الحدث وقع مساء يوم الخميس 25 مايو الماضى ! فبعد انتهاء وقائع الجمعية العمومية للصحفيين المصريين ، وبعد انقضاء الوقفة الاحتجاجية التى جمعت المئات من الصحفيين والنشطاء السياسيين ، فى ذكرى انتهاك أعراض فتيات حركة " كفايه " وبعض الصحفيات الآخريات ، يوم الاستفتاء الدامى ( 25 مايو 2005 ) ، اختطفت عناصر من مباحث أمن الدولة ، عضو حركة " كفايه " الشاب محمد الشرقاوى ، بينما كان فى الطريق بصحبة مجموعة من الصحفيات ، فى سيارتهن . انقض زبانية القمع على السيارة فحطموها ، وأخرجوا منها الشرقاوى ، وجرجروه على أسفلت الطريق فى تقاطع شارعى عبد الخالق ثروت وطلعت حرب ، وأمام المارة ، وفى وضح النهار ، صعدوا به إلى مدخل عمارة رقم 15 ش عبد الخالق ثروت ، حيث انهالوا عليه بالأحذية والقبضات ، حتى أدموه تماما ً ، وكانوا قد أتوا – بذات الطريقة – بزميله الشاب أكرم الشاعر ، ونال ما ناله الشرقاوى من عقاب وحشى (!) ، وثالثهم كان الصحفى أحمد صلاح الذى أوسع ضربا ً ، ثم ألقى به إلى قارعة الطريق ، بينما نقل الإثنان الآخران إلى قسم بوليس قصر النيل ، حيث نظمت حملة تعذيب واغتصاب وضيعة ، شارك فيها بانحطاط لا مزيد عليه " باشوات " مباحث أمن الدولة الساديون ، ومخبرون جهلاء متوحشون ، وضباط مجرمون ، وعساكر انتزعت من قلوبهم الرحمة ! ، وعلى امتداد أربع ساعات كاملة عاش الشابان تجربة الموت الفعلى من العذاب والألم الجسدى والنفسى ، قبل أن يحولا إلى التحقيق ، فيقفان أمام وكيل نيابة ، يرفض أن يحولهما إلى مستشفى للعلاج أو أن يسمح لأطباء متطوعين بتطييبهما ! وأكثر من هذا ف " يكافئهما " بالحبس خمسة عشر يوما ً ! . وإذا وضعنا إلى جانب هذه الصورة المقيتة ، ملامح صور أخرى لا زالت ماثلة فى الأذهان ، صور الضرب بالأقدام والأحذية والهراوات والدروع والقنابل المسيلة للدموع ، لمئات من المتظاهرين المصريين ، من الأخوان ومن حركة " كفايه " ، ومن غيرهما من قوى المعارضة والتغير ، وكذلك صور تحويل القاهرة إلى ثكنة حربية واحتلالها من قبل قوات الأمن المركزى ومكافحة " الإرهاب " طوال الأسابيع الماضية . . لأدركنا – بدون عناء – أن مصر تعيش حقا ً مرحلة من " أزهى " مراحل حياتها ( حسب التعبير الشهير ) ، حيث الموت والتعذيب والخطف والاعتقال ، على المكشوف ، هو رمز هذه المرحلة وعنوانها البارز ! . الهدف : قهر إرادة الشعب ، وإعادة مصر إلى المعتقل ، كما كانت قبل عامين ، وإكمال الحصار حول الحلم الذى انطلق فى سماء البلاد . لكن هذا هو الوهم بذاته فالسهم الذى انطلق لن يعود إلى غمده أبدا ً ، ورحلة التغيير التى بدأت لن تتوقف مطلقا ً إلا ّ فى المحطة الأخيرة : محطة الانتصار . قال محمود درويش ذات يوم : " يا دامى الكفين والعينين إن الليل زائل لا غرفة التوقيف باقية ولا زرد السلاسل وحبوب سنبلة تجف ستملأ الوادى سنابل ! " . . . وكان يتحدث عن الاحتلال الإسرائيلى لفلسطين ! [email protected]