صفوت الشريف قال في مؤتمر نقلت وقائعه جريدة " المصري اليوم"، وربما صحف أخرى، انه لولا ان حلمي سالم قد استشكل في الأحكام القضائية الصادرة بإلغاء قرار تعيينه رئيسا لحزب الأحرار، لكان نفذ الأحكام علي الفور! وقد كنت ظننت للوهلة الأولى انه قال ما قال، نتيجة ان معلوماته القانونية، هي مثل معلومات أي عابر سبيل عن علوم الذرة، لكني بعد ان ذهبت السكرة وحلت الفكرة وقفت علي انه يكذب ويتجمل في نفس الوقت، صحيح انه في القانون " ميح"، لكن من المعلوم أيضا ان المستشار مجدي ابو النعاس، نائب رئيس مجلس الدولة السابق أحد مستشاريه القانونيين، واذا كان الرجل قد يقبل علي نفسه – بحكم عمله – ان يعمل ترزيا لجناب اللورد المهيب الرائد صفوت الشريف، ويبحث له عن تخريجات، ليزين بها سوء عمله حتي يراه حسنا، فان من الطبيعي انه بحكم كونه قاضيا سابقا بالقضاء الإداري، فانه يفهم في القانون، ومن المؤكد انه يحيط علما بالموقف السليم، قبل ان " يسوي" له فتوي تفصيل، ان لم يكن من باب الأمانة العلمية، فلكي يثبت له جهده الجهيد، وليؤكد له انه عقلية قانونية فذة، وحتي يبرر المكافأة التي يحصل عليها اول كل شهر! من المعلوم لأي طالب في السنة الأولى بكلية الحقوق ان أحكام مجلس الدولة، واجبة النفاذ، ولو في الشق المستعجل، مالم تقضي دائرة فحص الطعون بغير ذلك، وانه لا يجوز الاستشكال فيها أمام القضاء العادي، ففضلا عن ان هذا النوع من الاشكالات وان كانت في حكم العدم، الا ان أنها بالإضافة لهذا لا يترتب علي رفعها وقف تنفيذ الأحكام الصادر من القضاء الإداري، وهذا ما نص عليه قانون مجلس الدولة، ومبادئ المحكمة الإدارية العليا، وكذلك أحكام محكمة النقض، واخيرا حكم المحكمة الدستورية العليا! ومعني هذا، ان اللجوء الي القضاء للاستشكال في أربعة أحكام صادرة بإلغاء قرار لجنة شؤون الأحزاب، لا يوقف تنفيذ هذه الأحكام، التي كان ينبغي ان تحترم، وتنفذ، لولا اننا في بلد تنظر السلطة فيه علي ان أحكام القضاء تصدر للاسترشاد، وليس للتنفيذ، وقد ضرب صفوت الشريف بهذه الأحكام الأربع عرض الحائط وطوله، ووضعها تحت حذائه، وتحداها بدون خجل او وجل، فلم يلغ قراره سيئ السمعة بتنصيب سالم رئيسا للحزب، وانما تمادي في غيه، ومنحه خطابا، ليذهب به الي لجنة الانتخابات الرئاسية، ليجوز له الترشيح لهذا المنصب الرفيع، وحتي يلهف النصف مليون جنبها الدعم المقرر لكل مرشح، كما مكنه صفوت الشريف من لهف الدعم المقرر للحزب من الدولة والمحجوز بلجنة شؤون الأحزاب منذ وفاة مصطفي كامل مراد في سنة 98! الله وحده يعلم ما اذا كان رئيس الحزب المنصب هو من يستحوذ علي هذا الأموال، ام انه يتعامل بقاعدة ان من يأكل لوحده يزور، وان من عينوه يقاسموه فيها، لكن الذي نعلمه جيدا، ان أموال الأحزاب هي في حكم المال العام، واي تلاعب بها، يجرمه قانون العقوبات، ومعني هذا انه لو كان في هذا البلد قانونا يحترم، لتمت محاكمة المذكورين، الأول لأنه لهف، والثاني لانه سهل له عملية اللهف، ولا نظن ان هذا تم محبة في حضرة النبي، او حبا من