اليوم.. الاتحاد المصري لطلبة صيدلة بجامعات مصر يطلق النسخة الرابعة من مؤتمر "EPSF"    وزير الري يتابع إجراءات تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه في مصر    تراجع أسعار الذهب مع تفاؤل الأسواق بمحادثات التجارة الأمريكية الصينية    موعد صرف مرتبات مايو 2025 وزيادة الحد الأدنى للأجور.. تفاصيل كاملة    البنك المركزي الصيني يخفض سعر الفائدة الرئيسي لدعم الاقتصاد    قصف متبادل بين الهند وباكستان يوقع قتلى وجرحى    مقتل شخص جراء قصف إسرائيلي لسيارة في مدينة صيدا جنوب لبنان    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    طائرات مسيرة تُهاجم أكبر قاعدة بحرية في السودان.. ما القصة؟    معركة نارية بين سان جيرمان وأرسنال لحسم بطاقة التأهل للنهائي    «أنهى حلم برشلونة».. صحف كتالونيا تنتقد قرارات حكم مباراة إنتر في دوري الأبطال    مصيرهم مش بإيديهم| موقف منتخب مصر للشباب من التأهل لربع نهائي أمم أفريقيا    فيديو.. الأرصاد: السبت والأحد ذروة الموجة الحارة    ضبط 379 مخالفة متنوعة بالأسواق والمخابز البلدية في أسوان    النيابة تعاين موقع تعدى مدرس على طالبات بمدرسة فى الإسكندرية    المؤبد لعاطل لحيازته 7 كيلو لمخدر الهيروين بالإسكندرية    النشرة المرورية.. زحام الطرق الرئيسية فى القاهرة والجيزة    تعرف على موعد فتح باب التقديم لمشاريع «ملتقى القاهرة السينمائي»    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    الصحة والوكالة الفرنسية للتنمية تبحثان التعاون في مشروعات الرعاية الصحية والتوسع في التدريب    الصحة تنظم ورشة عمل لتنمية الكوادر وتعزيز تطبيق المنظومة الإلكترونية للموارد البشرية    طريقة عمل الفطير المشلتت الفلاحي على أصوله    السيطرة على حريق بسيارة ملاكي بدار السلام في سوهاج    سعر اللحوم الحمراء اليوم الأربعاء 7 مايو    كندة علوش تكشف علاقتها بالمطبخ وسر دخولها التمثيل صدفة    بعد حفل زفافها.. روجينا توجه رسالة ل «رنا رئيس»| شاهد    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأربعاء 7 مايو 2025 م    كندة علوش عن تجربتها مع السرطان: الكيماوي وقعلي شعري.. اشتريت باروكة وما لبستهاش    إحالة عاطلين للمحاكمة الجنائية لسرقتهما 6 منازل بمدينة بدر    النائب عمرو درويش: لا إلغاء تلقائي لعقود الإيجار القديم.. والمحاكم هي الفيصل حال عدم صدور قانون    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. حديد عز ب39 ألف جنيه    مواعيد امتحانات العام الدراسي المقبل لصفوف النقل والشهادات الدراسية 2026    ترامب: لا يمكن لإيران أن تمتلك أسلحة نووية ولن يبقى أمامنا خيار إذا سارت في طريق آخر    مباراة برشلونة وإنتر تدخل التاريخ.. ورافينيا يعادل رونالدو    كندة علوش تروي تجربتها مع السرطان وتوجه نصائح مؤثرة للسيدات    إريك جارسيا يلمح لتكرار "الجدل التحكيمي" في مواجهة إنتر: نعرف ما حدث مع هذا الحكم من قبل    «تحديد المصير».. مواجهات نارية للباحثين عن النجاة في دوري المحترفين    موعد مباريات اليوم الأربعاء 7 مايو 2025.. إنفوجراف    سيد عبد الحفيظ يتوقع قرار لجنة التظلمات بشأن مباراة القمة.. ورد مثير من أحمد سليمان    عاجل.. الذهب يقفز في مصر 185 جنيهًا بسبب التوترات الجيوسياسية    ترامب يعلّق على التصعيد بين الهند وباكستان: "أمر مؤسف.. وآمل أن ينتهي سريعًا"    الذكرى ال 80 ليوم النصر في ندوة لمركز الحوار.. صور    كوكلا رفعت: "أولاد النيل" توثيق لعفوية الطفولة وجمال الحياة على ضفاف النيل    موعد إجازة مولد النبوي الشريف 2025 في مصر للموظفين والبنوك والمدارس    «كل يوم مادة لمدة أسبوع».. