حزب الجبهة الوطنية يعلن تشكيل أمانة إدارة الأزمات والتدخلات العاجلة    مجلس الاتحاد اللوثري: خفض المساعدات يهدد القيم الإنسانية والتنمية العالمية    نقابة المهندسين بالإسكندرية تستقبل حُجَّاجها العائدين من الأراضي المقدسة    إزالة 93 حالة تعد بمراكز ومدن أسوان ضمن الموجة ال 26    إعلام عبري: إصابة 12 إسرائيليًا بجروح خطيرة جراء سقوط صواريخ إيرانية في حيفا    إعلام إسرائيلي: 12 إصابة على الأقل في حيفا جراء الهجمات الإيرانية اليوم    سقوط صاروخ إيراني في حيفا.. وانفجارات تهز تل أبيب ومناطق إسرائيلية أخرى    صراع بين الأهلي والزمالك على لاعب البنك    رسميًا.. برشلونة يعلن التعاقد مع خوان جارسيا لمدة 6 سنوات    محافظ القاهرة السابق يستعد لإجراء جراحة بمستشفى الشرطة بعد إصابته بجلطة    مصرع شاب في مزرعة استثمارية بالفرافرة بعد سقوط ماسورة ري على رأسه    عرض "سترة" بمهرجان الفرق المسرحية مساء اليوم    شيرين رضا: جمالي نعمة حذرني منها والدي    أحمد سعد ينجو من حادث سير مروع: العناية الإلهية تنقذ الفنان وأسرته من الموت المحقق    طرح البوستر الرسمي لنجوم فيلم "أحمد وأحمد"    الصحة: مكافأة تشجيعية للفرق الطبية بمستشفيات الدقهلية وجزاءات للمقصرين    للأفضل أكاديميا.. إدراج جامعة سيناء بتصنيف التايمز 2025 (تفاصيل)    دون تأثير على حركة الملاحة.. نجاح 3 قاطرات في إصلاح عطل سفينة غطس بقناة السويس    «الداخلية»: القبض على قائدي سيارة ودراجة للسير برعونة في الإسكندرية    ضبط سائقين للسير برعونة وأداء حركات استعراضية على الطريق بالإسكندرية    العثور على جثة شاب بها طلق ناري بطريق الملفات بصحراوي قنا    بسبب دعوى خلع.. الداخلية تكشف تفاصيل فيديو اعتداء سيدة على أخرى بالدقهلية    موقع عبري: مليار شيكل يوميا لتمويل الحرب على إيران    سفير تركيا بالقاهرة: نعارض تهجير الفلسطينيين من غزة.. وندعم تطلعاتهم المشروعة    وزارة النقل: وصول أول قطار للخط الرابع للمترو مايو 2026.. ودراسة تنفيذ مراحل جديدة    الشيوخ يفتح ملف التنمر داخل المدارس بحضور وزير التربية والتعليم    الصفحة الرسمية لوزارة الأوقاف تحيي ذكرى وفاة الشيخ المنشاوي    «لا مبالاة؟».. تعليق مثير من علاء ميهوب على لقطة «أفشة»    الصحة: فرق الحوكمة والمراجعة تتابع 392 منشأة صحية وترصد تحسنا بمستوى الخدمة    محافظ الإسكندرية يشهد فاعليات الحفل الختامي للمؤتمر الدولي لأمراض القلب    حريق في سيارة نقل محملة بمواد كحولية بالشرقية    نجم اليوفي مطلوب في الدوري السعودي    شرطة إسرائيل تمنع آلاف الفلسطينيين من أداء صلاة الجمعة بالأقصى    "التنمية المحلية × أسبوع" رصد أنشطة الوزارة خلال 13–19 يونيو 2025    "القابضة لمياه الشرب" تعلن فتح باب القبول بالمدارس الثانوية الفنية    الصحة الإسرائيلية تعلن إصابة أكثر من 2500 شخص في الهجمات الإيرانية    وزير الدفاع الإسرائيلى: نواصل مهاجمة المنشآت والعلماء لإحباط البرنامج النووى لإيران    أول ظهور ل هدى المفتي بعد أنباء ارتباطها بأحمد مالك (صورة)    وفقًا للقانون.. ما الحالات التي تسقط فيها نفقة العدة والمتعة للمطلقة؟    