مسنشار للطيران والإسكان والاقتصاد.. من هو أسامة شلبي رئيس مجلس الدولة الجديد؟    القوات المسلحة تحتفل بالعام الهجرى الجديد    بيان عاجل أمام «النواب» بسبب استمرار أزمة الرسوم القضائية    في موكب صوفي مهيب.. الطرق الصوفية تحتفل بذكرى الهجرة النبوية الشريفة غداً (تفاصيل)    البطريرك يونان يتفقّد كنيسة مار إلياس في دمشق بعد التفجير الإرهابي    الأوقاف: محافظة الفيوم تتسلَّم أولى دفعات لحوم صكوك الأضاحي    البنك الدولي يوافق على منحة 146 مليون دولار لدعم كهرباء سوريا    تكريم 200 موظف بعد اجتياز برنامج تدريبي رقمي في بني سويف    الجيش الإسرائيلي ينسحب من بلدة يَعْبَدْ بعد عملية استمرت 16 ساعة    أردوغان يلتقي رئيس الوزراء البريطاني على هامش قمة الناتو    شوبير: حمزة علاء ليس قريبًا من الزمالك.. ويقترب من تجربة احترافية خارج مصر    مصرع طفل غرقا أثناء الصيد بترعة في سمالوط.. والنيابة تصرح بالدفن لعدم وجود شبهة جنائية    حتى 29 يونيو.. عروض مسرحية النداهة ضمن الموسم المسرحي بالوادي الجديد    في أسبوعين..تامر حسني يكسر حاجز ال 12 مليون مشاهدة ب حلال فيك    لمواليد برج العذراء.. ما تأثير الحالة الفلكية في الأسبوع الأخير من يونيو 2025 على حياتكم؟    الأمم المتحدة: وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران فرصة لتفادي تصعيد كارثي    البورصة المصرية تربح 27.9 مليار جنيه في ختام تعاملات الأربعاء    بيراميدز يعطي فيستون ماييلي الضوء الأخضر للرحيل.. ويوضح موقف مصطفى محمد من الانضمام للفريق    محمد شريف: أتفاوض مع 3 أندية من بينها الزمالك وبيراميدز    شبانة: جسلة منتظرة بين الخطيب وريبيرو لحسم موجة التعاقدات الثانية بالأهلي    «تمركزه خاطئ.. ويتحمل 3 أهداف».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على محمد الشناوي    «بسلاح الذكريات السيئة».. ماسكيرانو يحفز ميسي للانتقام من باريس سان جيرمان    محافظ بورسعيد يكشف سبب هدم قرية الفردوس    براءة 12 متهمًا من الهجرة غير الشرعية والسرقة في المنيا    جهاز تنمية المشروعات يطلق الموسم الرابع من مسابقة Startup Power    شكوك بقدرة نتنياهو على استغلال تأييد الإسرائيليين الحرب على إيران    «العربية لحقوق الإنسان»: مراكز المساعدات لمؤسسة غزةتشكل انتهاكاً خطيراً لمبادئ القانون الإنساني    نانسي عجرم ومارسيل خليفة يشاركان في مهرجان صيدا الدولي أغسطس المقبل    عبلة كامل تتصدر التريند بعد أحدث ظهور لها    «حمى القراءة.. دوار الكتابة».. جديد الروائي الأردني جلال برجس    التقويم الهجري: من الهجرة إلى الحساب القمري.. قصة زمنية من عهد عمر بن الخطاب حتى اليوم    هيئة التأمين الصحي توقع بروتوكول تعاون لتعزيز التحول الرقمي في خدمات رعاية المرضى    عاجل- مدبولي يستعرض نتائج تعاون جامعة أكسفورد ومستشفى 500500 لتطوير العلاج الجيني للسرطان    البطريرك يوحنا العاشر يتلقى تعازي بعثة الاتحاد الأوروبي في سوريا    قرار جمهوري بتعيين سلافة جويلي مديرا للأكاديمية الوطنية للتدريب    بنك ناصر يدعم أطفال الشلل الدماغي بأحدث الأجهزة المستخدمة في تأهيل المرضى    الرئيس السيسي يؤكد لنظيره الإيراني رفض مصر للهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف قطر    تطور قضائي بشأن السيدة المتسببة