ وبياضُ النهارِ " .
والشاهد:
أن تصور ومفهوم ومعلوم عديٍّ رضي الله عنه عن الخيط الأبيض والخيط الأسود في الآية كان على ظاهر اللفظ وكذلك كان جماعة من الصحابة، فلما حكى للنبي ذلك رد النبي بقوله: " إنَّ وسادَك لعريضٌ . إنما هو سوادُ الليلِ وبياضُ النهارِ " .
وبالتالي تم تصحيح التصور أو الفهوم أو المعلوم فتم تصحيح التصرف أو المفعول أو المعمول.
مثال آخر:
في صحيح أبي داود وابن ماجه وغيرهما وحسنه الألباني من حديث سهل بن حنيف رضي الله عنه قال:
" كنتُ ألقى منَ المَذيِ شدَّةً ، وَكُنتُ أُكْثرُ منَ الاغتِسالِ ، فسألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن ذلِكَ ، فقالَ: إنَّما يجزيكَ من ذلِكَ الوضوءُ ، قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ ، فَكَيفَ بما يصيبُ ثوبي منهُ ؟ قالَ: يَكْفيكَ بأن تأخذَ كفًّا من ماءٍ ، فتنضَحَ بِها من ثوبِكَ ، حيثُ ترى أنَّهُ أصابَهُ "
الشاهد:
أن الصحابي الجليل رضي الله عنه كان تصوره في المذي إذا نزل وجوب الاغتسال فكان تصرفه بناء على هذا التصور كثرة الاغتسال حتى وقعت المشقة؛ فالمرء ليس قادراً على الاغتسال في كل وقت وفي كل ظرف وفي كل مكان فربما كان الماء بارداً جداً أو كان هو في مكان لا يقدر فيه على الاغتسال أو غير ذلك فلما شق ذلك عليه توجه إلى رسول الله متشكياً مستفتياً فضبط النبي صلى الله عليه وسلم تصوره ومفهومه ومعلومه عن المذي وحكمه وما يجب عليه إذا وجده فتم ضبط التصرف بناء على ضبط التصور.
مثال آخر:
ما رواه مسلم في صحيحه والنسائي في سننه وصححه الألباني من حديث عبدالرحمن بن أبزى:
" أن رجلًا أتَى عُمَرَ بنَ الخطابِ فقالَ إني أجنبتُ فلم أجِدِ الماءَ فقالَ لا تُصَلِّ فقالَ عَمَّارُ أما تذكرُ يا أميرَ المؤمنينَ إذْ أنَا وأنتَ في سَرِيَّةٍ فأجنبنَا فلم نجدْ ماءً فأمَّا أنتَ فلم تصَلِّ وأما أنا فتمَعَّكْتُ في الترابِ وصليتُ فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إنما كان يكفيكَ أن تضرِبَ بيديكَ الأرضَ ثم تنفخَ فيهما ثم تمسحَ بهما وجهَكَ وكفَّيْكَ فقالَ عمرُ اتقِ اللهَ يا عمَّارُ قال إن شئتَ لم أُحَدِّثْ به فقال عُمَرُ نُوَلِّكَ ما تَوَلَّيْتَ ".
فهذا عمار رضي الله عنه لما أجنب كان تصوره أن التيمم للجنابة يكون بتعميم الجسد بالتراب كما في الماء فتصرف بمقتضى هذا التصور وفعل بمقتضى هذا الفهم وعمل بمقتضى هذا المعلوم
فلما حكى للنبي ما كان منه ضبط تصوره وصحح مفهومه وصوب علمه بخصوص التيمم وكيفيته فكان تصرفه ومفعوله ومعموله من بعد منضبطاً على مقتضى التصور الجديد.
مثال آخر:
روى الدار قطني في سننه وأبو داود وغيرهما من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وحسنه اللباني في صحيح أبي داود من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما واللفظ للدارقطني من حديث جابر:
"خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه فقال هل تجدون لي رخصة في التيمم فقالوا ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله ألا سألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصر أو يعصب شك موسى على جرحه خرقة ثم يمسح عليها ويغسل سائر جسده ".
والشاهد:
أن الصحابة الكرام لما كان تصورهم ومفهومهم ومعلومهم أن الاغتسال من الجنابة واجب مع وجود الماء بإطلاق ومهما كانت العوائق والمفاسد المتوقعة في مثل حالة الصحابي الجليل الذي أصابته شجة في رأسه من حجر أصابه كان تصرفهم ومفعولهم ومعمولهم في الفتوى والتطبيق أن يغتسل الصحابي مهما كانت الظروف والمضارّ.
فلما اغتسل مات من أثر الجرح في رأسه فلما حكوا للنبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال ما قال وضبط لهم التصور وصحح المفهوم وصوب المعلوم لينضبط التصرف من بعد ذلك على النسق الصحيح.
والحقيقة أن الأمثلة أكثر من أن تحصى وأوسع من أن تجمل في مقال أو خطبة أو موعظة .
كما أنها تنتشر في أصول الدين وفروعه عقيدة وشريعة عبادات ومعاملات وحدوداً وجنايات وأخلاقاً وسلوكياتٍ بيعاً وشراءً سلماً وحرباً
وكم من مثال وموقف وحادثة وقعت وكمم جريمة ارتكبت وكم من حرمة انتهكت وكم من مصيبة أصابت بسبب فساد التصور الذي ترتب عليه بالتبعية فساد التصرف
وفي المقابل أيضاً كم من فائدة ومنفعة ومصلحة ضيعت وخسرناها أفرادًا وجماعاتٍ بسبب سوء المعمول المنبثق عن غلط المعلوم.
ولنا بإذن الله وتوفيقه وقفات أخرى تحت هذا العنوان الرئيس في مقالات مقروءة وخطب مرئية في سبيل تصحيح المفاهيم وضبط التصورات وتصويب المعلومات وفق المنهج الحق من خلال قراءة متأملة متدبرة واعية للقرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مع ضرب أمثلة واقعية نعيشها في حياتنا اليومية دون أن يدرك الكثيرون أبعادها الشرعية.
كارم السيد حامد السروي*
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف المصرية
[email protected]
أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.