فيتسل: سعيد باللعب بعد 6 أشهر صعبة    طائرة في مران ريال مدريد استعدادًا لمواجهة باتشوكا    نتيجة الشهادة الإعدادية 2025 الترم الثاني محافظة القليوبية.. استعلم فور اعتمادها    حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر    تشغيل مستشفى القنطرة شرق بعد تطويرها بتكلفة 400 مليون جنيه    أسرار استجابة دعاء يوم الجمعة وساعة الإجابة.. هذه أفضل السنن    القومي للأشخاص ذوي الإعاقة يشارك في احتفالية مؤسسة "دليل الخير"    إير كايرو تتعاقد على طائرات جديدة لتعزيز أسطولها الجوي خلال مشاركتها في معرض باريس للطيران    حسن الخاتمه.. مسن يتوفي في صلاة الفجر بالمحلة الكبرى    رئيس وزراء جمهورية صربيا يزور المتحف الكبير والحضارة    الإسلام والانتماء.. كيف يجتمع حب الدين والوطن؟    محافظ أسيوط يوجه بتخصيص أماكن لعرض منتجات طلاب كلية التربية النوعية    إدراج 20 جامعة مصرية في النسخة العامة لتصنيف QS العالمي لعام 2025    بنجاح وبدون معوقات.. ختام موسم الحج البري بميناء نويبع    أوقاف شمال سيناء تطلق حملة موسعة لنظافة وصيانة المساجد    البوري ب130 جنيه... أسعار الأسماك في أسواق كفر الشيخ    إنتر ميامى ضد بورتو.. ميسى أفضل هداف فى تاريخ بطولات الفيفا    التشكيل المتوقع لمباراة فلامنجو وتشيلسي في كأس العالم للأندية    الاتحاد الأفريقي يعلن مواعيد دوري الأبطال والكونفدرالية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بين ولادة دولة مسيحية في السودان وتفجير كنيسة الإسكندرية
نشر في جود نيوز يوم 08 - 01 - 2011

في كتابه "خريف الغضب" يشير محمد حسنين هيكل إلى خلاف الرئيس أنور السادات مع البابا شنودة بسبب تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
ورأى السادات في حينه أن وثيقة الصلح مع إسرائيل ستشجع جماهير الشعب المصري على زيارة الأماكن المقدسة. وتوقع من الأقباط أن يستأنفوا رحلاتهم للمواقع التاريخية المسيحية في فلسطين التي توقفت بعد حرب 1967. ولكنه فوجئ برفض اقتراحه من قبل البابا شنودة الذي شرح له موقفه بالقول: "أنا لا أرى الوقت مناسباً لاستئناف سفر الحجاج الأقباط إلى القدس. كما لا أريد أن يكون أقباط مصر هم خونة الأمة العربية".
ويقول سليم نصار، كاتب وصحفي لبناني بجريدة الحياة في عددها الصادر اليوم، كان من الطبيعي أن يغضب السادات من الموقف السلبي الذي واجه به البابا شنودة اقتراحه. لذلك عاقبه بالمضايقة والمقاطعة والعزل. كذلك عاقبته الصحف باعتباره اتخذ موقفاً مناقضاً لنهج الدولة وتوجهاتها. وقد اضطرته ضغوط الحملات الإعلامية إلى الاستعانة بالماضي لتبرير تصلبه حيال المعتقدات الدينية اليهودية. واعترض في الوقت ذاته على محاولة تسييس موقفه لجني مكاسب داخلية تظهر السادات بمظهر الرئيس القادر على تنفيذ ما وعد به زعماء إسرائيل.
يوم السبت الماضي أعاد الإعلام الأجنبي وقائع تلك المرحلة الحرجة، مستغلاً الهجوم الانتحاري الذي استهدف "كنيسة القديسين" في مدينة الإسكندرية، ليذكّر العرب بالموقف الوطني المشرف الذي وقفه البابا شنودة خلال مرحلة التطبيع مع إسرائيل.
وأصدر الرئيس حسني مبارك بياناً استنكر فيه الجريمة المخيفة، ووعد بالاقتصاص من الجناة الذين اعتبرهم "عناصر خارجية غريبة عن طبيعة الشعب المصري". وكان بهذا الكلام يعبر عن اقتناعه بأن المواطن المصري الذي ألف مجتمع الانصهار الوطني يرفض النيل من وحدة الأقباط والمسلمين. وقد شاركه موقف الاستنكار والإدانة جميع الوزراء الذين اعلنوا رفضهم تحويل مصر إلى عراق آخر. وكانوا بهذه المقارنة يشيرون إلى المذبحة التي ارتكبها رجال "القاعدة" في كنيسة "سيدة النجاة" في بغداد يوم 31 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي حيث سقط 58 قتيلاً من المصلين.