في حادث دهس "النرجس"    محافظ الجيزة يتابع ميدانياً جهود إطفاء حريق بمخزن دهانات بمنطقة البراجيل بأوسيم    مدير مكتبة الإسكندرية يستقبل وفد جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات    القبض على صاحب فيديو سرقة سلسلة ذهبية من محل صاغة بالجيزة    أستاذ بالأزهر يحذر من انتشار المرض النفسي خاصة بين البنات والسيدات    كشف غموض اندلاع حريق في مخزن مواسير بلاستيك بسوهاج    المشاط تبحث مع المنتدى الاقتصادي العالمي تفعيل خطاب نوايا «محفز النمو الاقتصادي والتنمية»    رابط رسمي.. نتائج امتحانات نهاية العام في كليات جامعة أسيوط    المؤتمر الطبى الأفريقى .. عبدالغفار يشيد بجهود"الرعاية الصحية" في السياحة العلاجية والتحول الرقمي    توريد 3 أجهزة طبية لمعامل مستشفى الأطفال بأبو حمص بتكلفة 4 ملايين جنيه    «دعاء السنة الهجرية».. ماذا يقال في بداية العام الهجري؟    الترجي ضد تشيلسي.. الجماهير التونسية تتألق برسائل فلسطين في مونديال الأندية    وزير الرياضة: منتخب اليد يستحق جهازا فنيا على أعلى مستوى    محافظ القاهرة يبحث مع وزير الثقافة تحويل حديقة الأندلس لمركز فنى وثقافى    تحرير 145 محضرًا للمحال المخالفة لقرارات ترشيد الكهرباء    وزيرة التخطيط تلتقى ممثلى مجتمع الأعمال الصينى خلال المنتدى الاقتصادي العالمي    صور جديدة تظهر الأضرار اللاحقة بمنشآت فوردو وأصفهان ونطنز    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 25-6-2025 في محافظة قنا    مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة.. مواجهات نارية في كأس العالم للأندية    رسميًا درجات تنسيق الثانوية العامة 2025 في بورسعيد.. سجل الآن (رابط مباشر)    أجمل رسائل تهنئة رأس السنة الهجرية 1447.. ارسلها الآن للأهل والأصدقاء ولزملاء العمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسيرة الاستفتاء على الدستور
نشر في المصريون يوم 15 - 12 - 2012

بعدما انقضت الجولة الأولى من الاستفتاء على الدستور وقرر الشعب كلمته فيها يجدر بنا أن نعيد تقييم الموقف لنعلم أى الفريقين ينحاز للشعب، ولنعلم كم التضليل الذى يُساق لإثناء الناس عن التصويت بحرية. لقد صوتت الغالبية على الدستور بإيجابية وسط جو ملبد بالغيوم الإعلامية ورغم ذلك عرف الشعب طريقه وذهب ليقول كلمته. لقد ساعدت بعض البرامج الإعلامية على توضيح بعض المفاهيم المحيطة بالدستور رغم غيوم الإعلام الطاغى الذى حاول تشويه وثيقة الدستور المقترح. ورغم كل حملات التشويه التى أتى بعضها بغير ما يشتهى مطلقوها، إلا أن الوعى بدقة الموقف السياسى دفع الكثيرين إلى المشاركة منذ الصباح الباكر. ورغم أن تلك الحملات المضادة لمسيرة الاستفتاء قد حاولت خلط الأوراق بإشاعة أن التصويت يعنى الانتصار للحزب الحاكم وتشويه الجمعية التأسيسية بتصويرها وكأنها تمثل ذلك الحزب إلا أن الوعى بحقيقة تكوين الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور التى أتت بانتخابات جرى التوافق على معاييرها فى مجلسى الشعب والشورى طبقاً للإعلان الدستورى الصادر فى مارس 2011م كان أكبر من أن يتم التعتيم عليه. كما أن التزام الجمعية التأسيسية بمدة الستة أشهر المحددة فى ذلك الإعلان والالتزام بالخمسة عشر يوماً التى حددها ذلك الإعلان لهو انصياع محمود لإرادة الشعب.
