ما هذه الطبعة الجديدة من الليبرالية التي نشاهدها على الساحة المصرية؟ وهل الليبرالية تعنى الإطاحة بإرادة الشعب والتهديد بالانقلاب على الرئيس المنتخب؟ وكيف نؤمن بمنهج ليبرالي يقول معتنقوه إنهم سيسقطون الدستور حتى ولو جاءت النتيجة بنعم؟ الأمر لا يعنى سوى شيء واحد، وهو أننا أمام نخبة من البلطجية الذين يمارسون أعمال "نص الليل"، وقطع الطريق على الشعب المصرى، تحت غطاء مكثف من مدفعية التوك شو، وصواريخ البوب، و"واحد خمنا". نحن بالفعل أمام بلطجية يمارسون السياسة على طريقة المارينز، فصرنا نجد من يهدد بإسقاط الدستور حتى إذا جاءت النتيجة بنعم، وآخر يصف الدستور ب"الباطل" مطالبًا بوضع دستور خلال ثلاث سنوات حتى لا يكون "مسلوقًا" على طريقته، وثالث يحذر من بحور دم إذا أجريت المرحلة الثانية من الاستفتاء، فيأتيه الرد صفعة من الشعب المصرى بطوابير تمتد لمئات الأمتار أمام اللجان، دون قتيل واحد أو حالة وفاة واحدة. بلطجية الشارع السياسى يرفعون السنج والمطاوى على المصريين ليل نهار عبر تويتات تشعل الفتنة، وتغريدات تتحدث عن دولة أخرى، وكأننا فى سوريا مثلًا، أو فى كولومبيا بين عصابات الكوكاكين ومافيا السلاح والمخدرات، حتى صاروا أسوأ من شبيحة الأسد فى جرائمهم وتضليلهم لهذا الشعب. الخطير فى الأمر ارتكاب أعمال بلطجة تحت ستار حرية الرأى، والبحث عن حصانة تطالب بمنع حبس الصحفيين والإعلاميين، وكأن على رءوسهم ريشة، رغم تطاول بعضهم على مصر والمصريين دون وجه حق، بشكل يجعلني وضميري مطمئنًا أن أطالب وأنا أعمل فى هذا المهنة، بحبس من يهين مهنة القلم بممارسة البلطجة والبذاءة تحت ستار حرية التعبير. هل الحرية تعنى تقديم وصلات الردح والتشنج، واتهام الرئيس محمد مرسى باغتصاب فؤادة، وأن تدعى كاتبة علمانية متطرفة تمقت كل ما هو إسلامى، أن مرسى هو عتريس فى فيلم "شيء من الخوف"، وأن "جواز مرسى من فؤادة باطل". هل الليبرالية أن تقوم مؤيدة جبهة الإنقاذ الوطني الناشطة علياء المهدي بالتعري كما ولدتها أمها أمام السفارة المصرية في السويد احتجاجًا على مشروع الدستور الجديد، مع وضع عبارة كتب عليها "قرآن" على موضع عفتها. هل وصلت المعارضة للرئيس محمد مرسى، والتيار الإسلامي إلى هذا الحد، وهل الابتذال، والعرى، وتبادل القبلات، واحتساء الخمور، وتشجيع الاختلاط، وإظهار السيقان والنهود، هو الفن والإبداع، وهل تنحية صناديق الاقتراع جانبًا يمثل لُب الليبرالية التى تنشدونها، والدولة المدنية التى تتشدقون بالمطالبة بها؟! هل تعنى الحرية، سب الرئيس بأمه وأبيه بألفاظ شديدة الإباحية، وهل المعارضة تعنى قلة الأدب، وهل من ميثاق الشرف الصحفى أن نسب الناس، ونختلق الأكاذيب، ونعمل على التحريض وإشعال الفتن الواحدة تلو الأخرى، دون سند أو مستند، أو دليل؟! والله ليست هذه مهنتى التى حلمت بالعمل بها، وأفنيت بها شبابى، وليس هذا إعلام نطمح إليه بعد الثورة، أو صحافة نعتز بقوتها وجرأتها فى الحق. أقولها ورزقي على الله.. حاصروا كل بلطجي، وضيقوا عليه الخناق، قبل أن تصبح الثورة ذكرى، ودماء الشهداء أقصوصة.