... ببلاد فوضى ستان, أصدر أمير البلاد قرارات ولا تعليق, فهال من صدمتها الصديق, وتلمز غيظًا من قوتها أبو حمالة البطريق, وثار في وجهها قاطعو الطريق, ووجدها فرصة سانحة المستثار الزنان, وجماعة من عبيد الفساد و الغلمان.. المهم يا سيدي, يقول أبو هشام بن تغري بردي, بعد حمد الله أن صار الحال على قدي: "عقد بعض قضاة ذلك الزمان البعيد, مؤتمرًا سمع به أهل الشام و الصعيد, وأنذروا فيه الرئيس المنتخب, ولوحوا بشرارات اللهب... فتساءل الكاتب الغلبان: هل يستطيع أغلب من ظهروا بالمؤتمر, المستثار منهم والمستثر, أن ينزلوا الميدان, ويقودوا المظاهرات بكل مكان,.. أم أن جزاءهم الطرد والتأديب, كما حدث مع سامح بك نقيب الذيب, باعتباره من الفلول ورمزًا للغول؟ فيا سبحان خالق الصدف, وجاعل بعض الوجوه تستحق الركل والكف... ويا حناينك يا خالقي وخالق المستثار الزنان, ومفضل الإنسان عن بني الحيوان..., ويا رحماك يا جاعل بفوضى ستان نائبي عموم, واحدًا بدار العدل العالي والثاني بقصره العالي. وكانت يا كرام, عمومية ولا بالأحلام, غاب عنها كثير من قضاة الزمان, واختلط فيها الحابل والنابل والسارق والثعبان... والتحمت طبقات الشعب الكادحة بطبقات الشعب الطامحة بطبقات الشعب المستقبحة, على ذئاب الشعب التي برأها القضاء في وقعة الناقة, وقيل إن الناقة عشراء أو عاشوراء أو عاشور وربما ابن قضاء الله منصور, فيا سبحان الواحد من ليس باثنين ولا ثالث, الكل في واحد في الطرف الثالث.. ويحكي أبو هشام عن أن الناس في تلك الأيام, تحدثوا بالمشهد العجيب.. وهو أقرب للتأديب.. حيث قام قاضٍ, بضرب زميل له قاض... وقيل إن المضروب قال لمن يتصدرون, اتقوا الله الذي إليه تُرجعون... فما كان إلا والأكف عليه, تارة تضربه وتارة تشد أذنيه.. حتى انتهى المسكين إلى الأرض, وقام شاكيًا لخالق الأرض.... فقلّب ابن تغري بردي يديه, وبدل بيتًا للمتنبي بين يديه: يا ضاربًا أخاه (إوعى) أن تعاملني فيك الخصام وأنت الخصم والحكمُ وما إن رأي أبو هشام, المتهم بجوار القاضي, والمحامي جانب الحرامي حتى ختم بدموعه, مرددًا بيتي ابن أبي ربيعة: أيها المنكح الثريا سهيلاً عَمْرَك الله كيف يلتقيانِ هي شامية إذا ما استقلت وسهيل إذا استقل (حرامي) "ملحوظة هذا جرى بزمان ابن تغري بردي أبي هشام, يعني لا مؤاخذة على الكلام". [email protected]