.. اليوم يبدأ المصريون المقيمون بالخارج الاستفتاء على أول دستور مقترح للشعب بعد ثورة يناير، تمهيدًا لاستفتاء الشعب كله على أرض مصر يوم السبت المقبل. في الدول التي تضم جاليات مصرية كبيرة العدد كالسعودية والكويت والإمارات وأمريكا الشمالية (الولاياتالمتحدة وكندا) تظهر بوضوح حالة «الانقسام» غير المسبوق التي وصل إليها الشعب المصري. .. المؤيدون للتصويت ب (نعم) وإقرار مشروع الدستور، هم مصريون وطنيون مخلصون لبلدهم يعتقدون أن ما يدعون إليه هو الحق، وهو المؤدي إلى إعادة «الاستقرار» لمصر، والمرور من عنق الزجاجة، والتركيز على إعادة بناء الدولة بدلًا من «الخناقات» الحادة بين أبناء الشعب الواحد، والإسراع بإنهاء المرحلة الانتقالية التي اصطلح الناس على تسميتها بمرحلة «وقف الحال»، وبالتالي مؤيدو (نعم) هم ولا شك مرة أخرى: مصريون - وطنيون- مخلصون- يعتقدون أنهم مع الحق.. وأن «الحق» معهم. أما معارضو إقرار الدستور، والمطالبون برفض مشروعه والداعون إلى ضرورة التصويت ب(لا) فهم – ويا للعجب – مصريون أيضًا ووطنيون ومخلصون ويعتقدون أنهم يدعون إلى الحق.. وأن «الحق» إلى جانبهم. وهؤلاء «يعتقدون» - ولهم مطلق الحرية – أن رفض الدستور سينهي حالة التوتر والاستقطاب التي نعيشها، وينهي العنف غير المبرر، ويمنح مصر الفرصة لانتخاب جمعية تأسيسية جديدة تعبر عن الشعب مباشرة، وبالتالي تنتج مشروع دستور يعالج كل المثالب التي يرونها في المشروع الحالي، ويعدل كل المواد الواجب تعديلها. .. عزيزي القارئ – مهما كانت وجهة نظر سيادتك الشخصية - ألا تعتقد أن وجهة نظر الآخر تستحق الاحترام؟.. ألا ترى أننا جميعًا أبناء وطن واحد وعلينا أن نتعلم التعايش السلمي مع «الآخر»، واحترام وجهة نظره على قاعدة «وجهة نظري صواب يحتمل الخطأ ووجهة نظرك خطأ يحتمل الصواب»؟.. من قال إن المنادين بتطبيق الشريعة الإسلامية وتمكين الرئيس المنتخب من الحكم هم جهلة أو رجعيون أو متشددون دينيًا؟ .. ومن قال إن الداعين إلى فصل الرئاسة عن الجماعة، والتريث في اتخاذ القرارات كفار زنادقة لا يرجون لمصر خيرًا؟ .. أشهد أن الجميع مصريون.. محبون لبلدهم.. مخلصون لها إلا فئة قليلة من الجانبين هداهم الله جميعًا، وأصلح أحوالهم، لينصلح بهم ومعهم حال «مصرنا» جميعًا، ألا وهي الفئة التي تتخذ العنف طريقًا.. والتطاول وسلاطة اليد واللسان سبيلًا.. والاعتداء على المصريين في أبدانهم وأموالهم وأعراضهم وسيلة لإثبات صحة وجهة نظرهم، وخطأ وجهة نظر الآخر، فإذا كنت تعرف أحدهم فانصحه علك تكسب فيه ثوابًا. .. سيمر «الاستفتاء» كما مر غيره، وستبقى مصر تواجه قدرها مع «بعض» أبنائها الذين يضرونها أكثر مما ينفعونها، وهم بذلك واعون أو مغيبون. وحفظ الله مصر وشعبها من كل سوء. [email protected] twitter@hossamfathy66