نريد إرساء تقاليد الشفافية السياسية ، فليس الأمر أننا عدلنا المادة الكسيحة 76 في الدستور ، ولكننا نريد الشفافية السياسية ، فنحن نريد أن نعرف صحة الأنباء التي تحدثت عن أن حجم ثروة الرئيس مبارك بلغ 45 مليار دولار ، كما نريد أن نعرف صحة الأنباء التي تحدثت عن أن نجل الرئيس مبارك جمال تاجر في ديون مصر المعدومة وكسب من وراء ذلك حوالي 750 مليون جنيه مصري وهذا الكلام قاله لي أيمن نور بنفسه ثم نشره في جريد الغد بعد ذلك وهو يتحدث عن وجود وثائق لديه بهذا الخصوص وأنه لا يقول كلامه من فراغ . وكانت أنباء تحدثت عن حجم بيزنس العائلة الرئاسية المرعب في وقت يعاني فيه المصريون من استفحال البطالة والفقر والتفاوت الطبقي وغياب العدالة الاجتماعية . وحيث أن مبارك مرشح للرئاسة لفترة جديدة ومعني الترشيح أنه في موضع الاختيار يعني ممكن أن يحصل علي ثقة الناس أو يفقدها ، فالناس تريد أن تعرف حجم ثروة الرئيس مبارك وعائلته وتريد أن تعرف من أين أتت هذه الأموال ؟ وماهي مصادرها ؟ حتي تطمئن وتقدم علي قرار مناسب بشأن من تختاره لمنصب الرئيس . وعلمت من أحد المقربين من الحزب الوطني والنافذين داخله في جلسة جمعتني به وتحدثت معه عن هذا الموضوع أن القانون لا يمنع مساءلة الرئيس عن ثروته ولكن البرلمان لا يستخدم هذا الحق . وبعض المصادر الغربية تتحدث عن أن الرئيس مبارك يعد من أكبر عشرة أثرياء علي مستوي العالم كله , هناك قانون في الدولة اسمه قانون من أين لك هذا ؟ نريد أن نفعله ونطبقه ونعرف كم تبلغ ثروة رئيسنا القادم ؟ وكم تبلغ ثروة أولاده والعائلة ؟ وماهو رصيده في البنوك والعائلة ؟ وهل هذا الرصيد موجود هنا في بنوك الدولة الوطنية أم أنه مهرب إلي خارج البلاد في البنوك السويسرية والأوروبية . نحن نريد أن نعرف ؟ والناس تريد أن تعرف ؟ وحيث أن لغطا ونكاتا كثيرة ذكرت عن حجم مشاركات عائلة الرئيس لكبار رجال البيزنس في مصر مقابل حمايتهم من دفع الضرائب للدولة وهو حق مهم يساوي حق المواطنة بحيث أن من يتهرب من الضرائب يمكن أن يسجن بل ويسقط حقه في المواطنة من الأساس ولا يجوز له أن يرشح نفسه للرئاسة . وبهذه المناسبة أيضا نريد معرفة هل يدفع الرئيس مبارك والعائلة الضرائب المستحقة عليهم للدولة في وقت تشكو فيه الدولة المصرية من التهرب الضريبي علي أوسع نطاق ومن جانب كبار رجال الأعمال والبيزنس الذين يسيطرون علي الحزب الوطني الحاكم والذي سيتحملون تكاليف الحملة الانتخابية للرئيس ؟ إننا نريد بيانا من الحملة الانتخابية للرئيس ومن المشرفين عليها يكون شافيا ً للصدور والنفوس بحجم ثروة الرئيس وعائلته وأولاده ؟ كما نريد أن يلغي تماما بند المصاريف والنفقات السرية التي تؤخذ من ميزانية الدولة لمؤسسة الرئاسة ؟ نريد للبرلمان أن يراقب هذه المصروفات .؟ وأن يعرفها ؟ ويعرف أوجه إنفاقها ؟ فليس معقولا أن تعرف مصادر المخابرات والميديا الغربية هذه المخصصات السرية ولا يمكن للبرلمان أن يعرفها ويعرف أوجه إنفاقها ؟ الملك فاروق في الدراسة التي كتبها الصديق والزميل عبد الخالق فاروق كان له ولأسرته مخصصات ملكية ولكنها لم تكن سرية بل كانت متاحة ومعروفة وتفصيلاتها واضحة لا لبس فيها ولا غموض . والبرلمان كان علي علم واضح بهذه المصاريف والمخصصات ، وفي الدول الغربية وأمريكا التي لم يستشهد بها أحد من الحزب الوطني في هذا السياق أبدا كما يستشهدون بها في تبرير فسادهم واستيدادهم تعتبر أن معرفة حجم ثروة الرئيس وعائلته وإقرار الذمة المالية له ، وثروته من أين اكتسبها وفيما أنفقها ؟ كل هذا هو جزء من التقدم الطبيعي للترشيح للرئاسة . نحن نتوقع أن يعلن مبارك غدا في خطابه الذي يدشن به حملته الانتخابية عن ثروته ومصادر أمواله ومن أين اكتسبها ونريد معرفة ثروة أولاده والعائلة ، واللغط الذي دار حولها وصل الرئيس وهو علي علم به . ومن ثم لابد وأن يطمئن الرأي العام علي نزاهة رئيسه المقبل لمدة ست سنوات طويلة ، ونظافة ذمته المالية وسلامتها حتي نبدأ أول خطوات الاقتناع بالتصويت له . ولو لم يعلن للرأي العام مايطمئنه في هذا السياق فلا شك أننا مقبلون علي انتخابات مزورة ، والتي ستكون فاتحة لتطورات حقيقية نحو التغيير الذي لا بد وأن يكون الشعب والجماهير والنخب مستعدة له .