هروب آلاف المسيحيين
عقب حدوث تلك المجزرة هرب آلاف المسيحيين باتجاه كردستان وسورية والأردن، بانتظار الانتقال إلى أي مكان آمن يستقبلهم كلاجئين. ومع أن موجة هجرة المسيحيين العراقيين لم تبدأ بعد هذه المجزرة بالذات، إلا أن عجز الدولة عن تأمين حمايتهم اجبرهم هذه المرة على النزوح بشكل جماعي. وتقدر وكالة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن عدد النازحين وصل إلى نصف مليون نسمة من اصل مليون مسيحي كانوا يقطنون بلاد الرافدين.
وذكرت صحيفة "صوت العراق" أن المسيحيين يتلقون رسائل تهديد عبر الهاتف أو المواقع الإلكترونية تطالبهم بمغادرة البلاد. ونشرت أيضاً اعترافات يروي مطلقوها أن جماعات ملثمة تدعوهم إلى اعتناق الإسلام أو مواجهة الموت.
ومع أن رئيس الوزراء نوري المالكي طمأن المسيحيين إلى وجود حراسة مشددة حول كنائس المدن، إلا أن وزير الداخلية في الوقت ذاته طلب منهم القيام باحتفالات متواضعة أثناء الأعياد، وملازمة منازلهم إذا أمكن.
منذ شهرين عرض زعيم كلداني على السلطة في بغداد، فكرة إقامة "كانتون" آمن في سهل نينوى حيث يمكن للمسيحيين ممارسة حرية العبادة والعيش بأمان. ورفضت السلطة المركزية هذا الاقتراح، لأنه في نظرها يؤسس لعملية تفكيك وحدة الدولة. كذلك رفضت حكومة كردستان تأييد هذه الدعوة، لأنها تطالب بضم منطقة نينوى - ذات الغالبية المسيحية - إلى دولة الأكراد مستقبلاً.
مدير "التحالف الأميركي - الأشوري" والمحاضر في جامعة شيكاغو المر آبو، يفسر اضطهاد الأقليات المسيحية من قبل مسلمين متطرفين، بأنه اعتداء على أصدقاء الغرب الذي شن حرباً على العراق من دون ذنب.
وصرح ناصر شرهوم إلى مراسل صحيفة "نيويورك تايمز"، أن فراره مع عائلته إلى مدنية اربيل الكردية، ليس اكثر من عملية لجوء موقت بانتظار خلو العراق من كل الأقليات مثل السريان والكلدان والأرمن والأرثوذكس والأشوريين والصابئة واليزيديين. ومثل هذه التوقعات المتشائمة وجدت من يرددها في الصحف والقنوات الأجنبية التي ادعت أن مصر لم تعد بمنأى عما حدث في العراق وما قد يحدث في السودان.
وحول هذا الموضوع، نشر عدد من المحللين مقالات ترجح توقيت عملية كنيسة الإسكندرية بالتزامن مع احتمال قيام دولة مسيحية في جنوب السودان.
واقع جديد على حدود مصر الجنوبية
ومع ولادة واقع جديد قرب مصر، كثرت التكهنات حول أهداف الأزمة التي بدأت مطلع السنة الماضية في كنيسة مدينة "نجع حمادي" في الصعيد. يومها أطلقت النار من سيارة مسرعة على المصلين، الأمر الذي أدى إلى مقتل ستة مسيحيين وإصابة تسعة.
وعندما توعدت "القاعدة" بالانتقام من الأقباط في مصر، سارعت الدولة إلى تشديد الإجراءات الأمنية حول الكنائس وأديرة الرهبان. وقبل نهاية السنة الماضية حصلت صدامات بين الشرطة والأقباط بسبب تحويل مبنى تابع للكنيسة إلى كنيسة مستقلة من دون الحصول على ترخيص رسمي. وأدى الخلاف إلى مقتل بضعة متظاهرين واعتقال 160 متهماً بأعمال شغب.
الانفصال القبطى والسوداني
وادعى بعض مفسري الترابط الزمني بين موعد انفصال جنوب السودان وموعد تفجير كنيسة الإسكندرية، أن المخطط هو واحد. وبحسب تحليلهم فإن افتعال الحادث الدموي قد يحرض عشرة ملايين قبطي على إحياء نزعة قديمة تتلخص بطلب إنشاء دولة مستقلة في أسوان أو أسيوط. وعلى رغم دحض البابا شنودة الثالث لهذه المزاعم، إلا أن المخططين المجهولين يتوقعون ظهور تيار الانفصال إذا عجزت الدولة عن تأمين الحماية للمواطنين الأقباط.