لقد صاحب الاستفتاء على الدستور كم كبير من الحملات الإعلامية والدسائس ومحاولات الفتنة لم يكن لها أن تكون إلا إذا كان هذا الدستور يتعارض مع أهداف فئات بعينها. ولقد كشف الموقف الحالى تلك الفئات التى تحالفت مع أذناب النظام السابق ومع الدولة العميقة بصورتها السلبية لتعطيل آلية عمل الدولة وهو أمر موجب رغم سلبيته الظاهرة لأنه كشف توجهات الأفراد والجماعات الطامعة فى السلطة فقط وبأى ثمن وكشف معه اتحاد أهداف تلك الجماعات مع أهداف أذناب النظام السابق فى إعادة الدولة القديمة برموز مختلفة حفاظاً على مصالح تلك الدولة القديمة وعلى مصالح أدواتها وأفرادها وهو ما يتعارض مع استحقاق الوطن فى نظام أفضل يضعنا فى مكان نستحقه بين الدول.
لقد كشفت الصورة العديد من العلاقات ومن أخطرها المطامع فى الانقضاض على السلطة بلعب دور سياسى من أفراد وجماعات من المفترض أن تكون إسهاماتهم فى مسار مختلف لمصلحة الوطن. ولعل أبرز تلك الأدوار ما حاوله بعض القضاة لتعطيل مسيرة الاستفتاء بالدعوة لمقاطعة الإشراف عليها وما حاولوه من تعطيل آلية العدالة فى الدولة من تعطيل لعمل المحاكم ومن أحكام تتعارض مع آلية عمل الدولة مثل الحكم بإلغاء قرار رئيس الجمهورية بعودة مجلس الشعب والحكم بعدم الاعتداد بما يصدره النائب العام من قرارات وغيرها. كما أن قيام القوات المسلحة بمحاولة لعب دور سياسى فى الفترة الحالية ببيانها الذى أصدرته وبالدعوة التى وجهتها للبعض لمدارسة أحوال الوطن الداخلية، يضع ظلالاً من الشك على تلك الأفعال خاصة بعد طرح أحد الرموز المدعوة لذلك الاجتماع إمكانية تدخل الجيش وبعدما ظن البعض أن دور القوات المسلحة السياسى قد تقلص، وأنها لن تلعب دور الجيش التركى بالنسبة للشعب المصرى. القضية بمساراتها تتطلب اليقظة فى التعامل مع كل الأطراف الفاعلة وغير الفاعلة فى المعترك السياسى حتى تستقيم آلية عمل الدولة. ويجدر بنا أن نشير إلى أن محاولة بعض الفئات الخروج من عباءة الامتيازات التى تحصل عليها بالمخالفة للقواعد العامة (وليس للقانون لأن كل أمور الاستثناءات مقننة) لأمر صعب على الفرد العادى، ولتفهم ذلك يلزم أن نُعلى روح الوازع الوطنى عند الجميع حتى ينخرط الكل فى عباءة الوطنية الحقة العادلة، وهو أمر يحتاج لوضوح الرؤية ويحتاج للحزم فى العديد من الأمور، مع العلم أن أغلب الأفراد ينظرون إلى الأمور للأسف نظرة نسبية متناسين فيها الواجب قبل الحق. ولا يقتصر الأمر على تلك الفئتين اللتين تشكلان دعائم قوية لأية مجتمع فلم يخلُ المشهد خلال الأسبوع الماضى من اعتصامات من قطاعات لا يظن المواطن العادى أنها تحتاج إلى زيادة فى المرتبات مثل قطاع البترول، حيث شهدت بنفسى قيام بعض عامليه بقطع الطريق فى مدينة نصر بالقاهرة! القضية أننا يجب أن ننظر للدولة على أنها دولة وليست مجموعة قطاعات تتحد ببعضها اتحاداً فيدرالياً لكل منها آلياته وقوانينه ولوائحه الخاصة وميزانياته بعيداً عن سلطة الدولة. ولعل الدرس المستفاد من المرحلة الحالية أن يد النظام يجب أن تنطلق فى فرض القانون بحزم وبعدل على مختلف القطاعات بعد إعادة هيكلة بنية المؤسسات الحالية وبناء الهيئات المستحدثة فى الدستور بعدما تكشف لها أن التوافق غير المجدى إضرار بالوطن لا خير فيه.
