الرئيس مبارك من أول يوم تولى فيه مسئولية إدارة البلد خلفا للرئيس الراحل أنور السادات و إلى الآن ، و نظامه السياسي يحكم مصر بقانون الطوارئ .. يعني بالحديد و النار ، و غيّب في سجونه عشرات الالاف من شباب مصر ، مكثوا في المعتقلات عشرات السنين ، بلا محاكمات ، و أهدرت عشرات الأحكام القضائية التي قضت بالافراج عنهم ، و مورست أبشع أنواع و أساليب التعذيب و أصيب منهم من أصيب بالعمى و الشلل و السل و السرطان و الفشل الكلوي ، و من خرج منهم من السجن و هم قليل خرج شخصا آخر ، لا يكاد يعرفه أهله و أصدقائه و جيرانه !. ما يقرب من ربع قرن و نظامنا السياسي ، يسوم أسرا و عائلات بل قرى بالكامل سوء العذاب ، و ترك العشرات من الآباء و الأمهات و الزوجات و أطفالا رضع و شيوخا مرضى و شبابا في مراحل الدراسة و فتيات في سن الزواج بلا عائل ، وبلا مصدر للعيش عقابا و تنكيلا ، بل إني سمعت من محامي الجماعات الإسلامية منتصر الزيات ، أن أجهزة الأمن تعقبت العائلات التي تقدم صدقات و مساعدات لأسر المعتقلين الفقراء المعدمين ، و هددت من يقدم لهم المساعدة بالويل و الثبور و عظائم الأمور، بل إنها و الكلام للزيات ، داهمت المنازل و صادرت الحبوب والمواد الغذائية التي كان مقررا تقديمها لعائلات ضحايا أجهزة أمن الرئيس مبارك ممن غيبوا خلف سجونه أو أعدموا في محاكمات عسكرية !!. خاض نظامنا السياسي هذه الحرب الضروس ضد شباب بلده باسم الحملة على الإرهاب ، و حماية صناعة السياحة التي تدر دخلا رئيسيا للمصريين . و يبدو أن نظامنا السياسي أدمن هذه القسوة و هذا الجبروت ، حتى بات يتلذذ فيما يبدو بتعذيب من بقبضته من أسرى و معتقلين ، و بموت عائلاتهم جوعا و مرضا و حزنا على فلذات أكبادهم الذين خرجوا من بيوتهم ليقضوا شبابهم و شيخوختهم تحت سياط جلادين و زبانية تعذيب نظام الرئيس مبارك . إذ أبى نظامه الإفراج عنهم غير مكترث لا بمبادرات وقف العنف و لا بأحكام قضائية ، و لا حال أسر ضحاياه التي باتت تبعث على الشفقة ، و ترق لها القلوب القاسية . و رغم هذا الهوس بالاستبداد و القمع و التعذيب و إرهاب الدولة الرسمي ، و الابقاء على قانون الطوارئ سيفا مسلطا ما يقرب من ثلاثة عقود على رقاب الجميع .. رغم هذا كله لم ينجح نظام الرئيس مبارك في حماية مصر من الضربات الإرهابية ، ليضيف إلى رصيد مصر في الفشل و الاخفاق ، فشلا جديدا و لكنه الأسوأ و الأكثر مدعاة للحساب والسؤال . إذ إن فاتورة قانون الطوارئ ، كانت باهظة التكاليف على الشعب المصري ، و الذي سددها من أستقراره و أمنه و كرامته التي أهدرتها أحذية الأمن المركزي و ضباط أمن النظام . نريد أن نسأل نظامنا السياسي ما هي المحصلة النهائية لحكم البلد بالحديد و النار و بقبضة أمنية لم ترحم امرأة و لا شيخا و لا طفلا ، و نسأله ماذا عاد على المصريين من منافع بعد أن سيق عشرات من أبنائه إلى أعواد المشانق ، باسم مكافحة الإرهاب ، ثم تتلقى البلد بعد كل هذه التكاليف الباهظة و في أقل من عام واحد ضربات إرهابية مريبة ، في القاهرة و طابا و شرم الشيخ .. تم غلق ملفات بعضها بعد تصفية المتهمين و قتلهم ، في ظروف يجهل الرأي العام ملابساتها ! فيما يظل الشعب المصري صاحب المصلحة و المتضرر الأول من هذا العبث الإرهابي من جهة و الإهمال الأمني جهة أخرى مثل الأطرش في الذفة !!! لقد آن الآون على أن لا نتساهل في مُساءلة نظامنا السياسي من خلال استئناف الضغط عليه في اتجاه حمله على القبول بكل الضمانات التي تؤمن اجراء انتخابات نزيهة و حقيقية تفرز برلمانا ممثلا تمثيلا حقيقيا للقوى و التيارات السياسية الطبيعية في مصر.. لا يترك هذا النظام يستأثر وحده في إدارة البلد على هذا النحو العبثي الذي تعوذه الخبرة السياسية و الوعي العلمي بإدارة الازمات الكبرى التي تمر بها الدولة.