أراد الله سبحانه أن يجعل رسالته الخاتمة في غير بني إسرائيل, فكانت بعثة النبي (ص), وعلى إثرها ظهرت عداوة يهود لهذه الأمة وهذا الدين, لقد أعلنها صريحة حُيي بن أخطب بعد أن قابل النبي (ص) في المدينة وتيقن أنه هو النبي الخاتم, فسأله أخوه: أهو هو؟ قال: نعم.. فسأله أخوه مرة ثانية: وماذا تفعل؟ أجاب: عداوته ما حييت.. لذلك لن يحسم الصراع معهم بمفاوضات أو معاهدات.. قد تبدو موازين القوى لصالحهم.. قد تبدو ظروف الأمة المبتلاة بحكامها في صالحهم. قد يبدو أن أغلب القوى العالمية معهم. لكن, تبقى المقاومة هي الحل الأنسب والأنجح وأحسب أنه هو ما يُرضي ربنا ومولانا. عتب الشيخ حسين يعقوب في أحداث غزة 2008 على حماس أنها دخلت حرب مع الصهاينة (ولم يكن ذلك بإرادتها فقد قام العدو بالعدوان عليها فقاومت) وتهكم على صواريخها وقال: (إنها ما تخرمش حيطه)!!.. واستنكر شيوخ أجلاء ذلك, وكان الشيخان الجليلان (حسان والحويني) في مقدمتهم.. كان حديث الشيخ يعقوب وقتذاك بعيدًا عن راوابط الإيمان والإخوة والأمل. قتلاهم وقتلانا كشفت أحداث غزة 2012 أن مبارك ليس وحده الكنز الاستراتيجي للصهاينة, لقد وجدنا أن بعض السياسيين والإعلاميين في مصر وعالمنا العربي يريدون دفع الأمة دفعًا إلى الانبطاح للصهاينة, ما بين قائل (مصر أولًا), وآخر يربط بين (الإخوان وحماس)، وثالث يعتقد (جهلًا) أن أمن مصر القومي يجب أن يظل داخل حدود الوطن.. إنهم قطعًا هم في حالة ذهول عن قراءة الواقع والتاريخ.. ولذلك لم يستطع صهاينة مصر إخفاء صداقتهم للصهاينة وعداوتهم لكل ما هو إسلامي, وذلك باستخدام أقنعة الواقعية والربح والخسارة وموازين القوى, وقال أحدهم: إن حماس مات منها أكثر من مائة ومات من اليهود أقل من عشرة, وهذه تبدو من الوهلة الأولى أنها خسارة, لكننا تعلمنا من ديننا أن قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار, وتعلمنا من الواقع والتاريخ أن موت يهودي واحد يزرع الفزع في قلوب ملايين منهم, وأن موت فلسطيني واحد يبعث في نفوس أهله وإخوانه الرغبة في المقاومة والاستشهاد, ولذلك قال أحد الفلسطينيين (الموت فينا والفزع فيهم).. هل كان من المتصور أن يقول المجرم ناتانياهو: إننا نبحث عن هدنة طويلة الأمد؟... وهل قطعت هيلارى كلينتون رحلتها الأسيوية مع أوباما لتأتي مسرعة إلى المنطقة لنجدة الفلسطينيين؟ لقد أتت لتبحث عن مخرج للصهاينة يُخرجهم من مستنقع الحرب؟ هل اتصل أوباما في يوم واحد بالرئيس مرسي 3 مرات سعيًا لحقن الدم الفلسطيني؟ قطعًا لا.. كان يسعى لإخراج الصهاينة من الملاجئ. لإخراجهم من الفزع.. هزيمة الصهاينة.. هنا وهناك بنظرة واقعية, وفي ظل تردي حالة الأمة المأزومة بحكامها, فإن المشروع الصهيوني ينهزم, فكيف هو الحال لو نهضت الأمة وتقدمت واستقلت إرادتها ؟ نحن لا نردد كلامًا إنشائيًا عاطفيًا.. لكنه مبني على وقائع محددة, منها: 1/ حينما تسعى أمريكا ويوافق الصهاينة سريعًا على وقف إطلاق النار وتشترط حماس أن يتضمن هذا الاتفاق إطلاق حرية عبور الأفراد والبضائع عبر كل المعابر فتتخلص غزة من عزلتها ويوافق الصهاينة فهذا نصر. 2/ إن المشروع الصهيوني طرح منذ البداية قيام دولة إسرائيل من النيل إلى الفرات, وهاهم يتقزمون داخل جدران وأسوار أقاموها داخل المناطق المحتلة الخاضعة لسيطرتهم. 3/ إن فكرة قيام دولة لإسرائيل كانت بمثابة الحلم والنجاة ليهود العالم, لأنهم كانوا مصدر قلق وقلاقل في كل دولة عاشوا بها, وكانوا يشعرون بالخطر الدائم من ردة فعل الشعوب التي يعيشون معهم.. وكانت فكرة جمع شراذم اليهود من الحارات التي يعيشون فيها في مختلف دول العالم ليكونوا في وطن واحد, وباجتماعهم معًا يستطيعون حماية أنفسهم في وطن آمن مستقر.. الآن أصبحت (فلسطينالمحتلة) هي أخطر مكان على وجه الأرض يمكن أن يعيش فيه اليهودي, وهي المكان الذي لا تتوقف فيه صافرات الإنذار, وهي المكان الذي يضطرون فيه إلى الاختباء في الملاجئ, وهي المكان الذي يُعالجون فيه نفسيًا من آثار الخوف والفزع, بينما يعيش اليهودي الآخر في ألمانيا أو روسيا أو أمريكا أكثر أمانًا, ولذلك بدا واضحًا سقوط نظرية الوطن الآمن وبدأت الهجرة العكسية من الأراضي المحتلة إلى خارجها وليس العكس. إن شبابًا من هذه الأمة أسقطوا بعض طواغيتها الذين كانوا يتسلحون بأقوى آلات القمع, وشبابًا من هذه الأمة لم يخشوا دولة تتسلح بأقوى وأحدث أسلحة العصر فقاوموهم وأدخلوهم الملاجئ خوفًا وفزعًا.. إن هذه الأمة ستستكمل (بفضل الله) طريقها للتخلص من صهاينة الداخل والخارج, إننا ننتصر وهم ينهزمون.. والمستقبل لنا إن شاء الله, والمستقبل لهذا الدين كما بَشّر صاحب الظلال.. [email protected]