أكد المستشار أحمد سليمان مساعد وزير العدل لشئون مركز الدراسات القضائية على أن القضاة المصريين سيسوا ناديهم ويسعون لإعاقة الاستفتاء بالاتفاق مع المنظمات والتيارات والأحزاب السياسية المعارضة، موضحا عدم وجود أى دستور توافقى فى العالم، وأن الدستور الفرنسى تم إقراره بحوالى 53% ولم يعترض الفرنسيين علية. وقال سليمان فى حواره مع "المصريون" إن قرار مجلس الدولة بالمقاطعة جريمة لأنهم ملتزمون بالإشراف على الاستفتاء طبقا للنصوص الدستورية، مبينا أن مصر تتعرض لمؤامرات داخلية وخارجية هدفها زعزعة الاستقرار وعدم نجاح الثورة، وإن الكثير من النسخ المزورة لمسودة الدستور ضللت المواطنين بمعلومات مغلوطة. وإلى نص الحوار ** فى البداية.. الكثير يتوقع أن نتائج الاستفتاء ستكون بنفس نتائج المرحلة الأولى وبهذا نصل إلى دستور غير توافقى؟ هذه دعاوى كاذبة فتوقع نتيجة الاستفتاء ضرب من ضروب الخبل، أما عن قصة دستور توافقى فهذا كلام فارغ ليس له أى أساس من الصحة، فالدستور الفرنسى تم إقراره بعد موافقة 53% من الشعب الفرنسى عليه، ولم يعترض عليه أحد كما يحدث فى مصر. ** هل تعتقد أنه من حق القضاة رفض الإشراف على استفتاء الدستور؟ ليس من حق القاضى الامتناع عن الإشراف على الاستفتاء، لأن الدستور ألزمه بالإشراف على الاستفتاءات. ** بعض القضاة يقولون إن الإشراف على الاستفتاء عمل تطوعى أو عمل إدارى وليس من صميم عملهم؟ يجب أن تعلمى.. مهما كانت طبيعة هذا العمل إنما هو ملزم للقاضى بالإشراف على الاستفتاء، وذلك تنفيذا لنص الدستور أو الإعلان الدستورى. ** كيف ترى توصيات نادى قضاة مجلس الدولة الأخيرة بعدم الإشراف على الاستفتاء؟ قرار خاطئ، ففى مثل هذه الظروف التى تمر بها البلد يتعين على جميع القضاة المبادرة إلى الإشراف على الاستفتاء، فالسلطات فى حالة رخوة، والبلد تتعرض لمؤامرات داخلية وخارجية، وهناك ملايين من الجنيهات يتم إنفاقها لتنفيذ مخططات بعضها معلن وبعضها غير معلن عنها، لزعزعة الاستقرار فى البلاد، لذلك يجب علينا الإسراع فى اتخاذ الخطوات التى تؤدى بنا لإقامة مؤسسات الدولة، وصدور الدستور هو أول المراحل للاستقرار. ** وما الدليل على وجود مثل هذه المؤامرات؟ هناك من يقاتل من أجل عدم الاستقرار داخل البلد، وإلا من الذى قام بطباعة الدساتير المزورة وطرحها فى الأسواق وما مصلحته، أليس الهدف من ذلك تضليل الناس وتشويش آرائهم حتى لا يستطيعون التمييز بين الحق والباطل. ** فقهاء الدستور انتقدوا هذا الدستور...؟ مقاطعا.. الدستور منتج بشرى ليس قرآنًا سويًا، والجمعية التأسيسية بذلت فيه أقصى ما فى وسعها فى صياغة مواده، كما أن الدستور تضمن مبادىء وأحكامًا غاية فى الروعة، والدليل على ذلك العبارة التى قالها الفقيه الدستورى السويسرى "ايرك" الأستاذ بجامعة "ليزن"، والذى تعجب بعد قراءته للدستور المصرى، قائلا "لست أدرى على أى شىء يختلف المصريون، إننى كلما قرأت فى هذا الدستور وجدت لوحة موناليزا تشع جمالًا من كل ناحية". ** وما هى مزايا الدستور التى رآها الفقيه الدستورى السويسرى ولم يستطع رؤيتها فقهاء الدستور فى مصر؟ الحقيقة أن الدستور قد تضمن مبادئ وأحكامًا غاية فى الروعة، تأخذ بالبلاد وبشعبها إلى طريق التقدم والحرية، والحفاظ على كرامة الإنسان. ** مثل ماذا؟ إذا تحدثنا عن الجوانب العامة فالدستور يلزم الدولة بالقضاء على الأمية خلال عشرة أعوام، ويلزمها بتوفير نسبة معينة من ميزانية الدولة للبحث العلمى، كما ينص على استقلال الجامعات والبحث العلمى، ويحظر التصرف فى أموال الدولة إلا بقانون، ويحظر محاكمة المدنيين أمام المجلس العسكرى، كما يلزم الدولة بتعويض لمن تم حبسه عند حفظ القضية، كما أن الدستور نص على أن الكرامة حق كل إنسان وليس كل مواطن، فالدساتير فى العالم توضع لمواطنين الدولة وليست للبشر جميعا، كما يلزم الدولة بتنمية الصناعات التقنية الحديثة، وبمجانية التعليم، والاهتمام بالرعاية والطفولة، والرعاية الخاصة للمعيلة والمطلقة، كما ينص على عدم جواز الجمع بين عضوية البرلمان وأى وظيفة بالحكومة، فكيف يكون موظفا يراقب عليه البرلمان ويكون عضوا فى الجهة الرقابية التى تراقب عليه، بالإضافة إلى أن المجلس سيد قراره توفى إلى رحمة الله، بمعنى أن التقرير الذى سيصدر من محكمة النقض بمجرد وصوله لمجلس الشعب تسقط العضوية، كما أن رئيس الجمهورية ليس له حق تعيين النواب فى مجلس النواب. ** ماذا عن حالة الطوارئ التى من حق رئيس الجمهورية أن يفرضها فى أى وقت يشاء.. ألا يرجعنا هذا إلى الحكم الديكتاتورى؟ هذا ليس صحيحًا.. فرئيس الجمهورية لا يستطيع مد حالة الطوارئ أكثر من سبعة أيام، وخلال السبعة أيام يعرض مد فرض حالة الطوارئ على مجلس الشعب، ومجلس الشعب هو الذى يقرر أن تطبق حالة الطوارئ أم لا، ولا يجوز أن تزيد المدة عن ستة أشهر، أما إذا أراد رئيس الجمهورية أن يمدها مرة أخرى يكون باستفتاء الشعب وليس بقرار مجلس الشعب، فالشعب هو نفسه الذى سيقول أن تمتد حالة الطوارئ أم لا، وفى جميع الأحوال لا يزيد فرض حالة الطوارئ عن عام واحد. ** وماذا عن التعديلات التى أجراها وزير العدل على هذا القانون؟ يجب أن تعلمى أن التعديلات التى أجراها المستشار أحمد مكى وزير العدل، فرق فيها بين الطوارئ التى تفرض بسبب الحرب، وبين الطوارئ التى تفرض بسبب الاضطرابات الداخلية، وقد خفف من قيود قانون الطوارئ فى جميع الأحوال. ** كيف هذا؟ فى التعديل الجديد لا يجوز اعتقال من سبق اعتقاله، كما تم تحديد مدة الاعتقال، وأصبح من حق المعتقل الاجتماع بمحاميه، وذلك على عكس ما كان يحدث فى الماضى، فأوامر الاعتقال كانت تصدر على بياض. ** إذا كان الدستور بهذه الروعة.. فلماذا تعترض عليه التيارات السياسية والحقوقية؟ إذا صدقت النوايا فهذه الأمور كلها يمكن أن تختفى، فالاختلاف كما قالت التيارات المدنية على 11 مادة فقط من دستور يتكون من 236 مادة، أى بما يعادل 4%. ** الرئيس السادات قام بتغيير حرف واحد فى الدستور عندما قام بتغيير كلمة مدة إلى مدد كان على إثرها أن يحكمنا مبارك حكمًا ديكتاتوريًا على مدار 30 عاما.. فكيف نستهين بالخلاف على 11 مادة بالدستور؟ هذا صحيح.. لكن ال11 مادة المختلف عليها لا تحمل هذه المعانى، أو تؤدى إلى هذه النتائج. ** فلماذا كل هذا الفزع من الدستور؟ بسبب مادة العزل السياسى لفلول الحزب الوطنى، والمادة الخاصة ببدء احتساب مدة الموظفين العموميين الذين حدد لهم القانون مدة واحدة، ومنها مدة حكم رئيس الجمهورية فمدته تحتسب من 30-6-2011، والمعترضين على الدستور يريدون إعادة انتخابات الجمهورية بعد إجراء الدستور. ** وماذا عن إضراب القضاة.. أليس ذلك بسبب إلغاء الندب وتقليص اختصاصاتهم؟ لا شك أن البعض قد تضرر من إلغاء الندب، والبعض انساق وراء مجلس إدارة نادى القضاة الذى يعمل علنا بالسياسة، وفتح الجمعية العمومية الخاصة بالقضاة لجميع التيارات السياسية، والتى لا شأن لها بالقضاء. ** معنى هذا.. أن القضاة لم يعترضوا على الدستور؟ هذا صحيح.. اعتراض القضاة كان على الإعلان الدستورى الذى صدر يوم 22 نوفمبر، تبعه التسخين والتصعيد من نادى قضاة مصر بالدعوى لوقف العمل وعدم الإشراف على الاستفتاء. ** وهذا يعنى أن القضاة دخلوا اللعبة السياسية؟ بالطبع.. والدليل أنه فى عام 2010 فى آخر جمعية عمومية لنادى القضاة قبل قيام الثورة، القضاة طالبوا بالامتناع عن الإشراف على الانتخابات إذا كان الإشراف سيقتصر على اللجان العامة، وذلك لأن التزوير يقع فى اللجان الفرعية، والنتائج ستنسب إليهم فى حالة حدوث تزوير، رغم أنهم لا ناقة لهم ولا جمل، فطالبوا بالإشراف الكامل أو الامتناع الكامل، لكن المستشار "أحمد الزند" وقف ضدهم قائلا "إن القاضى لا يشرع، القاضى يطبق القانون"، وهذه كلمة حق يراد بها باطل، فكأنه يدعو إلى الإشراف على اللجان العامة حتى يتمكن النظام من تزوير الانتخابات، وتلصق النتيجة فى القضاة، ولم تكن هذه المسألة تثير لديه غيرة أو إحساسا، والآن يطالب بعدم الإشراف على الدستور رغم أنه التزام دستورى، ويبدو أنه يسعى بهذا إلى إعاقة الدستور الذى سينهض بالبلاد بالاتفاق مع بعض المنظمات السياسية والتيارات والأحزاب السياسية. ** كيف ترى وضع القضاء فى مصر خاصة فى ظل الاتهامات الكثيرة من البعض حول عدم استقلاليته وتبعيته؟ مفهوم عدم الاستقلال لدى القاضى، غير المعنى المتبادر إلى ذهن العامة، فعدم استقلالية القضاء ينظر إليها القاضى بتعيين رؤساء المحاكم عن طريق وزير العدل، أو الإحالة إلى الصلاحية، أما مفهوم عدم الاستقلال المتبادر إلى أذهان العامة غير صحيح، فالقاضى لا يستطيع أن يتدخل فى عمله، وانتقاص الاستقلالية يتمثل فى مثل هذه الأمور. **كنت أحد المحتجزين مع النائب العام...؟ مقاطعا بغضب.. هذه جريمة تتمثل فى احتجاز موظفين عموميين داخل مكاتبهم، وما نجونا إلا بتقديم النائب العام استقالته، فإذا كان النائب العام قد أصر على موقفه، ما كنا سنعلم إلى أين تصل الأمور، لكن الله كان لطيفًا بنا. ** البعض يبرر ذلك بأن النائب العام لم يأتى بشكل مشروع ليرحل بشكل مشروع؟ إذا لم يحترم القضاة القانون والدستور فمن يحترم القانون، وفرضًا إذا كان النائب العام الحالى أتى بشكل غير دستورى، فلا يجب أن يرد بطريق غير مشروع، لأن القاضى يجب أن يلتزم بالقانون والدستور فى جميع الأحوال، ففى عام 69 الهيئة القضائية تم حلها بالكامل وأعيد تشكيلها، وتم استبعاد 150 قاضيًا، بسبب اعتراض القضاة على جمال عبدالناصر والمطالبة بإطلاق الحريات، ومع ذلك لم يضرب القضاة عن العمل، فإذا كان رموز قادة الاستقلال من القضاة مثل يحيى الرفاعى، ووجدى عبدالصمد، وممتاز نصار، وأحمد جنينة، وأحمد مكى لم يضربوا عن العمل وهم قادة استقلال القضاء فى العالم العربى، فكيف يأتى اليوم الذى يضرب فيه بعض القضاة عن العمل باسم الدفاع عن استقلال القضاء. ** الكثير يرى أنها استقالة شكلية لأن بعد تطبيق الدستور كان من الطبيعى أن يتم تعيين نائب عام آخر؟ غير صحيح.. لأن مده تعيين النائب العام تحتسب من تاريخ شغله المنصب فى شهر نوفمبر الماضى، وحتى أربعة أعوام، وليس من تاريخ إقرار الدستور. ** فى رأيك كيف نستطيع توحيد القضاة مرة أخرى بعد أن تفرقت جموعهم؟ لم نكن يدًا واحدة فى يوم من الأيام، فيستحيل أن يكون قضاة تيار الاستقلال، أو أى قاضى يعتز بعمله ويخلص فيه ويدافع عنه أن يكون فى مركب واحد مع أحمد الزند أبدًا.