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 بمحافظة الجيزة    المؤتمر العاشر ل"المرأة العربية" يختتم أعماله بإعلان رؤية موحدة لحماية النساء من العنف السيبراني    متحدث الأوقاف": لا خلاف مع الأزهر بشأن قانون تنظيم الفتوى    مُعلق على مشنقة.. العثور على جثة شاب بمساكن اللاسلكي في بورسعيد    الهند: هجومنا على باكستان أظهر انضباطًا كبيرًا في اختيار الأهداف وطريقة التنفيذ    مكسب مالي غير متوقع لكن احترس.. حظ برج الدلو اليوم 7 مايو    3 أبراج «أعصابهم حديد».. هادئون جدًا يتصرفون كالقادة ويتحملون الضغوط كالجبال    من هو الدكتور ممدوح الدماطي المشرف على متحف قصر الزعفران؟    أطباء مستشفى دسوق العام يجرون جراحة ناجحة لإنقاذ حداد من سيخ حديدي    أمين الفتوي يحرم الزواج للرجل أو المرأة في بعض الحالات .. تعرف عليها    ارمِ.. اذبح.. احلق.. طف.. أفعال لا غنى عنها يوم النحر    «النهارده كام هجري؟».. تعرف على تاريخ اليوم في التقويم الهجري والميلادي    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيرة الاستفتاء على الدستور
نشر في المصريون يوم 15 - 12 - 2012

بعدما انقضت الجولة الأولى من الاستفتاء على الدستور وقرر الشعب كلمته فيها يجدر بنا أن نعيد تقييم الموقف لنعلم أى الفريقين ينحاز للشعب، ولنعلم كم التضليل الذى يُساق لإثناء الناس عن التصويت بحرية. لقد صوتت الغالبية على الدستور بإيجابية وسط جو ملبد بالغيوم الإعلامية ورغم ذلك عرف الشعب طريقه وذهب ليقول كلمته. لقد ساعدت بعض البرامج الإعلامية على توضيح بعض المفاهيم المحيطة بالدستور رغم غيوم الإعلام الطاغى الذى حاول تشويه وثيقة الدستور المقترح. ورغم كل حملات التشويه التى أتى بعضها بغير ما يشتهى مطلقوها، إلا أن الوعى بدقة الموقف السياسى دفع الكثيرين إلى المشاركة منذ الصباح الباكر. ورغم أن تلك الحملات المضادة لمسيرة الاستفتاء قد حاولت خلط الأوراق بإشاعة أن التصويت يعنى الانتصار للحزب الحاكم وتشويه الجمعية التأسيسية بتصويرها وكأنها تمثل ذلك الحزب إلا أن الوعى بحقيقة تكوين الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور التى أتت بانتخابات جرى التوافق على معاييرها فى مجلسى الشعب والشورى طبقاً للإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011م كان أكبر من أن يتم التعتيم عليه. كما أن التزام الجمعية التأسيسية بمدة الستة أشهر المحددة فى ذلك الإعلان والالتزام بالخمسة عشر يوماً التى حددها ذلك الإعلان لهو انصياع محمود لإرادة الشعب.
لقد صاحب الاستفتاء على الدستور كم كبير من الحملات الإعلامية والدسائس ومحاولات الفتنة لم يكن لها أن تكون إلا إذا كان هذا الدستور يتعارض مع أهداف فئات بعينها. ولقد كشف الموقف الحالى تلك الفئات التى تحالفت مع أذناب النظام السابق ومع الدولة العميقة بصورتها السلبية لتعطيل آلية عمل الدولة وهو أمر موجب رغم سلبيته الظاهرة لأنه كشف توجهات الأفراد والجماعات الطامعة فى السلطة فقط وبأى ثمن وكشف معه اتحاد أهداف تلك الجماعات مع أهداف أذناب النظام السابق فى إعادة الدولة القديمة برموز مختلفة حفاظاً على مصالح تلك الدولة القديمة وعلى مصالح أدواتها وأفرادها وهو ما يتعارض مع استحقاق الوطن فى نظام أفضل يضعنا فى مكان نستحقه بين الدول.
