من البلطجي؟ من المعارض؟ ما أوسع الفارق في المعنى تباعدًا، وشتان بين هذا المعنى وذاك، الكلمتان لا صلة أو علاقة ببعضهما من قريب أو بعيد، غير أنه في بلدي ويعتصرني الألم يكاد المعنى يتطابق، بعدما تحولت المعارضة من دور المراقب لسياسات الدولة ونقدها النقد البناء وتقويمها، لمعالجة القصور الذي قد يعتري الأداء السياسي، إلي دور المحرض الذي يوجه، يحرك، يتحكم، يرسم، يخطط لكل أوجه العبث والشغب، بل تعدى الأمر إلى البلطجة الآثمة التي تقتل، تحرق، تدمر، وللأسف بات يقوم على هذه الأدوار أفراد ومؤسسات ومنظمات خاصة وحكومية في ظل كم وحجم الفساد المستشري في أوصال أجهزة الدولة، والذي يحتاج وقتًا ليس بقصير لاقتلاع جذوره أو حتى محاولة الحد منه، ليس بأدل على هذا الدور الممنهج الخطير الذي يمارس ضد استقرار الدولة من النهج المغرض لبعض مؤسسات ووسائل الإعلام المحلية التي تضرب عرض الحائط بكل درجات المهنية والحيادية والمسؤولية، ومع ذلك إن كان خطر الداخل كبير، فإن الخطر المصدر من خارج الدولة لممارسة الدور الخبيث والحقير ضد استقرار الوطن أكبر وأعظم، وتتضح صوره في يد الغدر والجرم الخارجية التي تضخ أموال طائلة للتحريض والتدمير، تلك الأموال التي سُيكشف عن مصادرها وُمتلقوها في القادم من الأيام ، ما حدث في الأيام السابقة من تصرفات وأفعال آثمة لا يمت بصلة لمفهوم المعارضة، وإنما هي إحدى صور البلطجة السياسية الإقليمية التي يقف وراءها دول وأفراد بهدف إسقاط مشروع الحكم الإسلامي، الذي بدت علامات نجاحه تلوح في أفق المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط ، بل بدأ يفرض بقوة وجوده على صعيد الخريطة السياسية العالمية، ما استشعرت معه بعض الأنظمة خطر بالغ على استمراريتها، وعليه بدت تتكتل باستماتة للحيلولة دون ناجح حكم إسلامي في مصر، بدت تضخ أموال طائلة في جيوب بعض من يسمون أنفسهم رموزًا لتحقيق أغراضه الدنيئة، بدت تحركهم كالدمى، يأتمرون ولا يناقشون، ينفذون الأجندات التي تملى عليهم أيًا كانت العواقب والنتائج، لا يملكون قرارًا سوى طاعة ولاة أمرهم ونعمتهم، وليس بأدل على ذلك من أدلجة قراراتهم ووجهات نظرهم في اتجاه واحد وهو الرفض لكل محاولات الحوار التي دعت إليها مؤسسة الرئاسة، هذا ناهيك عن الدور الخبيث للكيان الصهيوني الذي يراقب عن كثب ما يحدث وما يدور، والذي يحرك عملاءه من سياسيين وإعلاميين لإعمال يد التدمير والتخريب وخرق وحدة الصف متى ما استدعت الحاجة لذلك، فهذا الكيان يحاول مستميتًا إفشال مشروع الحكم الإسلامي، يحاول مستميتًا إيجاد أرضية للقلاقل وعدم الاستقرار.... تتعاظم المخاطر، وتحاك المؤامرات في ظل أرضية خصبة ممهدة لإعمال يد الفتنة، وفي ظل خونه ومرتزقة النظام السابق الحالمين بالعودة لسدة الحكم، والانتهازيين الباحثين للوصول للسلطة بأي ثمن، التحديات الصعبة، والظروف التي تمر بها الدولة أصعب، فالحياة الاقتصادية وتردي مستوى الخدمات التى يتحصلها المواطن، جميعها عوامل قد تسهل وقوع البسطاء فريسة في شباك المتآمرين والسير بهم إلى الدرب الذي يريدونه ويخططون له، غير أنه يبرز في هذه العتمة السابقة إصرارًا وتحدي وتماسك لكل الكتل الإسلامية، مدعومة بتواجد وتأييد شعبي واسع لاستكمال مسيرة نجاح هذا المشروع الذي طال انتظاره من جانب الشعب المصري، والذي جاء عبر قواعد اللعبة الديمقراطية بشهادة كل منظمات ودول العالم، ليس هناك شك في التخطيط للانقلاب على الشرعية من قبل زمرة الفساد في الداخل والخارج، غير أن الفطنة السياسية للقائمين على اتخاذ القرار رغم حداثة العهد تفوت كل فرصة على المتربصين، فلا ضير في التراجع عن خطأ قد تكون مؤسسة الرئاسة ارتكبته وإن كنت شخصيًا لا اعتبر الإعلان الدستوري خطأ، لكن لنكون على يقين أن الله سبحانه وتعالى حافظ لأمن مصر "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين"، وختامًا أرى أن الوقفة السلمية أمام مدينة الإنتاج الإعلامي هي رسالة سلمية لا رسالة تخريب وعنف، وقفة لحث تلك المؤسسات الإعلامية لالتزام أدنى درجات الحيادية، التي هي أبعد ما تكون عن بعض منابع التحريض، وأعتقد أنه الأوان وأصبح لزامًا تطهير تلك المؤسسات التي بدأت تهدد أمن واستقرار الدولة. أرسل مقالك للنشر هنا وتجنب ما يجرح المشاعر والمقدسات والآداب العامة [email protected]