نشرت صحيفة الأهرام في صفحتها الخارجية ( 29 / 5 ) أن بابا الفاتكان صرح في نهاية زيارته لبولندا والتي أختتمها بقداس خاشع وسط خامات اليهود في معسكر أشوفتيز لسجناء الحرب في عهد النازي بأنه يجب مناهضة العلمانية ونشر المسيحية في أرجاء العالم. هذا الكلام بالطبع لا يحلم أحد في مصر ( شيخ الأزهر والمفتي وغيرهما ) على أن يقوله أو حتى يفكر فيه بل العكس فهناك من المنسوبين إلى الدين ممن يحرمون الآذان ويغلقون المساجد العامرة من هم على استعداد للدعوة للعلمانية باعتبارها هي جوهر الإسلام أو هدفه النهائي وهناك بالطبع تصريحات رئيس الوزراء التي اعتذر عنها أصحابه بأن ثقافته إنجليزية وأنه لا يخالف الدستور بالإنجليزي ، وأن كان يخالفه بالعربي. وهناك عدد من أصحاب الأعمدة بجريدة شبه رسمية يؤيدوا وبإلحاح الدعوة إلى العلمانية باستماتة وبغوغائية وبزيف وعندما يرد عليهم أحد يهجمون ويعلنون أنهم تعرضوا للتكفير وأنهم سوف يذهبون سريعا ضحايا لرصاص المتطرفين إلى جنة العلمانية اللحاق بسلفهم الصالح . وهناك كذلك التلميحات المتكررة من هنا وهناك حول ضرورة العلمانية الدستورية والقانونية والاجتماعية كحل سحري لكل المشاكل وضرورة أن يقترن ذلك بضرب لاهوادة فيه للاسلام والإسلاميين . كل هذا من جانب ودعوة البابا في جانب أخر ولو أن أحد الساسة أو المفكرين في تركيا مثلا دعا إلى نشر الإسلام في العالم ( بدون الدعوة إلى مناهضة العلمانية ) ، لحوكم وأعدم معنويا بل وجسديا بتهم الإرهاب. هذا هو نصيب العلمانية من حرية الرأي ففيها الحرية الوحيدة هي حرية البعض في فرضها بالقوة والقهر على المجتمع لاسيما الإسلامية وبشكل نهائي رغم أنها قائمة على مفاهيم النسبية في كل شيء في مواجهة المطلق الديني ولكن العلمانية نفسها تحولت إلى مطلق وحيد يجب كل ما عداه. كان من المفترض أن يصيب تصريح البابا العلني هذا البعض في مصر بالعار والخزي لكنه لم يفعل بل نشر في نفس الصفحة التي تنشر فيها أخبار دعوات للعلمانية في بلاد الإسلام وكان يفترض أن يؤدي هذا التصريح عند البعض إلى مراجعة سياسة رد الإسلام وتقليصه وسياسة الهجوم على الإسلام واستئصاله التي أصبحت البضاعة الوحيدة للمرحلة لكنه لم ولن يفعل. أصبحت الجنة الموعودة على بعد أشهر قليلة ففي نوفمبر تعديلات الدستور التي ستصلح الكون وفي أكتوبر نظام شامل للتأمين الصحي يفعل الأعاجيب ومع بداية دوره مجلس الشعب القادمة شفط أموال المعاشات بحجة استثمارها فيما سينفع البلاد والعباد ( الإسرائيلية والأمريكية ) ومع بداية العام الدراسي ستجري المعجزات على يد هيئة الرقابة على جودة التعليم . ( جودة التعليم وليس جودة الجبن الرومي ) مادامت الأشهر القادمة ستكون أشهر المعجزات والخوارق فالشعب يلح ويتمني أن تضاف خارقة أخري لها هي خارقة ومعجزة التوريث وظهور جيل العباقرة الذين سوف يحققون معجزة إباده مصر من كل الوجود. [email protected]