الاضطراب الحادث في السياسة المصرية فيما يتصل بمن يكون الرئيس ، ومتي يعلن خوضه لسباق الرئاسة ، تضاربت الأنباء والأخبار حول كيف يختار الحزب الوطني الحاكم لمرشحه ، فصفوت الشريف تحدث عن مفهوم تقليدي أبوي عن أن زعيم الحزب هو الذي يختار من يترشح ، وهنا رد جمال مبارك رئيس لجنة السياسات وقال هناك مؤسسات داخل الحزب هي التي تختار من يكون المرشح للرئاسة ، وحدث هناك اضطراب وتراجع صفوت الشريف عن تصريحاته . بالطبع لا يوجد خلاف حقيقي بين المنهجين فكلاهما تعبير عن نوع من الاستعراض السياسي وممارسة نوع من الصراع علي النفوذ داخل الحزب لكن في النهاية فالمرشح الرئاسي القادم هو الرئيس الحالي للمرة الخامسة ، ولكن الأستاذ جمال مبارك يريد أن يقول إن مقاليد الحزب بيده وأن رؤيته الحداثية في النهاية ليست في المضمون ولكن في الوسيلة . لكني أساءل نفسي لماذا لم يعلن مبارك ترشيح نفسه بعد ويبدو صامتا لا نسمع له همسا ، أظن أن مبارك يتوجس خيفة ، ويبدو قلقا محتارا ، ليس واثقا من شئ ، وربما تكون مهمته الآن أسهل وهو يترك الناس يضربون في عمياء دهماء كما كان يقول الفلاسفة القدامي لخلق نوع من عدم اليقين لديهم . لكن حين يصبح مرشحا للرئاسة من الناحية الرسمية فإنه سيكون في مأزق صعب ، فالناس ستطالبه ببرنامج حقيقي وليس برنامج تصريحات وكلام ، كفاية تصريحات كفاية كلام .. زهقنا من التصريحات والكلام .. وسيكون من حق منافسيه أن يناظروه علي قدم المساواة ويسألونه ، وهو من المفروض أن يجيب ، وحين تبدأ الحملة لن يستطيع البقاء في منزله ، فلا توجد انتخابات رئاسية منازل ، هذا يوجد في بعض الامتحانات للطلبة الذين استنفذوا مرات الرسوب . العملية ستكون جد ، وسيكون وضع مبارك صعبا جدا فكلما طالت العملية بدون إعلانه ترشيح نفسه ، فهذا سيخفف من الضغط عليه ، علي الأقل ستخرج المظاهرات حين يعلن مبارك عن ترشيح نفسه لتعلن رفضها هاتفة " لا للتمديد .. لا للتوريث " ، وستطالبه المظاهرات بأجندة إصلاح لا يمكن القبول بأقل منها وهي : إلغاء قانون الطوارئ والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين من جميع الأطياف السياسية الجماعات والإخوان والجميع ، وإشراف كامل للقضاء ، وتخليه عن منصب الرئيس أثناء العملية الانتخابية لتكون متسمة بالنزاهة . لكن الملاحظ أن هناك مأزقا فعليا للنظام ، وأن اضطراب التصريحات التي سمعناها مؤخرا عمن سيكون مرشح الرئاسة هو تعبير عن هذا المأزق . وعلي الجانب الآخر فإن قوي المعارضة لم نسمع بعد منها الاتفاق علي كلمة سواء ، وأبسط الأمور عدم اتفاقها علي مرشح واحد يكون المرشح الرئيسي للمعارضة فمرة نسمع عن ترشيح حزب التجمع لرفعت السعيد ثم يتراجع ونسمع عن الوفد يتحدث عن التحاق الإخوان علي قائمة الوطني ولا أدري كيف يكون ذلك ؟ وأخيرا وهذه هي المعضلة الحقيقية تصريحات مرشد الإخوان لمجلة آخر ساعة والتي يعتبر فيها أن الرئيس الحالي هو من بيده جميع السلطات وأنه ولي الأمر ولكن بشرط جلوسه معه ومطالبته له بإلغاء الطوارئ والإفراج عن جميع المعتقلين .. الخ من المطالب ، ثم نفيه لهذه التصريحات وأنها زيفت لدرجة أن هناك اضطراب واضح في تصريحات قيادات الإخوان ، مجرد أن يعلن التصريح يصدر نفي له من مكتب الإرشاد ، و حتي تصريحات الدكتور حبيب نائب المرشد التي تحدث فيها في احتفالية عبد العزيز مخيون والتي قال فيها أنه يسمع كوكب الشرق التي كانت تشنف آذانه بصوتها الرقراق العذب وأنه كان يشتري اسطوانات لمطربين ، ما هذا الهزل في وقت الجد ؟! . نريد برنامج واضح من التحالف الوطني الذي يقوده الإخوان ، ما هي خطط هذا التحالف في الفترة القادمة ، وما هي برامجه ولابد وأن يكون ذلك علنيا وشفافا وواضحا ومبرمجا ، ونريد برنامج واضح من حركة " كفاية " لمواجهة المرحلة المقبلة والحرجة ، ونريد برنامج من تجمع عزيز صدقي للمرحلة المقبلة ، إن الأيام القادمة وحتي شهر سبتمبر تحتاج عزائم الرجال المخلصين الجادين بدون حسابات ضيقة ومصالح خاصة ، وأن هذا واجب علي قوي الإصلاح الحقيقية قبل مبارك ونظامه ورجاله والحزب الوطني وجمال مبارك ،ولكن الجميع يبدو أنه في مأزق .