أهلنا فى النوبة هم جزء أصيل لا يتجزأ من الشعب المصري، لهم سماتهم وخصوصيتهم الديموغرافية والجغرافية التى تميزهم وتجعل قضاياهم أيضا مختلفة، وتحملوا من الظلم أكثر مما تحمل بقية المصريين بسبب مشروع «السد العالي»، لكن هل ذلك مبرر كاف لأن يخرج بعض أبناء مصر – ولن أقول أبناء النوبة – ليعلنوا حركة كفاح مسلح وميليشيات للانفصال عن مصر؟! «كتالة».. وتعنى باللغة النوبية «المحارب أو المعركة»، هو اسم الحركة التى يحتل منصب الرئيس التنفيذى فيها «المصري» أسامة فاروق، والذى هدد بإعلان المنطقة من مدينة «إسنا» جنوبالأقصر إلى «حلفا»جنوبأسوان، منطقة نوبية مستقلة عن مصر يوم 15 يناير، ورفع علم النوبة الذى تحيرنا من رفعه فى مناسبات مختلفة، بألوانه الثلاثة الأزرق «النيل» والأصفر «الصحراء الغربية» والأخضر «خضرة النوبة» واعتباره علمًا للدولة الجديدة!! .. وبالرغم من قناعتى الشخصية أن أهلنا المصريين فى النوبة لم يتم إنصافهم، وتعرضوا لأربع هجرات متتالية، إلا أننى – ومعى الكثيرون من أهلنا فى النوبة – لا يمكن أن نوافق على إنشاء مثل هذه الحركة أو اتجاهاتها.. .. بل وأعجب لمن فرح بكون المتحدثين باسمها هاجموا الإخوان المسلمين، واحتجوا على الإساءات التى نالتهم من قادة فى «الجماعة»، فاحتضنوهم، ليغيظوا الإخوان، وهم فى الوقت نفسه يطعنون «مصر» الجريحة فى قلب جراحها، ولكن فلتذهب مصر إلى حيث تذهب، ولتقسم المحروسة أو تتفتت.. المهم أن «نكيد» الإخوان!! يعتب المتحدثون باسم «كتالة» على حسين عبدالقادر، القيادى الإخوانى الذى وصفهم ب«البربر»، وعلى الرئيس مرسى الذى وصفهم ب«الجالية النوبية».. أما طيب الذكر - أبو برنيطة - زاهى حواس فقال إنهم «غزاة» جاءوا لمصر من إثيوبيا! فهل فعلاً كان مجيء «الإخوان» للحكم هو القشة التى قصمت ظهر القضية؟.. أم أن هناك أصابع خفية تلعب فى هذه المنطقة «الحساسة» من جسد المحروسة، لأنها تعرف أنها - مع سيناء - الأكثر حساسية وإيلامًا للجميع، ولا أقول الحلقة الأضعف فى سلسلة الدولة المصرية لقناعتى بعدم وجود «حلقة أضعف»، بل أوقن أن مصر بوتقة انصهرت فيها كل الأعراق ليخرج «المصري» الذى نعرفه. حقيقة أميل فى هذه المسألة على غير العادة لنظرية الأصابع الخفية، فحديثى مع الكثير من أصدقائى المصريين قاطنى النوبة يؤكد أنهم ضد هذا الطرح المتطرف، وأنهم لا يشككون فى ولاء أصحابه، ولكن يعتبرونه تحركاً أخيرًا يائسًا، مثله مثل محاولات «تدويل» مشاكل منطقة النوبة. وللأسف ساعد المنعطف الصعب الذى تمر به مصر، وتضاعف الهموم على المصريين، اقتصادياً وأمنياً، واستمرار مشاكل النوبة دون حل، إضافة إلى عدم الاهتمام الحكومى بالاستماع إلى «العقلاء» من أبناء مصر النوبيين، إلى «انسياق» البعض لمثل هذا التصرف، وكذلك للتفكير فى تدويل الأمر وعرضه على الأممالمتحدة. يضاف إلى ذلك «غباء» بعض معارضى «الإخوان» الذين وجدت أجهزة إعلامهم فى «المسألة» و«كتالة» مادة خصبة لانتقاد سياسات «الجماعة»، ضاربين بمصلحة مصر العليا عرض الحائط. أما الدور الإسرائيلى فى إفريقيا، وعين الصهيونية التى لم تغمض أبداً عن جنوب مصر، فلا يحتاجان إلى توضيح، فهما كالشمس.. لكننا للأسف نلعب دور العميان! إخوانى المصريين فى النوبة، أنتم أصل مهم من أصول مصر، ونسيج لا ينفصل من ثوبها، فحافظوا على هذا الثوب أبيض ناصعاً كملابسكم وقلوبكم، ولا تسمحوا لأى مَن كان أن يستخدمكم خنجراً يطعن «أمّنا» جميعاً فى جراحها. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66