قبل الثاني في سواد عيون الأول! لقد بدأت أزمة حزب الأحرار منذ وفاة رئيسه، وتدخلت أجهزة الأمن لتشعل نيران الفتنة، علي النحو الذي ذكر جانبا منه صديقنا طلعت السادات أمام محكمة القضاء الإداري- الدائرة الأولى، وكان هدف هذه الأجهزة ان تحملنا علي ان نرضخ لتعليماتها – التي هي اوامر - بقبول رئاسة سالم، الذي لا يمكن له ان يحرز نصرا من خلال المؤتمر العام للحزب، الا في حالة واحدة، وهي ان يترشح بمفرده، ولما كان طلب الأجهزة الأمنية، يبدو غريبا – ليس الطلب في حد ذاته – ولكن الاختيار الفج، مع احترامنا لشخص المختار، فقد رفضنا الانصياع، وعندها قيل يا داهية دقي! واذا كان هناك متنازعون جادون علي رئاسة الحزب، هم أولئك الذين ترشحوا عند فتح باب الترشيح علي الموقع بعد رحيل رئيسه – وقد كنت واحدا منهم – فقد زجت هذه الأجهزة بعدد من العناصر الموالية لها للنزاع بإرسال ورقة زفرة الي لجنة الشؤون يفيد كلا منهم انه اصبح رئيس الحزب، حتى اذا اجتمع الرجال علي كلمة سواء، تم استخدام هذا الركش في استمرار الفتنة، وبعضهم ليسوا فوق مستوي الشبهات، والبعض الآخر ليسوا أعضاء في هذا الحزب من الأساس، وبعضهم من صغار موظفيه! وبهذا الأسلوب أصبحت عقدة النكاح بيد جهاز مباحث امن الدولة، ولم تتدخل لجنة شؤون الأحزاب – التي أفسدت الحياة السياسية – في الأمر، وظلت تاركة الأزمة محتدمة، وكان قول رئيسها مصطفي كمال حلمي، انه ليس من صلاحياته ان يتدخل في الشئون الداخلية للأحزاب، وكانت هذه قولة حق يراد بها باطل! في اول يوليو 2002 تلقيت خطابا من قبل اللجنة المذكورة، يفيد انه لساعته وتاريخه فان النزاع علي رئاسة الحزب لا يزال ساريا، وان اللجنة تطالبنا بعقد مؤتمر عام لحسم هذا النزاع، ومرة أخرى تتدخل هذه الأجهزة فتشعل فتيل الأزمة بعد ان كانت قاب قوسين او ادني من انتهائها، فالرئيس لا يحب طلعت السادات، وحبيب العادلي لا يثق في رجب حميده، وصفوت الشريف وحبيب العادلي ويوسف والي وأمة لا اله الا الله لا يحبون سليم عزوز، ولا حل للازمة الا باختيار حلمي سالم، ولما لم يختار أعضاء المؤتمر العام حلمي سالم استمرت الأزمة! كان حلمي المذكور يقول لنا بالفم المليان، وعيانا بيانا، انه لا حل للازمة الا باختياره، وكنا نضحك في كل مرة، معتبرين انه يمزح، او انه يعطي لنفسه اكثر من حجمه، وفي كل مرة يثبت لنا بالدليل – الذي لا يخر الماء – انه لا يكذب ولا يتجمل! لجنة شؤون الأحزاب لم تتدخل لحسم النزاع، لانه ليس من صلاحياتها – قانونا – ان تتدخل في شؤون الاحزاب الداخلية، وفجأة تدخلت وحسمت واختارت، واذا كان من صلاحياتها الاختيار، فلماذا سكتت لمدة ست سنوات، واذا لم يكن من صلاحياتها فلماذا تدخلت في ديسمبر الماضي ونصبت حلمي سالم رئيسا بقوة السلاح! مهما يكن الأمر، فقد لجأت الي محكمة القضاء الإداري طاعنا في قرار التنصيب، وكذلك فعل كلا من طلعت السادات، وليلي عبد السلام، ومحمد فريد زكريا، وهم المتنازعون الجادون علي رئاسة الحزب، حيث تنازل الآخرون لسالم وببساطة، وحصلوا علي مواقع متقدمة