صفوت الشريف رئيس مجلس الشورى ، في تعقيبه على استقالة إبراهيم سعدة ، قال إن التغييرات في المؤسسات الصحفية القومية ، هي في المقام الأول "قضية قانونية" يحكمها قانون تنظيم الصحافة الذي وضع حدا أقصى للسن بالنسبة لرؤساء مجالس الإدارات و رؤساء التحرير 65 عاما . و أضاف : إن مجلس الشورى يؤكد احترامه لأحكام القانون و في ذات الوقت يراعي الصالح العام ! . طبعا أخونا صفوت يبرر أمام الرأي العام ، قرارات مجلسه بالمد ل"عواجيز" الصحافة القومية التي بلغت من الكبر عتيا و من العمر أرذله و باتت إحدى قدميها في الدنيا و الأخرى في القبر ، و حولت تلك المؤسسات إلى عزب و تكايا و بقرة حلوب تدر عليهم مالا أذن سمعت و لا عين رأت و لا خطر على قلب بشر ! أفضل ما في هذه النكتة ، هو أن الأخ صفوت يؤكد احترامه للقانون !! و لكن يراعي في الوقت ذاته "المصلحة العامة" !، و هنا يحق لنا السؤال : من هذا الذي بيده مقاليد تحديد مفهوم "الصالح العام" ؟!. واضح من كلام "سي صفوت" إنه هو وحده الذي يملك من المواهب و المهارات و الكرامات و الإطلاع على الأسرار العلية ما ينزله منزلة تجعله شخصا فوق القانون و تجعله يرى مالا يراه الآخرون و من بين ذلك "مفهوم الصالح العام" ! و لا ندري ما هو "الصالح العام" الذي لن نستطيع الحفاظ عليه إلا باستمرار وجود إبراهيم نافع و سعدة و سمير رجب على رأس مؤسساتهم الصحفية ؟! و هل لا يوجد من بين نحو 6 آلاف صحفي في مصر ، ثلاثة صحافيين غير هؤلاء يمكن للسيد صفوت الشريف أن يأتمنهم على هذا "الصالح العام " ؟. ما قاله الشريف في هذا السياق ، هو نموذج يختزل في تفاصيله ، عقلية "الحزب الوطني" التي تهدر القانون و تدوسه و لا تعيره اهتماما ، و ترتكب باسم "الصالح العام" العشرات من الموبقات السياسية . فباسم "الصالح العام" يرفض الحزب الوطني الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات ، و لعنا نتذكر الرسالة التي حملها مكرم محمد أحمد ، من السلطة إلى رئيس نادي قضاة الإسكندرية ، و التي حاولت إقناع رئيس النادي بالتخلي عن فكرة الإشراف القضائي الكامل على الاقتراع ، لأنها ستضر ب"الصالح العام" و ستأتي بالإسلاميين المتطرفين إلى السلطة ! و باسم "الصالح العام" يطالب الحزب الوطني بالتجديد و المبايعة للرئيس مبارك ، لأنه لا يوجد في مصر شخصية واحدة قادرة على أن تملأ الفراغ الذي سيتركه إذا أحيل إلى التقاعد ! وباسم الصالح العام ، يجري تفصيل القوانين على مقاس نجل الرئيس ليرث الحكم من بعد والده ، كما لو كانت عائلة الرئيس هي العائلة الوحيدة في مصر ، التي تحمل جيناتها الوراثية ، الجين الوراثي الخاص بالحكم و الملك و الرئاسة !. و باسم "الصالح العام" تُرك يوسف والي على رأس وزارة الزراعة لما يقرب من ربع قرن ، تكدست خلالها المستشفيات بعشرات الألوف من ضحاياه من مرضى السرطان و الفشل الكلوي ، و التي أكدتها أحكام قضائية فيما بعد ، و لم يقال من منصبه إلا بعد خراب مالطا. السيد صفوت الشريف في تعقيبه على استقالة سعدة ، قالها صراحة :" الصالح العام الذي يحدده هو فوق القانون" يعني انسوا حكاية الاحتكام إلى القانون ، و على الشعب المصري أن يحتكم إلى قيادات الحزب الوطني و خاصة ممن يمثلون مفاصل الدولة الرئيسية من عجينة صفوت و الشاذلي و سرور و زكريا عزمي . و هو إعلان طبيعي و عفوي يعبر عن دولة "مراكز القوى" لا عن " دولة القانون" . [email protected]