طموحات "القاعدة" ب"تنظيف" الشرق الأوسط من المسيحيين والأقليات
وخوفاً من تكرار هذا الحادث، أوصى البابا شنودة بضرورة تخفيف مظاهر احتفالات رأس السنة عند الأقباط، لأن القاهرة ضبطت سلسلة أوامر مرسلة من منظمات إرهابية في العراق وأفغانستان، تدعو إلى ضرب الكنائس في مصر. وتطالب هذه المنظمات باسم "شبكة شموخ الإسلام" و "دولة العراق الإسلامية" إلى تحقيق طموحات "القاعدة" حول أهمية "تنظيف" المنطقة من المسيحيين والأقليات.
ويبدو أن كنائس فرنسا وألمانيا وبريطانيا كانت مستهدفة خلال هذه الفترة بدليل أن الحكومة الفرنسية حذرت الجالية القبطية (عددها 250 ألف نسمة) من مخاطر عمليات إرهابية اعتقلت قوى الأمن بعض العناصر المتهمة بتدبيرها.
في تعليقه على حادث الكنيسة، قال جمال مبارك إن هذه الجريمة البشعة لن تنال من وحدة المصريين. ومثل هذا الكلام المطمئن ردده مفتي مصر الدكتور علي جمعة، وشيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب الذي انتقد دعوة البابا لحماية مسيحيي الشرق، ووصفها بأنها تدخل في الشؤون الداخلية!
بين الأسماء المرشحة للوقوف وراء عملية كنيسة الإسكندرية اسم الدكتور ايمن الظواهري، الوكيل الحصري لأسامة بن لادن. وقد اتهمته بعض الصحف المصرية بأنه يحرض الجيش على القيام بانقلاب عسكري يلغي استمرارية الناصرية التي توارثت الحكم منذ انقلاب 1952. ويعتقد الظواهري أن نظام مبارك لا يحتمل صدمة دموية أخرى كالتي حدثت في الإسكندرية من دون أن يفسح المجال لعودة الجيش على أن يكون حكمه مباشراً وقاسياً. ومثل هذا التغيير يخلق شرخاً بين الرئيس مبارك والولايات المتحدة التي تطالبه بكثير من الديموقراطية مقابل قليل من المساعدات.
وترى القاهرة أن ايمن الظواهري لا يختلف في طموحاته عن مرشده اسامة بن لادن الذي يحلم بالعودة إلى موطنه الأصلي اليمن وينتزع الرئاسة من علي عبدالله صالح. تماماً مثلما كان يخطط حليفهما أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتل في العراق عقب سلسلة تفجيرات في الأردن كانت ابشعها التفجير الذي أودى بحياة عدد من الأبرياء بينهم المخرج مصطفى العقاد (11 تشرين الثاني - نوفمبر 2005).
بقي التذكير بأن الإعلام الأجنبي تعامل مع انفجار كنيسة الإسكندرية بكثير من القسوة، وحاول أن يرجع أسبابه إلى ظروف محلية تتعلق بقضايا التوريث والانتخابات والتمديد للرئيس مبارك.
ومن اكثر الصور تأثيراً في الرأي العام، كانت الصورة التي وزعتها وكالات الأنباء ونشرتها كل الصحف الأميركية ومعظم الصحف الأوروبية. وهي تمثل المسيح على الصليب، وقد شوهت وجهه وثوبه الأبيض بقع الدماء التي قذفتها شظايا القنبلة. واستخدمت نشرة كنسية هذه الصورة لتكتب تحتها طلبة يرددها الأقباط في صلواتهم: مثلما احتضنّا يسوع في حال الخطر... نطلب من يسوع أن يحتضننا في أيام الخطر. ويعود تاريخ هذه الطلبة إلى حكاية لجوء يوسف ومريم إلى مصر لتهريب الطفل يسوع من قرار قتل الأطفال في عهد هيرودوس الروماني. وقد صدر ذلك القرار بعدما صلى المجوس في مزود البقر، وتنبأوا بظهور ملك مخلص من خارج روما.
ظلم هيرودوس
واليوم، يكثر أقباط مصر من ترديد هذه الطلبة، لعل البلاد التي أنقذت يسوع من ظلم الإمبراطور هيرودوس، تنقذهم من "الأباطرة" الجدد الذين يطالبون بحكم العالم من مغاور "تورا بورا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.