القضاة هم البقايا الأكثر قربًا للفلول وهم يركزون فى أيديهم قوة كبيرة بعنوان "إعادة محاكمة مبارك .. هل سيشعل القرار القاهرة؟ قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية فى تقرير لها أمس، إن مؤيدى ومعارضى الرئيس المصرى السابق أيدوا إعادة محاكمته؛ فهؤلاء يريدون تبرئته وأولئك يصلون كى يحصل على حكم بالإعدام، وفقط الرئيس مرسى عليه أن يخاف كى يبقى الحكم بالمؤبد كما هو عليه، لأن أى نتيجة أخرى ستشعل الشوارع من جديد. وقالت إنه لم تكن هناك مفاجأة فيما يتعلق بالقرار بإعادة محاكمة مبارك، ووزير داخليته حبيب العادلي؛ فالقرار كان متوقعا، خاصة أنه مصلحة مشتركة لكل من مؤيدى مبارك ومعارضيه، فبينما بقايا النظام السابق يريدونه أن يخرج بريئا، فإن مؤيدى الرئيس محمد مرسى والإخوان المسلمين يريدون تشديد العقوبة عليه. وذكرت أنه سواء انتهى الأمر بتبرئة مبارك أو تشديد العقوبة فلا شك أن الأمر سيلهب نار الصراع بين الكتلتين فى مصر من العلمانيين والدينيين، أو بكلمات أخرى، مؤيدو مرسى ومعارضوه، مضيفة أن الصراع بين مرسى والسلطة القضائية لم يحسم بعد، والقضاة هم البقايا الأكثر وضوحًا للفلول أى النظام القديم، وهم يركزون فى أيديهم قوة كبيرة، خاصة أن لديهم دعما كبيرا بين الشعب وأوساط العلمانيين والشرطة والجيش، مضيفة أن مرسى يمكنه مصارعتهم فقط بالوسائل القانونية، وبغير هذا سيرى العالم فى نظام حكمه ديكتاتورية بلا منازع بدلا من ديمقراطية فى طور التكوين. وأضافت، أنه على العكس من المحاكمة الأولى لمبارك والعادلى فإن المحاكمة الجديدة ستجرى بعد انتخاب مرسى رئيسًا ومن شأن هذا أن يكون له تأثير شديد على النتائج، ففى المحاكمة المعادة يمكن لرجال مرسى أن يحاولوا ويقدموا شهادات أخرى لتقديم مبارك إلى حبل المشنقة، لكن أجراء مثل هذا قد يوقف مصر أمام مفترق طريق آخر, هناك شك أن مرسى يريده. وقالت إن عقوبة السجن المؤبد التى فرضت على مبارك كانت حل وسط، بين الإعدام والتبرئة، من ناحية يرضى المعارضين ومن ناحية أخرى يهدئ من يخشى على حياة مبارك، لهذا فإن استمرار الاستقرار بمصر سيتحقق فقط إذا أصدر القضاء حكمًا مرة أخرى بالمؤبد وتقصير حكم السجن بظروف الرئيس السابق الصحية، لكن هناك احتمالات برغم هذا أن يلقى القضاء بالمسئولية على وزير الداخلية الأسبق ويبرئ مبارك، وبهذا يشعل غضب الإخوان المسلمين، وبشكل أو بأخر فإن تغييرا جذريا فى الحكم سيؤدى إلى اضطرابات وسط أحد الجانبين، ويدهور الأوضاع فى البلاد لمشاهد العنف التى رأيناها قبل شهرين. واختتمت تقريرها بالقول" لتكن النتائج كما تكون، موضوع المحاكمة يظهر مرة أخرى أن مصر لا تتحدث بصوت واحد، وخارج محكمة النقض تظاهر مؤيدو مبارك وطالبوا باحترام الرئيس السابق، والعلمانيون المعارضون لمبارك محبطون اليوم من سيطرة الإسلاميين على السلطة، لهذا ففى مصر توازن بين العلمانيين والدينيين، وفرص مرسى فى السيطرة على الدولة والخروج من الأزمة الاقتصادية معلقة بقدرته على جسر الهوة بين المعسكرات، مضيفة أن دعما غير مشروط من قبل الإسلاميين سيضعف قوته، لأنه سيحتاج للصوت العلمانى فى البرلمان والانتخابات القادمة. وقالت إن ما يميز الثورة المصرية على عكس نظيرتها السورية، هو أنه برغم التوتر الشديد بين المعسكرات، إلا أن المواجهات لا تتدهور لحرب أهلية وسفك للدماء، وبالرغم من أن الرئيس سجن وقائد الجيش ونائبه تمت الإطاحة بهما إلا أنهم ظلوا أحياء، وبقايا النظام السابق تمت إزاحتهم دون تصفيتهم جسديا، مضيفة فى تقريرها أن تقديم مبارك للمشنقة سيضر بمرسى ويزيد من صراعه مع القضاء وربما مع الجيش، لأنه سيرفع الثورة المصرية لمستويات عنيفة لم تميز تلك الثورة الهادئة.