فى مشهد مهيب لم تعرفه غزة من قبل، احتفلت حماس بذكرى تأسيسها منذ اندلاع انتفاضة الحجارة عام 1987م، وبعد انتصار كبير فى حجارة السجيل فى مواجهة "عامود السحاب" كسر كبرياء نتنياهو وأجبره على توقيع اتفاق الهدنة بعد أن اخترق صاروخ "فجر 5" الذى لا تزيد تكلفته عن 5 آلاف دولار، "القبة الحديدية" الذى تكلف الصاروخ الواحد فيها 50 ألف دولار ووصل لأول مرة فى تاريخ إسرائيل إلى تل أبيب والقدس.. وكان الاستثناء الوحيد تاريخيًا هو صدام حسين رحمه الله.. أما صاروخ كورمنت المضاد للدبابات فهو الذى منع إسرائيل من ارتكاب حماقة اجتياح غزة. فى احتفال أقيم فى الهواء الطلق فى غزة شارك فيه لأول مرة ثلاثة آلاف متضامن عدّوا رفح وجاءوا ليعلنوا أن العالم لن ينسى مأساة شعب فلسطين وأن قضية فلسطين ستبقى قضية الضمير الإنسانى العالمى وليس قضية العرب فقط فى ظل معجزة المقاومة الفلسطينية الغزاوية والتى لا يمكن أن تقهر مهما بلغت آلة القتل الإسرائيلية ومهما تضاعف الدعم الأمريكى والأوروبى، وللأسف الدعم العربى الرسمى السرى لإسرائيل.. كانت كلمة السر وراء حصار وتجويع وإبادة شعب غزة هى حماس الإسلامية.. وقد كشف تقرير سرى خطير نشرته مجلة النيوزويك الأمريكية الطرق المبتكرة التى فقدها جواسيس فتح ضد حكم حماس لإظهارها أمام العالم أنها تنظيمية إرهابية، قال التقرير: فى عام 2007م وخلال سيرة احتفال الفتحاويين فى غزة بالذكرى الثالثة لوفاة ياسر عرفات تسلق أحد جواسيس فتح مئذنة مسجد الشيخ زيد القريبة وقام بتمزيق أعلام حماس الخضراء واستبدالها بأعلام فتح الصفراء، فى نفس الوقت أطلق قناص فتحاوى رصاصة على رأس رجل يهتف لحماس من الطابق الخامس فى بناية حجرية نهجورة سقط الرجل واندلعت معركة بين رجال حماس ورجال فتح قتل فيها 7 من متظاهرى فتح وجرح ما يزيد على 100 فى أسوأ اندلاع للعنف منذ حكم الإسلاميين فى غزة.. وارتفعت صيحات الاحتجاج العالمى وتعهد عباس بالإطاحة بهذه العصابة.. الجانب الأهم فى التقرير ولعله يلقى ضوءًا على ما يجرى فى مصر الآن هو أنه عند سؤال ضابط المخابرات الفتحاوى حول ما جرى وهل هو يمثل تكتيكات حرب العصابات؟ قال ضابط المخابرات إن ديكتاتورية حماس تحاول عمل من دون القوة ولذا علينا أن نحاول إجبار الديكتاتورية على اللجوء للعنف لكشف وجهها الإرهابى الحقيقى.. وقال عندما نقول للناس إن حماس سيئة فهم لا يصدقوننا.. لذلك يجب أن يشاهدوا بأم أعينهم ما تقوم به من أعمال عنف.. وما جرى أدى إلى انقلاب المشاعر الشعبية فى غزة ضد الإسلاميين.. انتهى. تاريخ حماس الإسلامية التى تواجه فتح العلمانية العميلة لإسرائيل يقول إنها منظمة أنشئت خصيصا لإنتاج الشهداء فى الداخل والخارج من طراز الشيخ أحمد ياسين مؤسس حماس والرنتيسى وأخيرًا الجعبرى الذى صنع بدمه الزكية معركة الانتصار الأخيرة.. وبالطبع لا وجه للمقارنة بين منظمة فتح التى أجرت إحلالا وتجديدا لتتحول إلى منظمة منتجة للعملاء فى الداخل والخارج أيضًا.. ماذا جرى فى الدنيا؟.. هل نقارن العملاء ب الشهداء؟ درس غزة الملهمة والتى يدفع شعبها ثمن انتخاب الإسلاميين هو درس الانقلاب العسكرى فى الجزائر بعد اكتساح الإسلاميين.. وهو درس شعب السودان الذى تقرر تقسيمه إلى دولتين عقب إعلانه تطبيق الشريعة الإسلامية، وهو درس المصريين الذين يدفعون ثمن انتخاب الإسلاميين والذين سرقوا الثورة من العيال العلمانيين فى الميدان.. الذين باعوا الثورة بعد أن لفظهم الشعب.. لكن من سوء حظهم أن الشعب اختار من لا يعرف سوى الانتصار. أخبار سارة الجيش يرفض دعوات إسقاط النظام ويرفض فى بيانه الهام جدًا والذى أذيع قبل ساعات قليلة من التئام الحوار الوطنى.. الحسابات الخاطئة التى لا تفرق بين متطلبات معالجة الأزمة وبين الثوابت الإستراتيجية المؤسسة على الشرعية القانونية والقواعد الديمقراطية.. يا سبحان الله الذين خططوا لإسقاط الرئيس هم الذين.. تذروهم الرياح.. أهم مغزى خلف قرار زيارة الأسعار فى هذا التوقيت الحساس هو ثقة القائد بنفسه وثقته فى شعبه.. لكن الأخطر هو أن القائد أثبت أن المعارضة فى وادٍ والشعب فى وادٍ آخر.