أكد فضيلة الشيخ مصطفى العطفي وكيل وزارة الأوقاف السابق وعميد معهد إعداد الدعاة، أن المسجد الأقصى له مكانة مقدسة في الإسلام وأنه ليس مكانًا تاريخيًا أو مزارًا أثريًا إسلاميًا كما تروج وسائل الإعلام الإسرائيلية ووسائل الإعلام الموالية لها ولكنه مكان مقدس. وأضاف العطفي أن القدس ليست مجرد أرض محتلة، وإنما هي حرم إسلامي مقدس، وقضية عقدية إسلامية، ولا يكتمل إيمان المسلم إلا بالإيمان بها والاعتقاد بقدسيتها، مؤكدًَا أن تحريرها من يد اليهود الغاصبين إنما هو تأكيد على مكانتها وقدسيتها، وأن الجهاد من أجل تحرير القدس الشريف واجب شرعي على كل مسلم. وأضاف الشيخ مصطفى العطفي بمناسبة ذكرى "اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني": لقد خص القرآن الكريم المسجد الأقصى بالذكر ورفع منزلته حين جعله ربنا سبحانه وتعالى مسرى عبده وحبيبه سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم، حيث قال جل شأنه: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير" . والمراد بالبركة المذكورة في الآية الكريمة في قوله تعالى الذي باركنا حوله: البركة الحسية والمعنوية، فأما الحسية فهي ما أنعم الله تعالى به على تلك البقاع من الثمار والزروع والأنهار، وأما المعنوية فهي ما اشتملت عليه من جوانب روحية ودينية، حيث كانت مهبط الصالحين والأنبياء والمرسلين ومسرى خاتم النبيين، وقد دفن حول المسجد الأقصى كثير من الأنبياء والصالحين وفي مسجده الصخرة المشرفة، وفيه الحلقة التي ربط النبي بها البراق وبمسجدها صلى النبي إماما بالنبيين والمرسلين، وفي بيت المقدس بشر الله زكريا بيحيى عليهما السلام. وسخر الله لداود الجبال والطير في بيت المقدس، ويهلك الله يأجوج ومأجوج في بيت المقدس وفي الأقصى ولد عيسى عليه السلام في المهد في بيت المقدس وأنزلت عليه المائدة فيها ورفعه الله إلى السماء منها وينزل من السماء فيها ليقتل المسيح الدجال، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم تجاه بيت المقدس قبل توجهه إلى البيت الحرام ستة عشر أو سبعة عشر شهراً وورد في آثار عديدة أن المحشر والمنشر في بيت المقدس وغير هذا من الفضائل كثير. وأضاف فضيلة الشيخ مصطفى العطفي أن فضائل بيت المقدس لا تعد ولا تحصى وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم في أكثر من موضع، مثل قوله تعالى"سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"، وقال تعالى: "ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين"، وهذا حكاية عن الخليل إبراهيم عليه السلام في هجرته الأولى إلى بيت المقدس وبلاد الشام. وقال تعالى: وأورثنا القوم الذين كانوا يُستَضْعَفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها" وفي قصة سليمان عليه السلام يقول سبحانه وتعالى: "ولسليمان الريح عاصفةً تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها"، وقال تعالى على لسان موسى: "يا قوم ادخلوا الأرض المقدّسة التي كتب الله لكم". وعند حديث القرآن عن هناء ورغد عيش أهل سبأ، يقول سبحانه: "وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرىً ظاهرةً"، وهي قرى بيت المقدس كما روى العوفي عن ابن عباس. ووصف القرآن أرضها بالرَّبوة ذات الخصوبة وهي أحسن ما يكون فيه النبات، وماءها بالمعين الجاري قال تعالى: "وجلعنا ابنَ مريم وأمّه آيةً وآويناهما إلى ربوةٍ ذات قرارٍ ومعينٍ"، "قال الضحاك وقتادة: وهو بيت المقدس قال ابن كثير: وهو الأظهر"، كما أن القدس الشريف هي أرض المنادى من الملائكة نداء الصيحة لاجتماع الخلائق يوم القيامة كما قال سبحانه: "واستمع يوم يُنادي المُنادِ من مكانٍ قريبٍ". وأضاف العطفي لقد ورد في شأن بيت المقدس في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما يؤكد مكانتها وقدسيتها فعن ميمونة مولاة النبي -صلى الله عليه وسلم، قالت: "قلت يا رسول الله: أفتنا في بيت المقدس"، قال: "أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلوا فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيره، قلت: أرأيت إن لم أستطع أن أتحمل إليه؟ قال: فتهدي له زيتا يسرج فيه، فمن فعل فهو كمن أتاه". وعن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال: "ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الدجال، فذكر الحديث وفيه "علامته يمكث في الأرض أربعين صباحا، يبلغ سلطانه كل منهل، لا يأتي أربعة مساجد: الكعبة ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى والطور" وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حوله، وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله، لا يضرهم من خذلهم ظاهرين على الحق - إلى أن تقوم الساعة". وعن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قال: "قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال: المسجد الحرام قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فان الفضل فيه". روى الطبري في تاريخه عن قتادة، قال: كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وبعدما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهرًا ،وروى أحمد في مسنده عَنْ ذِي الأصَابِعِ قَال: "قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: عَلَيْكَ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكَ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ وَيَرُوحُونَ" .