ولعل من صوت على الدستور بالموافقة قد تجرد بموضوعية من الدعوة إلى ربط دستور دائم بأداء عمل الحكومة الحالية التى يرى المواطن العادى فى قراراتها تخبطاً عالج آخرها رئيس الجمهورية بإلغاء بعض زيادات الأسعار التى أتت توقيت الإعلان عنها مساهمة من الدولة العميقة فى الضغط على النظام الحالى إبان الصدام، بين فصيلى نعم ولا، فى المشهد السياسى الحالى. لقد أتت تلك التصرفات بالإضافة إلى كشف عورات بعض من تصدروا المشهد السياسى إلى تبيان حقيقتهم وكأنما مَثَّلَ المشهد الحالى انقلاب السحر على الساحر.
فى مناقشاتنا للدستور ومواده يجدر بنا أن نذكر أن أغلب الفصيل الذى صوت عليه بنعم قد بذل فى سبيل ذلك جهداً كبيراً ليرى النور من خلال التعتيم الإعلامى والبلطجة التى سادت نواحى كثيرة من الصورة بنشر الأكاذيب والنسخ المزورة وذلك من خلال الاطلاع على نسخ موثقة من الدستور والمناقشة والمحاورة قبل إبداء الرأى فيه وهو أمر يجب تدعيمه وبسط آليات تنفيذه فى المرحلة الثانية من الاستفتاء. وحتى تكتمل الصورة يجب أن نشير إلى أن الفصيل المضاد للدستور قد استخدم كل الأساليب المادية والمعنوية والفكرية لتحقيق أغراضه ومنها نشر الأكاذيب والشائعات والنسخ المزيفة من الدستور المقترح والتى للأسف تداولها بعض المثقفين والمتثاقفين وبنوا عليها أفكاراً لا تمت للحقيقة بصلة. إن المرحلة الثانية من الاستفتاء لا تقل أهمية عن مرحلته الأولى إن لم تفقها لأن ببدايتها مؤشر حقيقى للموقف فلا ندع الفرصة تضيع لشرح حقيقة الدستور والذى هو جهد بشرى يشوبه بعض القصور ولكنه يمتاز بأن بنصوصه آلية لتعديله. لقد أتى الدستور المقترح كمنطلق لبناء دولة حديثة بالعديد من الإيجابيات وببعض السلبيات التى لا تعيق العمل به والتى يمكن من خلال المجلس النيابى أن يتم تعديلها. القضية أكبر من أن نتغافل عنها جميعاً فلا مجال للتحسينات وما أكثرها حتى فى المواد الإيجابية، إن نحن تشاغلنا عن الأولويات. لقد حركت تلك الأولويات هواجس أعمدة الدولة العميقة والمتطلعين للسلطة من إمكانية السير بالدولة فى مسار التنمية فكانت حركاتهم المتتالية لإفشال مسار الدستور. ولا يجب أن يغيب عن المشهد أن الغالبية قد وضعت رؤيتها الحرة لمسيرة بناء الوطن فى الصندوق وأن الذين صوتوا بلا أو بنعم هم أبناء وطن واحد لهم وعليهم حقوق وواجبات متساوية مهما كانت منطلقاتهم.
أ.د. محمد يونس الحملاوى
أستاذ هندسة الحاسبات، كلية الهندسة، جامعة الأزهر
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.