في تشكيلاته! وفي 25 مايو الماضي صدرت الأحكام مؤكدة ان قرار تنصيب سالم تخلق في رحم البطلان، وانه ليس من صلاحيات اللجنة الإدارية ان تتدخل لحسم النزاع علي رئاسة أي حزب، لأنها هنا تكون مغتصبة للسلطة، وحتى الآن لم تنفذ هذه الأحكام! ولم يكن الأمر مفاجأة لنا، فقد كان الرئيس المنصب يقول في كل مكان ان " صفوت بيه" ( الذي اصبح بيه في هذا الزمن الأغبر) أكد له ان علينا عندما تصدر الأحكام ان نبلها ونشرب ماءها، ولم نكذبه هذه المرة، فالأيام أثبتت انه لم يكن البته " فنجري بق"، وعهدنا به ان صادق لا يكذب، ومن ينبئك مثل خبير! لقد صدرت الأحكام، لكننا لن نبلها أبدا، وسنظل ندافع عن شرعيتها، ونناضل من اجل إقرارها، فلسنا رجالا أبدا، ان تقاعسنا عن عودة حزب الأحرار الي الشعب المصري وهو المختطف من قبل جهاز امن الدولة، ومن قبل الحزب الوطني الحاكم وبزعامة صفوت الشريف صاحب التاريخ الوظيفي المشرف، وليس في الأمر شجاعة منا بقدر ما فيه من منطق! لقد بلغ الأمر بصاحب التاريخ الوظيفي المشرف جدا ان أرسل الي لجنة انتخابات الرئاسة خطابا يفيد ان حلمي سالم من له الحق للترشيح منافسا للرئيس مبارك، لسحب البساط، من تحت أقدام طلعت السادات يبدو لان الرئيس فعلا لا يحبه، وبالتالي لا يريد ان يكون منافسه، ومن الواضح ان الحزب الحاكم يختار منافسيه، فقد عين صفوت الشريف حلمي سالم رئيسا لحزب الأحرار المعارض، وفي اليوم التالي كان يجلس بجواره، فيما سمي بالحوار الوطني، فالحزب يختار منافسيه ومحاوريه! وعندما قاطعت أحزاب المعارضة الحقيقية كان المذكور واحدا من عشرة استمروا في الحوار، ليتفاخر صفوت الشريف بدون يهتز له رمش بأن المعارضة مستمرة في الحوار، فاته ان العدد في الليمون.. لا حظ ان اثنين آخرين كانا يشاركان في الحوار من نوعية حلمي سالم وقد صدر قرار تعيينهما من قبل المشلوح صفوت الشريف! ومن عجب، بل لا عجب، انه في هذا الوقت الذي كان صفوت يتعامل مع حلمي علي انه رئيسا للأحرار، ويسعي بوجوده ان يعيد الي الوجوه الكالحة الدم الهارب، كان الحبر الذي كتبت به الأحكام الأربع بإلغاء قرار تعيينه لم يجف، وقبل بلغ من تبجح القوم، انهم نصبوا له حراسة، بها ثلاثة ضباط شرطة، وسيارة مصفحة تحتوي علي خمسين جنديا، غير أمناء الشرطة، تحرس المحروس علي مدار الساعة، وترابط بجوار مقر الحزب بشارع الجمهورية ليلا ونهارا، حتي تمنع ايا من الصادرة لهم أحكام قضائية واجبة النفاذ من ان " يهوب" ناحية الحزب، فمن يرش الرئيس المعين لحزب الأحرار المعارض بالماء سترشه في التو واللحظة القوات الباسلة بالرصاص الحي، وفي سويداء القلب، وقبل ان يرتد الي الراش طرفه، وقد انشغل وزير الداخلية وقوات أمنه بأمن المذكور عن أمن الوطن، الذي تعرض لامتحان قاس في شرم الشيخ وقد غرق في شبر ماء! ويا عزيزي صفوت، اذا كان مجدي ابو النعاس قد تحول الي ترزي من عينة فتحي سرور، فها انا ذا أحيط سيادتك علما ان ما بحوزتنا من أحكام هي واجبة النفاذ، ولا يوقف تنفيذها اشكالات اونطة لم نخطر بها.. وشرفك! [email protected]