لقد كشفت الصورة العديد من العلاقات ومن أخطرها المطامع فى الانقضاض على السلطة بلعب دور سياسى من أفراد وجماعات من المفترض أن تكون إسهاماتهم فى مسار مختلف لمصلحة الوطن. ولعل أبرز تلك الأدوار ما حاوله بعض القضاة لتعطيل مسيرة الاستفتاء بالدعوة لمقاطعة الإشراف عليها وما حاولوه من تعطيل آلية العدالة فى الدولة من تعطيل لعمل المحاكم ومن أحكام تتعارض مع آلية عمل الدولة مثل الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب والحكم بعدم الاعتداد بما يصدره النائب العام من قرارات وغيرها. كما أن قيام القوات المسلحة بمحاولة لعب دور سياسى فى الفترة الحالية ببيانها الذى أصدرته وبالدعوة التى وجهتها للبعض لمدارسة أحوال الوطن الداخلية، يضع ظلالاً من الشك على تلك الأفعال خاصة بعد طرح أحد الرموز المدعوة لذلك الاجتماع إمكانية تدخل الجيش وبعدما ظن البعض أن دور القوات المسلحة السياسى قد تقلص، وأنها لن تلعب دور الجيش التركى بالنسبة للشعب المصرى. القضية بمساراتها تتطلب اليقظة فى التعامل مع كل الأطراف الفاعلة وغير الفاعلة فى المعترك السياسى حتى تستقيم آلية عمل الدولة. ويجدر بنا أن نشير إلى أن محاولة بعض الفئات الخروج من عباءة الامتيازات التى تحصل عليها بالمخالفة للقواعد العامة (وليس للقانون لأن كل أمور الاستثناءات مقننة) لأمر صعب على الفرد العادى، ولتفهم ذلك يلزم أن نُعلى روح الوازع الوطنى عند الجميع حتى ينخرط الكل فى عباءة الوطنية الحقة العادلة، وهو أمر يحتاج لوضوح الرؤية ويحتاج للحزم فى العديد من الأمور، مع العلم أن أغلب الأفراد ينظرون إلى الأمور للأسف نظرة نسبية متناسين فيها الواجب قبل الحق. ولا يقتصر الأمر على تلك الفئتين اللتين تشكلان دعائم قوية لأية مجتمع فلم يخلُ المشهد خلال الأسبوع الماضى من اعتصامات من قطاعات لا يظن المواطن العادى أنها تحتاج إلى زيادة فى المرتبات مثل قطاع البترول، حيث شهدت بنفسى قيام بعض عامليه بقطع الطريق فى مدينة نصر بالقاهرة! القضية أننا يجب أن ننظر للدولة على أنها دولة وليست مجموعة قطاعات تتحد ببعضها اتحاداً فيدرالياً لكل منها آلياته وقوانينه ولوائحه الخاصة وميزانياته بعيداً عن سلطة الدولة. ولعل الدرس المستفاد من المرحلة الحالية أن يد النظام يجب أن تنطلق فى فرض القانون بحزم وبعدل على مختلف القطاعات بعد إعادة هيكلة بنية المؤسسات الحالية وبناء الهيئات المستحدثة فى الدستور بعدما تكشف لها أن التوافق غير المجدى إضرار بالوطن لا خير فيه.
ولعل من صوت على الدستور بالموافقة قد تجرد بموضوعية من الدعوة إلى ربط دستور دائم بأداء عمل الحكومة الحالية التى يرى المواطن العادى فى قراراتها تخبطاً عالج آخرها رئيس الجمهورية بإلغاء بعض زيادات الأسعار التى أتت توقيت الإعلان عنها مساهمة من الدولة العميقة فى الضغط على النظام الحالى إبان الصدام، بين فصيلى نعم ولا، فى المشهد السياسى الحالى. لقد أتت تلك التصرفات بالإضافة إلى كشف عورات بعض من تصدروا المشهد السياسى إلى تبيان حقيقتهم وكأنما مَثَّلَ المشهد الحالى انقلاب السحر على الساحر.
فى مناقشاتنا للدستور ومواده يجدر بنا أن نذكر أن أغلب الفصيل الذى صوت عليه بنعم قد بذل فى سبيل ذلك جهداً كبيراً ليرى النور من خلال التعتيم الإعلامى والبلطجة التى سادت نواحى كثيرة من الصورة بنشر الأكاذيب والنسخ المزورة وذلك من خلال الاطلاع على نسخ موثقة من الدستور والمناقشة والمحاورة قبل إبداء الرأى فيه وهو أمر يجب تدعيمه وبسط آليات تنفيذه فى المرحلة الثانية من الاستفتاء. وحتى تكتمل الصورة يجب أن نشير إلى أن الفصيل المضاد للدستور قد استخدم كل الأساليب المادية والمعنوية والفكرية لتحقيق أغراضه ومنها نشر الأكاذيب والشائعات والنسخ المزيفة من الدستور المقترح والتى للأسف تداولها بعض المثقفين والمتثاقفين وبنوا عليها أفكاراً لا تمت للحقيقة بصلة. إن المرحلة الثانية من الاستفتاء لا تقل أهمية عن مرحلته الأولى إن لم تفقها لأن ببدايتها مؤشر حقيقى للموقف فلا ندع الفرصة تضيع لشرح حقيقة الدستور والذى هو جهد بشرى يشوبه بعض القصور ولكنه يمتاز بأن بنصوصه آلية لتعديله. لقد أتى الدستور المقترح كمنطلق لبناء دولة حديثة بالعديد من الإيجابيات وببعض السلبيات التى لا تعيق العمل به والتى يمكن من خلال المجلس النيابى أن يتم تعديلها. القضية أكبر من أن نتغافل عنها جميعاً فلا مجال للتحسينات وما أكثرها حتى فى المواد الإيجابية، إن نحن تشاغلنا عن الأولويات. لقد حركت تلك الأولويات هواجس أعمدة الدولة العميقة والمتطلعين للسلطة من إمكانية السير بالدولة فى مسار التنمية فكانت حركاتهم المتتالية لإفشال مسار الدستور. ولا يجب أن يغيب عن المشهد أن الغالبية قد وضعت رؤيتها الحرة لمسيرة بناء الوطن فى الصندوق وأن الذين صوتوا بلا أو بنعم هم أبناء وطن واحد لهم وعليهم حقوق وواجبات متساوية مهما كانت منطلقاتهم.
أ.د. محمد يونس الحملاوى
أستاذ هندسة الحاسبات، كلية الهندسة، جامعة الأزهر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.