الرئيس مبارك على قناة دريم الفضائية في مستهل الدعاية لبرنامجه الانتخابي ، ثم في جولته الانتخابية في العاشر من رمضان يوم أمس الأول ، تكلم في كل شئ تقريبا إلا في شئ واحد ، لاحظته و لاحظه غيري أنه يتجاهله و لم يشر إليه لا من قريب و لا من بعيد ، هي قضية حقوق الإنسان في مصر !. في معتقلات الرئيس مبارك الآن مايقرب من 20 ألف معتقل سياسي ، سقطوا عمدا لا سهوا من حسابات الرئيس ، فكيف نحسن الظن في برنامجه الإنتحابي ؟! الكلام عن الوظائف و الأسعار و المرتبات .. كلام جميل و إن كان المصريون يشكون في قدرة النظام على إصلاح ما أفسده طوال 25 عاما ، و لكن المصريين أيضا دم و لحم و من الإهانة أن نتكلم معهم باعتبارهم متسولين يرضون باللقمة الصغيرة نظير شراء تحملهم الإهانة و البهدلة و التعذيب في معتقلات النظام و مقار أمنه و شرطته . كنت أتوقع أن يظهر الرئيس على شاشات التليفزيون مستهلا حديثه بالاعتذار عن رصيد نظام حكمه اللاإنساني في التعامل مع الشعب المصري ، و عما لحق بعشرات الالاف من الأسر من أذى و مشاكل و انحرفات جراء غياب الزوج أو الأب أو الابن في سجونه بالسنوات بلا محاكمة .. بمجرد جرة قلم من وزير داخليته . كنت أتوقع أن يبدأ الرئيس مبارك حملته الانتخابية بمصالحة مجتمعه و شعبه الذي أنهكه نظام حكمه بالفقر والمرض والقمع وإهدار كرامته وتخويفه وترويعه . ولا أدري كيف أقنع القائمون على إدارة الدعاية الانتخابية للرئيس مبارك أن يبدأ حملته بتجاهل أخطر و أهم ملف في مصر الآن و هو ملف المعتقلين السياسيين ، و إهانة النظام لأحكام القضاء ، و تجاهلة إعادة البسمة للالاف من آباء و أمهات و زوجات و أبناء المعتقلين؟! . بل إن الرئيس مبارك صعب عليه أن يعد الناس بوقف العمل بقانون الطوارئ ، بدون أن يعدهم بأنه سيستبدله بقانون آخر سماه "قانون مكافحة الإرهاب" و يتوقع المثقفون المصريون أن يكون أسوأ من سابقه ، ليؤكد النظام أنه لا يستطيع أن ينام قرير العين ليلة واحدة إلا بترويع الناس و إرهابهم بقوانين استثنائية . و في تقديري أن المشكلة ليست في قانون الطوارئ أو في قانون جديد يحل محله ، المشكلة في أن يحترم النظام نفسه القانون بما فيه قانون الطوارئ و لقد سمعت من أحد النشطاء الحقوقيين ، قوله إن المعتقليين ليس لديهم مانعا أن يحاكموا بقانون الطوارئ ، فالأخير فيه من الضمانات ما يعصمهم من تسلط النظام و تعسفه ، غير أن المشكلة في أن النظام لا يحترم أصلا قانون الطوارئ و يتعامل معهم بهمجية لا علاقة لها لا بقانون الطوارئ و لا بأي قانون في العالم إلا قانون الغاب و الوحشية المتخلفة ! تذكرت هذا الكلام و أنا أسمع الرئيس مبارك و هو يعد باستبدال قانون الطوارئ بقانون غيره ، و قلت المشكلة ليست في القانون ياريس المشكلة في نظام حكمك الذي لا تحترم مؤسساته و أجهزته القانون من أصله